عروبة الاخباري – كتب سلطان الحطاب
وصلت القدس بعد ان غادرها الباشا فهد العموش مدير عام دائرة الاحوال المدنية والجوازات.. لم يكن يمضي على مغادرته سوى اربعة ايام .. كان ذلك في شهر حزيران من عام 2021 ، واهتمامي بهذا التاريخ وهذه المناسبة يأتي لأهمية ما قام به الباشا العموش من انجاز ما زال ملموسا ، فقد انجزت الجوازات العامة من خلال زيارته عملا مميزا له ابعاد سياسية واجتماعية وانسانية تستهدف نصرة أشقائنا المقدسيين في القدس ، وتثبيتهم فيها وتمكينهم من الصمود وتصريف اعمالهم اليومية..
الزيارة التي ذكرها المقدسيون ومازال ويذكرونها بالخير والثناء حتى الان فتحت افقا واسعا واعادت موضعة الكثيرمن مطالبهم في سياق الحرص على اوضاعهم..
الجديد والمميز في هذه الخطوة ان مدير عام دائرة الاحوال المدنية والجوازات انتقل شخصيا الى القدس والتقى المسؤولين الاردنيين في المحكمة الشرعية والاوقاف الاسلامية التابعة لوزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية.. وادار الكثير من العمل من خلالها ، حيث يمثل المكان ودوره رافعة حقيقية في خدمة قضايا وشؤون المقدسيين..
وصول الباشا العموش للقدس انذاك كان من الاهمية بمكان فقد كان بحكم موقعه وصلاحياته قادرعلى البت في كثير من القضايا المتعلقة بجوازات المقدسيين واحوالهم المدنية، كما كان قادرا ان يجيب على كثير من الاسئلة فورا دون ابطاء او تأجيل ..
كانت الزيارة التي كتبت عنها في حينه غنية وافرة النتائج.. فقد بلغت اعداد الجوازات الممنوحة اثناء الزيارة ومن خلالها وعلى هامشها اكثر من 11 الف جواز سفر ومعاملة ، وتحديدا(11228) وذلك منذ بدء اطلاق الخدمة التي دشنها العموش وبتوجيهات رسمية عليا ..
الخطوة استهدفت خدمة المقدسيين تحت الاحتلال ومساعدتهم لتكون هذه الخطوة سهلة بعيدة عن المعاناة والتنقل وعقبات الاحتلال، وهي تساعدهم على السفر و تعزيز الصمود وتثبتهم على ارضهم وحماية هويتهم العربية لمدينة القدس المستهدفة والتهويد والاسرلة..
حين عدت إلى عمان وزرت مكتب الباشا كان فرحا بما انجز ومرتاحا لقيامه بواجب محبب إليه، وقد حدثني عن ذلك حديثا سمعته مكررا لدى رئيس المحكمة الشرعية واعضائها في القدس ولدي الكثير من المقدسيين في مواقع عديدة مختلفة.
وقد فوّض الباشا المحكمة الشرعية في القدس وهي تابعة للادارة الاردنية ان تستقبل طلبات جوازات السفر للمقدسيين وفق الاجراءات القانونية من خلال التنسيق مع دائرة قاضي القضاة و شركه البريد الاردني..
ولم يكتف الباشا العموش وهو بصدد تطوير عمل الاحوال المدنية والجوازات بهذه الخطوة المهمة في القدس، فقد وضع الدائرة في خدمة المواطنين الاردنيين وتلبية احتياجاتهم وخاصة اولئك الذين يعملون كمغتربين في الخارج، فكان أن مكن الكثيرين ممن هم في الخارج من انجاز معاملاتهم من خلال الخدمات الالكترونية لاصدار جوازات سفر للاردنيين المغتربين عبر 15 سفارة وقنصلية ، فقد تمكن من ربط دائرة الاحوال المدنية والجوازات مع السفارات بعد ان اطلقت الدائرة و بالتنسيق مع وزارتي الخارجية وشؤون المغتربين والاقتصاد الرقمي والريادة وقد تنوعت هذه الخدمة لتشمل الكثير من الطلبات..
قد يكون ما اكتب عنه قد مضى عليه زمن ليس قصيرا اي حوالي سنتين ولكن قيمه ذلك وتذكري لهذا يأتي في سياق الاسناد الاردني المبكر لصمود اهلنا في القدس .. فالمقدسيون وجدوا ان هذه الخطوة قد ساعدتهم كثيرا ومكنتهم في الحركة والصمود والدفاع عن ممتلكاتهم، ومتابعة قضاياهم في مواجهة الاحتلال ، فالاردن لا يقدم للمقدسيين شعارات وكلاما وإنما ممارسات وخطوات عملية تخدم صمودهم..
اليوم دائرة الاحوال المدنية والجوازات التي رفعت العديد من المداميك في بنائها المؤسسي، اذ ان هذه الدائرة على وجه التحديد لا تنفض انجازاتها كلما جاء مدير أو ذهب اخر بل انها اول دائرة ادارية عرفت العمل المؤسسي وبنت عليه، واصبح المواطن يتعامل مع دائرة واجراءات واضحة وثابتة ، فقد كان الفضل للراحل “نصوح محي الدين” في جوانب ادارية عديدة ولبعض من جاءوا من بعده حتى وصل الامر الى الانطلاقة الجديدة المؤسسية لعمل الدائرة اليوم ..
قد لا يعرف قيمة الخطوة التي اتخذت كما يعرفها المقدسيون الذين زودوا بجوازات سفر اردنية لتظل مواطنتهم قائمة في القدس، وقد جاء تعزيز هذه الخطوة بربط تزويد الجهات الرسمية الاردنية للمقدسيين بوثائق اثبات ملكياتهم في منطقة الشيخ جراح والتي تستهدفها سلطات الاحتلال الان بالتهويد وهدم البيوت واقتلاع المواطنين..
وهي خطوة اضافية لتعزيز الصمود ويبرهن الاردن من خلالها حرصة المطلق على القدس واهلها وعلى صمودهم ومقاومتهم للطرد..
دائرة الاحوال المدنية والجوازات قدمت نموذجا يستحق ان يحتذى، وها نحن نذكر اليوم زمن الشدة والحاجة “وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر” فتحية لدائرة الاحوال المدنية والجوازات من المقدسيين وهي تمكنهم بالمزيد من المرابطة والصمود ، كما انها تبيض وجوه الاردنيين في القيام بالواجب الوطني و تترجمه التوجيه الملكي..