عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
ما زال الرئيس محمود عباس وهو أحد القادة التاريخيين في انطلاقة ثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة يشكل العنوان الرئيسي لهذه الثورة وامتداداتها وثمارها القائمة منظمة التحرير الفلسطينية التي جرى تجديدها ومازال يجري والسلطة الفلسطينية القائمة ..
ما زالت البوصلة بيد القيادة الفلسطينية التي يتعامل معها العالم، وما زالت قيادة الرئيس عباس امينة على العمل الفلسطيني بكل اشكاله النضالية والكفاحيه والمقاومة والاشكال الحياتية والانجازية الاخرى التي ابدع فيها الفلسطينيون منذ أقاموا سلطتهم التي تفوقت كثيرا على اشكال عربية مضى على بعضها ما يزيد عن نصف قرن واكثر..
كل الاطراف الدولية المحبة و غيرها ترى في قيادة الرئيس عباس العنوان الوحيد ان ارادت ان تتعامل مع القضية الفلسطينية، لان العناوين الاخرى التي يحاول البعض تلميعها لا توصل ومقطعة وليس لها روافع وطنية او مسوغات شرعية..
كان الرئيس عباس هو اول القادة واكثرهم وضوحا في اطلاق شعار المقاومة الشعبية الواسعة والعريضة التي تمكن كل الاطراف الفلسطينية وعموم الشعب الفلسطيني من الانخراط في اطارها ولا يجعل المقاومة صفة لفئة او حكرا على فئة، اذ يستطيع كل فلسطيني وطني على ارض وطنه ان يقاوم بذلك الشكل الشعبي ما دام حرا ..
الرئيس ابو مازن هو الشخصية الفلسطينية الوحيدة الان الذي يستطيع ان يجمع كل فصائل العمل السياسي والوطني الفلسطيني حين يدعوها وقد فعل، وجربنا ذلك قبل ان تتوجه الفصائل للاجتماع في تركيا وحتى القاهرة وحيث تكون المصلحة الوطنية، فلقد ظل يجسر بين هذه الفصائل ومكونات العمل الوطني وظل يحرص ان يكون الجميع موجودا و مسموعا ومحترما..
الرئيس عباس لا يستثني احدا ولا يهمش أو يتجاوز اي طرف فلسطيني يمكن ان يقدم شيئا او يصب جهده في الاطار الوطني، ولذا ظل باب النداء مفتوحا لمن يرغب في ان يضيف..
رغم الصعوبة فقد ظل الرئيس عباس يرى ضرورة اصلاح المسيرة وتحديدها وجعلها قادرة بمؤسسات العمل الوطني للمنظمة وخارجها ان تكون رافعة قوية للعمل الوطني والذي بدأ ببناء هذه المؤسسات التشريعية والتنفيذية، فقد انجز انتخابات المجلس الوطني ودعا له مجددا، كما اقام اطارات اللجنة المركزية والتنفيذية وبنى اطارات الحوار ووفر له المناخات الصحية والمناسبة في القاهرة، وحيث انعقد أو يعقد واوصى من اندبهم للحوار بالعطاء والمرونة والتوافق وتجاوز كل العثرات..
ورغم الموقف الصلب الذي أبداه ابو مازن في وجه الادارة الامريكية السابقة الرعناء، إلا ان الامريكيين في غالبيتهم السياسية وحتى في الادارة الحالية وجدوا ان ابو مازن هو العنوان ، وان أي راغب في الحديث مع الفلسطينيين وقضيتهم لا يمكن تجاوزه ، وهي الرسالة التي وصلت ايضا لبعض الاوروبيين مثل المستشارة ميركل وغيرها، ولذلك جاء الموقف الاوروبي ليصب ايضا في نفس الاطار..
القيادة الفلسطينية الشرعية في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس.. يدرك عباس ان الخل او الخردل وان تجاوز اليمين الاسرائيلي ليس سهلا، وان اليمين يكاد يكون “ملّة واحدة” وان اختلفت مذاهبه وفقهاؤه ، ولذا فان المرحلة مازالت خطرة، وحين كان الرئيس يحذر من استمرار نتنياهو ونهجه فقد كان يقرأ بدقه من رحل من القيادات الاسرائيلية ومن سيأتي دون ان يخدعه شيء وهو العارف بالافعى وجلدها و تغيير ثوبها في المواسم..
القيادة الاسرائيلية اليمينية التي شكلت حديثا منذ ايام قد لا تكون افضل من سابقاتها، ولكن رسالة الرئيس ابو مازن وصلت اليها وهي لا تستطيع مهما شربت من السمية ان تتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني ومصالحه حتى وان بدت تفعل ذلك، فقد استقرت هذه الحقوق ليس في وجدان الشعب الفلسطيني وارادته فقط بل وفي معتقد ورأى كثير من دول العالم التي عادت تؤكد على هذه الحقوق من خلال حل الدولتين..
المفترض ان تدرك حماس الان ان الشخصية الوحيدة التي تستطيع ان تسوق دوليا اي انجاز للشعب الفلسطيني هو الرئيس عباس وقيادته، وان حصاد حماس سيبقى في الحقل غير محمول الى البيدر ان لم يقيم الرئيس عباس بذلك، لانه القادر على تمرير الانجازات وبيعها للعالم مقابل مواقف سياسية داعمه.. ظل الرئيس عباس الى جانب غزه ولم يخطئ البوصلة حتى حين كانت غزة تقاوم العدوان وظل يدعمها بكل ما تستطيع السلطة، وظل صوتها لدى العالم حين عتمت اسرائيل على شعب غزة وهدمت البيوت على رؤوس الاطفال، وقدمت صمود غزة على انه ارهاب..
اليوم على حماس ان تدرك ان صمود غزة هو صمود الشعب الفلسطيني، وان هذا لا يعطيها امتياز الخروج عن الحوار الفلسطيني الفلسطيني او خربشته، وانه لا بد من انجاز هذه الحوار الذي يعني المصالحة واعاده بناء التمثيل الفلسطيني وكسب الجولات القادمة..
ما زال الوضع هشا ومازال وقف اطلاق النار هدفه برسم توافق اليمين الارهابي الاسرائيلي، ولعل هذا الوقت هو الانسب لتمكين الرئيس ابو مازن من السعي بالقضية بما يتوفر من اوراق لتكون حماس في مواقفها سندا له وليس لاضعافه..
ولذا فان القيادي خالد مشعل هو الذي يجب عليه ان يكون الاكثر ادراكا لدور ابو مازن في هذه المرحلة، وبالتالي تمكينه من اداء دوره الذي لا يتوقف في حدود فتح، وانما لكل الشعب الفلسطيني بلا استثناء..
جولات الرئيس عباس القادمة ما اقر منها وما لم يقر ستكون مداميك اضافية في بناء الدولة الفلسطينية العتيدة، التي باتت قاب قوسين او ادنى، واذا كان العالم غير المنصف قد اجل قيامها كثيرا حين سكت على ارهاب الدولة الاسرائيلية فان على حماس ان تصب جهدها الان الى جانب اقامه هذه الدولة ، سيما وان اطروحاتها السياسية الجادة تدعو الى ذلك..
ابو مازن اليوم لا خوف عليه وهو الاقوى ويترسخ تمثيل الشعب الفلسطيني من خلاله، ولن تستطيع الاصوات المتحشرجه والتى تنفخ في قربه مخزوقة ان تنال منه ولو جندت كل الذباب الالكتروني والاموال الحرام..