عروبة الإخباري – فور وصوله إلى البيت الأبيض، تعهد الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، بأنه لن يكون هناك المزيد من “الشيكات الفارغة” لـ “الديكتاتور المفضل لترامب” في إشارة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وطالبه بتحسين سجل حقوق الإنسان.
في الأشهر الأربعة الأولى من رئاسته، لم يتصل بايدن بالسيسي، وهو ازدراء غير مسبوق لحليف رئيسي في الشرق الأوسط. ولكن مع تصاعد المواجهات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، انتهز السيسي فرصة، ونجح في التوصل لهدنة بين الطرفين.
بالنسبة للعديد من المحللين والدبلوماسيين، كان الرابح الوحيد الواضح في القتال الأخير بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو السيسي، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد: “في مواجهة تصريحات حول تراجع أهمية مصر في سياسات الشرق الأوسط، أظهر الرئيس السيسي أن دوره ودور مصر مهمان”. وأضاف “لقد أظهر للولايات المتحدة أنه فعالا في مشهد الشرق الأوسط”.
كان بعض المشرعين الأميركيين دعوا إلى إجراء تخفيضات على المساعدات العسكرية السنوية لمصر، التي تبلغ 1.3 مليار دولار، سعيا لمزيد من الضغط من أجل تحسين حقوق الإنسان. ويرى محللون أن يد مصر في الهدنة قد تغير الرواية في واشنطن.
بعد إعلان وقف إطلاق النار، أعرب بايدن عن “امتنانه الصادق” للسيسي وفريق الوساطة الخاص به للعب “مثل هذا الدور الحاسم في هذه الدبلوماسية”.
الفائز الحقيقي
وأجرى الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، اتصالا هاتفيا مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لبحث الجهود الرامية للتوصل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وفق ما أفاد البيت الأبيض.
وقال البيت الأبيض إن “الزعيمين بحثا الجهود لتحقيق هدنة تضع نهاية للأعمال القتالية الحالية في إسرائيل وغزة. لقد اتفقا على التواصل المستمر بين فريقيهما حتى النهاية”.
وعبر السيسي في سلسلة تغريدات الجمعة، عن سعادته بتلقي اتصال بايدن وشكره على دوره “في إنجاح مبادرة وقف إطلاق النار المصرية”.
وكتب السيسي على تويتر “هذا يؤكد عمق وقوة العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة”، معتبراً أنه يأمل في مزيد من التعاون.
كما عبر زعماء أوروبيون وإقليميون آخرون عن تقديرهم للسيسي، في إشارة إلى مكانة مصر منذ عقود كقوة استقرار في الشرق الأوسط، حتى مع اعتبار نظام السيسي الأكثر قمعية في تاريخ مصر الحديث.
وكتب محمد المنشاوي، كاتب العمود في صحيفة الشروق نيوز المصرية، على تويتر، في إشارة إلى المحادثة مع بايدن: “أعتقد أن الفائز الحقيقي الوحيد في هذه الجولة من الصراع كانت مصر ورئيسها [السيسي] الذي تلقى مكالمة طال انتظارها”.
إقليميا، عززت الوساطة الناجحة مكانة مصر بعد أن حاولت بعض الدول القيام بهذا الدور مثل السعودية والإمارات وتركيا وحتى روسيا، وفقا للصحيفة الأميركية.
وفي الداخل، استخدم الموالون للسيسي وسائل التواصل الاجتماعي للإشادة به لقيادته ودفاعه عن قضية الشعب الفلسطيني. كما أنها منحت السيسي انتصار على معارضيه في وقت يتعرض فيه لانتقادات كبيرة لهدم الأحياء الأثرية لبناء العاصمة الجديدة، وعدم القيام بالقليل للتخفيف من الفقر المدقع في البلاد.
وتعهد السيسي بتقديم 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة والسماح للفلسطينيين الجرحى بدخول مصر عبر معبر رفح الحدودي المغلق لتلقي العلاج الطبي.
لكن بالرغم ما أظهره السيسي من دعم وتأييد للفلسطينين، لا تزال المسيرات المؤيدة للفلسطينيين محظورة في مصر. وذكرت الصحيفة أن الحكومة “استهدفت أنصار القضايا الفلسطينية، بمن فيهم الناشط رامي شعث، الذي سجن لمدة عامين دون محاكمة عادلة، كما اعتقلت مؤخرًا طبيبًا يعالج الجرحى الفلسطينيين في سيناء”.
وقال سيث بيندر، مدير المناصرة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط: “يقدم الرئيس السيسي نفسه على أنه مؤيد للفلسطينيين، ولكن باعتقال أولئك الذين دافعوا عن حقوق الفلسطينيين أو أبدوا تضامنهم في الأيام الأخيرة. . . يظهر النظام ألوانه الاستبدادية الحقيقية واهتمامه القليل بالفلسطينيين”.