عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
القيادة الفلسطينية أكثر ادراكاً ووعياً من ان تزج نفسها في هكذا موقف “وفاة المعارض بنات” والشعب الفلسطيني وقد وقع ما وقع من قضاء وقدر أوعى من ان يذهب الى صراع ينتظره عدوه ليشمت و يستفيد.. فالعدو الذي لا يسره ان يتجاوز شعبنا هذه الفجيعة يريد ان تقع الفتنة باشكالها..
لا أحد ضد التحقيق وان ينال الفاعلون قصاصهم وقد ذهبت السلطة الى قبول شركاء في التحقيق استجابة لبعض مطالب الراي العام ، وذلك رغبة منها الوصول الى الحقيقة ومعرفة خفايا الموضوع الصادم ومن يقف وراء ذلك..
لا يجوز ان يتشتت الشعب الفلسطيني على مجموعة كبيرة من الجبهات، كما لا يجوز استمرار اختبار مواقفه الكفاحية..
القيادة الفلسطينية مع التحقيق والوصول الى العدالة، وقد بادرت على كل مستوياتها فلا احد فوق القانون خاصة ان الفلسطيني جرب كل اشكال الاضطهاد والمطاردة، فهو لا شك في تفكيره الجمعي حريص ان لا يكون عكس قناعاته..
لم تكن السلطة الوطنية الفلسطينية وقيادتها إلا من العدالة وجعل القانون يأخذ مجراه، وهناك مجموعة كبيرة من الوقائع والحيثيات تثبت ذلك، ولعل منها جعل قضية الفتاة المقتولة إسراء غريب، تصل الى العدالة ويقدم الجناة الى المحكمة رغم كل الضغوط، وهناك حيثيات اخرى بادر الرئيس عباس الى ازالة كل العقبات من طريق وصولها الى العدالة..
المفروض ان ترتفع الاصوات العاقلة لتطالب بالذهاب الى العدالة والى المحكمة، و ان تراقب ذلك لا ان يسمح لدعاة الفوضى والتخريب وشق الصفوف وادخال حصان طرواده، فالوضع الفلسطيني لا يحتمل ذلك، ولا يحتمل العبث بالامن او استعمال القوة .. لا شك ان هناك فاعلين في قضية “بنات” فمن هم ومن يقف وراءهم ؟ وهل خططوا لذلك؟ ومن الذي دخل على خطوطهم أواغواهم..
شخصيا لا اعتقد ان الرئيس عباس يقبل ما جرى وهو بالتأكيد سيتصدى لما جرى لاظهار العدالة ولن يداري على احد مهما كان، وله في ذلك مواقف عرفناها أصر فيها على انفاذ العدالة ومعاقبة الجناة ..
قد يفاجئ الجمهور بعناصر غائبة عن قضية وفاة المغدور “بنات” وهذا يقتضي انتظار التحقيق والكشف عن كل الخبايا فمن هو صاحب المصلحة في قتله؟ وهل تدرك السلطة عواقب ذلك او مخاطره خاصة في هذا الظرف..
اعتقد من خلال حدس وليس معلومات أن ثمة عناصر وعوامل دخلت على خط المغدور “بنات” لكي تصل النتيجة الى ما وصلت اليه ويجعل الشارع الفلسطيني مرشحا للتوتر والغضب والفوضى..
اتمنى على الدكتور “اشتيه” رئيس الوزراء انفاذ ما قاله من سرعة التحقيق وتمكين العدالة من النفاذ والسماح باطراف اخرى غير السلطة المشاركة في التحقيق، وهذه الاستعدادات هي المطلوبة ،ولا اعتقد ان تتطلعا للعدالة في مرحلة التحقيق وما قبله يطالب باكثر حتى اذا ظهرت الحقيقة كانت المطالبة بالقصاص الذي تفترضه الجريمة ..
لا نريد ان نقع بين حدي الفاسق والنبأ بل لا بد من التحقيق ومعرفة الدوافع والاسباب، ومن صاحب المصلحة في الجريمة التي هزت الكثيرين..
انا واثق من ان الرئيس عباس سيرمي بثقل صلاحياته كلها في اطار البحث عن الحقيقة، وسيجعل هذه القضية تصل الى العدالة تماما لينال الجناة عقوبتهم ويرتاح مجتمعنا الفلسطيني، ويدرك ان القيادة لا يمكن ان تلتف على التحقيق..
هناك اطراف تريد ركب موجة الحادث وهذه الاطراف معروفة وموجودة، وهي أيضا اطراف سياسية تريد انتهاز هذه الفرصة المؤلمة لتحشر مواقف ومطالبات سياسية ليس مكانها وفاة المعارض “بنات” وانما هدفها مُبيت وقد وجدت هذه القوى التي لا تشعر بالمسؤولية إزاء امن المجتمع الفلسطيني فرصتها لاثارة الفتنة..
شعبنا يعيش ظروف عصية وكله يدفع ثمنها وقيادة وشعبناً، ولذا لا بد من الحذر والانتباه ورص الصفوف والمطالبة بالعدالة والابتعاد عن المزايدات..
وعلى حماس وغيرها ان تتوقف عن التحريض والاتهام فالذي “بيته من زجاج لا يرجم بالحجارة” واذا كانت حماس حريصة على وحدة الشعب الفلسطيني ومصالحة المهددة الآن في القدس وغيرها حيث استهداف التمثيل الفلسطيني ومنظمة التحرير، فعليها ان ترفع صوتها عاليا وان تطالب بالهدوء والذهاب الى العدالة والتحقيق الذي يضمنها، وان تبدي حرصا شبيه بالحرص الذي ابداه الرئيس عباس حين ادرجت حماس دوليا في اطار الارهاب وكان صوته مرجحا وانقذها به حين صوت ضد ذلك لاقتناعه..
ثمة اطراف خارجية الان نلاحظ مواقفها المشينة من خلال اعلامها “اعلام الفتنة” تحاول صب الزيت على النار، وتحاول الاصطياد في المياه بعد تعكيرها، الذي تقوم به وهذه الاطراف عربية وغير عربية يجب الانتباه لها وادانتها، وعلى هذه الاطراف ان تتحسس رؤوسها وان تراجع سجلاتها الطافحة بالمخالفات..
سيبقى النضال الفلسطيني فوق كل الاعتبارات ويسمو فوق الفتنة والدم والقتل، فالاصل هو تحرير الارض والانسان ايضا، ولولا الانسان الفلسطيني ما كانت المقاومة او المقاومة مرتبطة بالانسان وحقوقه، وهذا ما يدعو له الرئيس عباس وما يصر عليه الان كما سمعناه دائما..
ان قتل المغدور بنات جريمة يستحسن الاعتذار بسببها..