عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
ألم تعاقب الشخصية الاسلامية البارزة “زكي بن ارشيد” في حزب جبهة العمل الاسلامي الأردني لأنه كتب ما قيل أن فيه إساءة للإمارات العربية ، وقد جرى سجنه عدة سنوات على ذلك، وقيل حينها أنه أساء لدولة عربية ولقيادة عربية واعتبر ذلك قاعدة انطلق منها المسؤول الأردني من أن أي إساءة لمسؤول عربي يعكر صفو العلاقات ويستلزم العقوبة..
ما شاهدناه وسمعناه أمام السفارة الفلسطينية قبل ثلاثة أيام من هتافات فيه إساءة للأشقاء الفلسطينيين وقيادتهم على خلفية اغتيال “نزار بنات”، وهي قضية منظورة لم يبت القضاء فيها بعد ، وتلتزم القيادة الفلسطينية التي تحملت مسؤولية التحقيق وبلوغ العدالة في القضية بما يترتب عليها من نتائج ..
الهتافات التي اطلقت أمام السفارة بحضور الأمن كانت مسيئة ومحرضة ، وكان أصحابها يطلقونها تحت الكاميرات، فلماذا لم يجر وقفهم أو استجوابهم أو إدراجهم في العرف أو القانون الذي طبق على غيرهم..
ولأن “الولد الهامل بجيب لأهله المسبّة” كما يقولون بالعامية ، فإنني أحذر من استمرار فلتان هؤلاء الذين يصرخون ويكتبون عبر السوشيال ميديا من أن يدمروا علاقات الأردن مع السلطة الفلسطينية، وهي العلاقات التي حافظت عليها الأردن والسلطة في حال حسنة ومرونة ومشاورات..
ونتوقع كما جاء في الأخبار أن يلتقي جلالة الملك بالرئيس محمود عباس بعد أيام وقبيل مغادرة جلالة الملك إلى الولايات المتحدة ..
ظل الأردن يحمل القضية الفلسطينية قضيته المركزية الأولى في كل المحافل الدولية انتصاراً لها وتحريكاً ايجابياً من أجل حقوق الشعب الفلسطيني، وقد دفع الأردن ثمنا للأمساك بحل الدولتين، ورفض كل المخططات التي تستهدف القضية وخاصة “صفقة القرن” وأكد على الثوابت..
لا نريد أن نعود إلى المهاترات والتحريض وشد الحبل ، فلدى الفلسطينيين والأردنيين ما يكفي من قضايا ومشاكل تنتظرهم ويبحثون عن حلول اقتصادية واجتماعية لها..
ثمة أطراف عديدة تدفع بالعلاقات التاريخية باتجاه التعكير والصيد فيها، وهذا يستلزم حمايتها وابعادها عن التصعيد ومنع أصحاب أي أجندات مهما تذرعت من اصابتها، ولذا فإن الطرفين مدعوان للحفاظ على هذه العلاقات المصيرية سواء في الاردن أو فلسطين ، لأن الاساءة إليها هناك أو هنا له أثار سيئة على الشعبين ومصالحهما باعتبار أن هذه العلاقات مختلفة عن أي علاقات بين بلدين عربيين أو غير عربيين لحساسية هذه العلاقات ..
هنا لن نسمح لأحد أن يسيء لمواقف الأردن لا بالمزايدة ولا بالمناقصة، وهذا ينسحب على مواقفنا في الحرص على عدم الاساءة للسلطة الفلسطينية ، وعلى الذين يريدون انفاذ اجنداتهم من خلال الأردن أن يتوقفوا وهم كثيرون إذا ما فتح المجال لهم ولذا اقتضى الأمر أن يعاقب كل من يريد المس بالعلاقة بين البلدين والشعبين وأن يمنع من ذلك.. وأن لا يتكرر ما حدث أمام سفارة فلسطين في عمان لأنه غريب على التقليد الأردني الذي ظل حريصا ومسؤولاً، فالتعبير عن الرأي شيء والإساءة بالشكل الذي سمعناه ورأيناه يحدث شيء آخر..
لا أحد مع جريمة اغتيال “نزار بنات” وعلى الذين خرجوا أن يتنظروا ما تقوله العدالة الفلسطينية عن الحادث ، فهناك ما خفي وهو أعظم وستضع السلطة النقاط على الحروف لتقطع الطريق على الاحتياطي الاسرائيلي في الشارع الفلسطيني وفي مناطق أخرى تستطيع اسرائيل أن تلعب في ملاعبها بأشكال مختلفة..
العدالة لـ “نزار بنات” والعزاء الحار لأهله وذويه ، ولن تسكن روحه إلا بمعرفة الجناة ومعاقبتهم.. أليس هذا ما يسعى الجميع له ممن آلمهم الحادث ؟ وغير ذلك فلتتوقف الاصوات الأخرى التي تجلب المتاعب وتسيء للمقدس من العلاقات..
“واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة”
11
المقالة السابقة