عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب ..
طوال معركتنا مع الكورونا صمد جنود مجهولين وغير مجهولين ، وسجلوا صفحات من الانجاز الذي يعتز به مجتمعنا، فقد كنّا في صفوف دول العالم التي لم تهزمها الكورونا ولم تهدم استعداداتها وسيمضي الوباء أو الجائحة وتظل ذكريات هبوبها وقد تركت بصمات في وزارة الصحة -خندقنا المتقدم- حيث الجيش الابيض الباسل من أطباء وممرضين وإداريين تحملوا مسؤوليات ودفعوا كلفة الصدام..
المعركة لا تختصر بالوزير فقد تبدل الوزراء واستمرت المعركة، وإنما المعركة بكل عناصر وزارة الصحة وخاصة اولئك الذين يتخذون القرارات على كل المستويات..
استوقفني مدراء مستشفيات في البشير وحمزة والملكة علياء وكلهم من وزارة الصحة، وقد أبلوا بلاء حسناً ، فكان منهم الدكتور محمود زريقات الذي أصبح أمينا عاماً وقد ترك بصمات في الخدمة العامة لا يمكن تجاوزها، وهو يستحق عليها الثناء.. كما كتبت عن مدير مستشفى الأمير حمزة الدكتور ماجد نصير الذي ما زال في وزارة الصحة يعمل كما عهدناه في قيادة مستشفى الأمير حمزة ويعرفه المرضى الذين كان يسهر على رعايتهم ويستمع لكل شكوى منهم..
يستوقفني اليوم بشكل لافت شخص مسؤوليته يصل تعدادها الملايين في العاصمة عمان .. إنه مدير صحة العاصمة الدكتور نايف الزبن الذي ما زال يتوق إلى ساعات نوم إضافية، فقد انكسر عليه نوم عام كامل منذ خرج للمواجهة في إدارة صحة العاصمة حتى اليوم..
سمعة الرجل عطرة فقد استند إلى والد عصامي هو رائد في أهله ووجيه بارز فيهم، وتعلم منه أدب المجالس والحرص على الاستقبال الجيد وسد الحاجات وإغاثة الملهوف ، وقد حرص على طاقم موظفيه من حوله ، حسن استقبال المراجعين وحلّ مشاكلهم حتى أصبح على لسان كل مراجع ممن يقصدونه لمعاملاتهم..
الوالد الراحل “منور الزبن” وهو بدوي ضرب مثلاً في التحضر ليس من خلال وظيفته في خط أنابيب H4 و H5 أي خطوط النفط من حيفا إلى العراق قبل نكبة 1948 ، وإنما من خلال الحرص على أن يُدرس أولاده الطب ، فكانوا قد تخرجوا أطباء منهم وزير والدكتورة التي أصبحت عيناً فكانوا خير خلف لأميز سلف..
التقيت الدكتور نايف واستمعت لطبيعة العمل، والرجل الفاضل لم يشكُ ولم يتذمر كما يفعل الموظفين والمدراء في غالبية من أقابلهم ليظهروا أنهم وحدهم وإنما أثنى على دور وزارة الصحة ووزرائها المتعاقبين، وذكر ميزاتهم وكشف عن انجازات كبيرة مستمرة وصاعدة الآن ومن متابعات دقيقة..
الرجل لم يحصل على إجازة وحتى الإجازة القصيرة التي حصل عليها لبعض أيام تقطعت باستدعاء حضوره المستمر لتوقيع معاملة أو متابعة أو مرافقة الوزير أو التوجه لتوقيع اتفاقية أو إلى المطار ..
الزبن المستبشر دائما يجعلك تحس أن وزارة الصحة هي الأعظم والأهم، خاصة في هذا الزمن الصعب بحديثه المتزن وابتسامته المستمرة وطيب القهوة المقدمة من لدنه ..
لدى الزبن خطط في تقسيم العاصمة وفي تعزيز امكانية اطرافها ليتساوى الجميع في الخدمة رغم قلة المستشفيات الحكومية كالبشير الذي يغطي جنوب العاصمة ولا يقوى على أن يلبي كل الحاجات ، إذ ما زلنا بحاجة إلى مستشفى جنوب العاصمة على طريق المطار ليغطي كل الاطراف الجنوبية من قرى وبوادي، رغم أن المستشفيات المتنقلة ما زالت مخصصة للكورونا إلى أن ينحسر الوباء.
المهارة وحسن التدبير هي في القدرة على صمود كل الوسائل وبقاء المستشفيات فاعلة وقادرة ومبادرة ، وهذا ما يؤمن به الزبن ويعمل على توفيره دون كلل أو ملل..
الزبن جندي معلوم لدى مئات الالاف ممن يراجعون صحة العاصمة، وهو مُحب للناس بقدر محبة الناس له أيضا..
الصحـة.. جنـود غير مجهولين..
13
المقالة السابقة