خطوة تمهيدية مهمة اتخذها رئيس الوزراء لتطوير بيئة الأعمال الناظمة للاستثمار بتشكيل لجنة توجيهية بهذا الأمر تتفرع منها ستُ لجان فنية داعمة للهدف الأساسي من هذه العملية وهو تهيئة بيئة الأعمال لتكون أكثر جاذبية للمستثمرين في المرحلة المقبلة، وإزالة العقبات التي تحول دون ذلك.
هذه الخطوة وإن كانت متأخرة إلا أنها في غاية الأهمية الاقتصاديّة، ولها ارتباط كبير بعمل القطاع الخاص سواء بالتراخيص أو الاستثمار والتفتيش وكلف الإنتاج والبيروقراطية والتصدير والتعاملات التي تخصهم مع مختلف الدوائر.
الاقتراب أكثر وأكثر من مشاكل القطاع الخاص يدعم الاقتصاد الوطنيّ، لأن القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للتنمية الاقتصاديّة، ومن دونه لا تستطيع الحكومة التحرك قيد أنملة في مسيرتها وخطابها التنموي، فالحكومة اليوم لم تعد قادرة أبداً على التوظيف، فالقطاع العام مشبع بالعاملين بأكثر من ضعف احتياجاته، وباب التعيينات شبه مقفل بموجب قانون الموازنة العامة، وبالتالي لا يوجد أمام الحكومة سوى القطاع الخاص الذي هو بأمس الحاجة لأمرين رئيسين وهما :
أولا: الحفاظ على ديمومة إنتاجه وعمله دون تراجع، والحفاظ على ما هو قائم اليوم من استثمار فعلي وحقيقي على أرض الواقع من خلال حل مشاكله الإدارية في مؤسسات الدولة المختلفة.
ثانيا: تقديم إجراءات تحفيزية له من أجل توسعة أنشطته الاقتصاديّة ليتمكن من خلق مزيد من فرص العمل للشباب الأردني المتعطل عن العمل الذي تتجاوز به نسب البطالة الـ50 % من فئته.
لكن مع أهمية قرار رئيس الوزراء بتشكيل هذه اللجان إلا أنها تفتقد لعنصر رئيسي في غاية الأهمية وهو غياب القطاع الخاص عن المشاركة في اللجان الفنية الستة المختلفة، فباستثناء اللجنة التوجيهية برئاسة رئيس الوزراء التي تضم في عضويتها رئيسي غرفتي صناعة وتجار الأردن، لا يوجد أي ممثلين للقطاع الخاص في جميع اللجان، رغم أن كُلّ اللجان تختص بعمل القطاع الخاص، فلا يعقل ان يجتمع ممثلو الحكومة وحدهم لمناقشة قضايا القطاع الخاص ومشاكله في ظل غياب الأخير.
فالنافذة الموحّدة للتراخيص والأنشطة وتسهيل مهامها موجّهة للقطاع الخاص وليس لموظفي الحكومة، فلا يوجد أي ممثل فيها للقطاع الخاص والمستثمرين، والأمر لا يختلف في اللجنة المكلفة بالإقامات والتصاريح، فالقضية والمشكلة عند القطاع الخاص، ولجنة التفتيش وتوحيده علما أنه يوجد قانون للتفتيش الموحد، ولجنة النافذة الموحدة للتجارة يغيب عنها كليا التجّار والمستورون والمصدرون، ولجنة تخفيض كلف الطاقة مع أهميتها القصوى هي وغيرها من اللجان السابقة، إلا أن غياب القطاع الخاص يفقدها الكثير من الاستفادة من خبرات واقعية لا تمتلكها طواقم الحكومة أبداً، ولو كان لدى كوادر الحكومة معرفة بتلك المشاكل لكان لزاماً عليها حلها بدل تعقيدها.
الاستفادة من تجارب القطاع الخاص والاطلاع عن كثب على مشاكله اليومية مع مؤسسات الدولة المختلفة يشكل خزانا فكريا كبيرا للمسؤولين في اللجان للوصول إلى تفاهمات مشتركة تخدم العملية التنمويّة التي تحتاج إلى تشاركية حقيقية بين القطاعين، وليس بحاجة إلى لجان حكوميّة بحتة يجتمع فيها السادة الوزراء والأمناء لديهم في غرف مغلقة. الغد
خطوة في الاتجاه الصحيح ولكن؟ سلامة الدرعاوي
8
المقالة السابقة