تَصدَّر اسم عُمان نشرات الأخبار خلال هذا الأسبوع من خلال قضايا عربية عدة، أبرزها المبادرة السعودية لإنهاء الحرب في اليمن بالتعاون مع الأمم المتحدة وسلطنة عمان، كما ورد على لسان وزير الخارجية السعودي، إضافة إلى نجاح السلطنة في عودة العلاقات بين قطر وموريتانيا. وكانت سلطنة عمان محطة الزيارة الأولى لوزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد ونائبه الدكتور بشار الجعفري مطلع الأسبوع، ولا شك أن تلك القضايا تثبت أهمية مسقط في ظروف عربية دقيقة تتطلب من يحمل شعلة السلام إقليميا .
وحول الملف السوري فقد استمر الحراك الدبلوماسي الدولي، فكانت العاصمة العمانية مسقط هي المحطة الأولى لزيارة وزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد، وهو أحد مهندسي إدارة الأزمة في سوريا خلال السنوات الماضية، كما ضم الوفد نائب وزير الخارجية الدكتور بشار الجعفري الذي سجَّل ملاحم تاريخية عربية مشرِّفة في أروقة مجلس الأمن والأمم المتحدة طوال سنوات الأزمة. ولا شك أن زيارة الوفد السوري الرفيع إلى مسقط تحمل في طياتها أهمية خاصة، حيث تعوِّل سوريا على سلطنة عمان في هذا التوقيت الذي يشهد نشاطا دبلوماسيا مكثفا في المنطقة حول سوريا، حيث احتضنت كل من الرياض وأبو ظبي والدوحة مباحثات مع وزير الخارجية الروسي وصفت بالإيجابية، كما شارك وزير الخارجية التركي في اجتماعات الدوحة، كل هذه التحركات تؤكد وجود رغبة دولية تتجاوز الإقليمية في تحريك الملف السوري، ونأمل أن يكون حراكا إيجابيا في النتائج أيضا، بعد أن أدرك المجتمع الدولي أن خيار الحل السياسي يفرض نفسه اليوم على جميع الأطراف لإنهاء معاناة الشعب السوري الشقيق بعد عشر سنوات من الأزمة، ولا بد أن يترافق ذلك الحراك مع استحضار المبادئ الإنسانية والأخلاق الدولية لإنهاء هذه المعاناة .
زيارة الوفد السوري الرفيع إلى العاصمة العمانية مسقط لا تخرج عن هذا الإطار، بل تتجاوزه في المضمون، استكمالا لأدوار عُمان في المنطقة والتي أسهمت بشكل إيجابي في حلحلة ملفات إقليمية متعددة، واليوم تعوِّل سوريا على سلطنة عمان للقيام بدور مهم يعقب ذلك الحراك الدبلوماسي الدولي لتأكيد أهمية الحل السياسي، والتواصل مع العواصم الخليجية للدفع بهذا الاتجاه. لذا فإن توظيف قدرات عُمان الدبلوماسية لعودة سورية عاجلة إلى الحضن العربي تزامنا مع بقية المسارات الأخرى كعودة اللاجئين واستكمال الحوار السوري مسائل تحمل أهمية قصوى، مع الأخذ بالاعتبار إرادة أبناء الشعب السوري التي كانت أهم ركائز الصمود طوال سنوات الأزمة، وعلى جميع الأطراف تفهم خيارات الشعب السوري، إن كانت النوايا صادقة لمساعدة أبناء سوريا في إنهاء هذه الأزمة .
الاقتصاد السوري الذي يمر بظروف حادة زادت من معاناة السوريين بسبب قانون قيصر الذي يُعد إجراء قسريا فرضته الإدارة الأميركية السابقة، ينبغي إنهاؤه بشكل عاجل بعدما اتضحت مآسيه وشدته على أبناء الشعب السوري، فكيف يتحدث المجتمع الدولي عن تخفيف معاناة السوريين وما زال الحصار الاقتصادي يحاصر أبناء سوريا؟!!
وعودا على بدء فإن زيارة وزير الخارجية السوري ونائبه إلى مسقط في هذا التوقيت ينبغي أن تكون نقطة البداية لعودة مقعد سوريا في جامعة الدول العربية، وتسجيل موقف عربي جماعي باتجاه سوريا بعدما استنفدت جميع الخيارات في السنوات العشر الماضية، وقد بدا أن الأفق السياسي يلوح بشيء من التغيير نأمل استثماره لرفع المعاناة عن أبناء الشعب السوري، ولا بد أن تكون هناك رغبة دولية قائمة على المبادئ والقيم الإنسانية، فقد ثبت أن إطالة أمد الأزمة لا يخدم أي طرف من الأطراف، بل يزيد من معاناة السوريين، ولا شك أن الدولة السورية أيضا تمتلك خياراتها التي تناسب كل مرحلة بعد تحرير ٨٥% من الأراضي السورية، وشاركت بإيجابية في جميع الاجتماعات الدولية، لذا نأمل أن تحقق هذه الجهود الدبلوماسية نتائج مبشرة .
سلطنة عمان ودورها المحوري في القضايا الإقليمية / خميس بن عبيد القطيطي
23
المقالة السابقة