الدكتور رجائي المعشر*
– يواجه الأردن ومع بدايات المئوية الثانية تحديات اقتصادية واجتماعية وثقافية بالرغم من الانجازات الكبيرة التي تحققت في المئوية الأولى.
ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى حوار وطني هادف بين مكونات المجتمع: أولاً- للاتفاق على ماهية هذه التحديات وحجمها وترتيب أولوياتها، وثانياً- لاستعراض الاراء حول اسلوب معالجتها، وأخيراً للوصول إلى توافق يضع الحلول العملية الممكنة لها.
نعيش اليوم حالة من الفوضى عند بحث هذه التحديات، فكل فئة من فئات المجتمع لها رأيها ومطالبها وأولوياتها وتشعر أنها تتحمل أكثر من طاقتها عند وضع الحلول لمعالجة قضايا الوطن الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولدى كل فئة مشاريع حلول لتلك التحديات بعضها ممكن وأغلبها غير قابل للتطبيق أو أن تطبيقها غير ممكن بسبب الامكانات المتوفرة.
وأؤكد أن كل فئة تهدف من طروحاتها تحقيق المصلحة الوطنية من وجهة نظرها.
ولكن في غياب المعلومة الدقيقة والاتفاق على تعريف المشكلة وترتيبها في الأولويات الوطنية ومعرفة المحددات المالية والبشرية والفنية، تصل كل فئة إلى استنتاجات تكون في كثير من الاحيان موضع اختلاف وفي بعض الاحيان مجالاً للتندر وتشكل في أحيان أخرى أرضية خصبة للشخصنة والتهجم.
وأخطر ما تتوصل إليه كل فئة في غياب الحوار الهادف هو التشكيك بنوايا الفئات الأخرى ومراميها وأهدافها، وصولاً إلى التخوين أو الاتهام بالتبعية الأجنبية أو الاتهام بالفساد وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة.
كل هذا يضعف جبهتنا الداخلية ويجعلنا نقبل الاشاعة المغرضة وكأنها الحقيقة والاخبار الكاذبة وكأنها الواقع. ونسمح بذلك لأعداء الوطن التسلل بيننا مستغلين خلافاتنا مدخلا للتأثير في فكرنا ومواقفنا.
لقد حققنا في المئوية الأولى انجازات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة ومن أهم انجازاتنا هي القناعات المشتركة التي تكونت بين جميع ابناء الوطن حتى اصبحت هذه القناعات ثوابت الدولة الأردنية والركن الصلب والاساس المتين في الإعداد للمئوية الثانية.
وأهم هذه الثوابت هي:-
الوطن: فنحن جميعنا نفخر بأننا ابناء هذا الوطن ننتمي إليه ونحافظ عليه وندافع عنه بحياتنا وحب الوطن أصبح جزءاً من إيماننا وأيديولوجياتنا مهما اختلفت.
الشعب: نحن شعب واحد تجمعه قيم ومبادئ مشتركة وهوية واحدة هي الهوية الأردنية الجامعة، ولا يعني هذا عدم وجود هويات فرعية ولكن لا تعلو أي منها عن الهوية الأردنية الوطنية.
وهوياتنا الفرعية متعددة ربما تكون مناطقية أو دينية أو حضارية أو أثنية ولكنها كلها تنصهر في الهوية الأردنية الجامعة. فنحن شعب واحد قوي بوحدته الوطنية وقوي أيضاً بهذه التعددية والتنوع.
مبادئ وقيم: مبادئ الدولة هي التي تبنى عليها الأفكار الأخرى، فالمبادئ لا تتغير بحكم الزمن أو الحاجات وإنما ينبثق عنها أفكار ومفاهيم وممارسات جديدة تلبي متطلبات المرحلة، ومبادئ الدولة الأردنية هي ذاتها مبادئ الثورة العربية الكبرى:– الإيمان، العدل، الحرية، المساواة، الصدق، النزاهة، الانتماء للوطن والولاء للقيادة.
وقد انعكست هذه المبادئ في الدستور وأصبحت جزءاً من العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن.
والقيم: هي التي توجه السلوك في إطار المبادئ وقيمنا في الأردن هي: الوسطية، والتسامح، وحرية الرأي واحترام الرأي الآخر، والديمقراطية، واحترام حقوق الانسان، والعدالة الاجتماعية، والمساواة، والمساءلة والشفافية، والمسؤولية ازاء المجتمع والوطن. وقد تجذرت هذه القيم فينا وزاد في تجذرها ارتباطها بالقيادة الهاشمية قيادة الثورة العربية الكبرى وقيادة نهضة العرب.
القيادة: فقيادتنا شرعيتها ضاربة في أعماق التاريخ، فملوكنا هم أحفاد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ورثوا مبادئ الإسلام الحنيف أباً عن جد فعرفوه ديناً سمحاً وسطياً وعلمونا إياه ويعملون على افهامه لجميع أبناء المعمورة. ولملوكنا شرعية مهمة أخرى، فهم ورثة قيادة الثورة العربية الكبرى التي جاءت لإطلاق نهضة عربية تعيد للأمة مكانتها وتبني مستقبلاً أفضل لأبنائها.
الحوار: نعتمد دائماً الحوار لمعالجة قضايانا وحل النزاعات بين ابناء المجتمع فحياة المواطن أغلى من اي نزاع أو خلاف والمصلحة العامة تعلو على المصالح الفردية كما تعلو على الخلافات الشخصية والأيديولوجيات مهما كانت. فالحوار كما يؤكد جلالة الملك هو السبيل الوحيد للوصول إلى توافقات وطنية.
ولا يمكن لأي طرف أن يحقق كل ما يريد ولكن مجموع ما يتم التوافق حوله بين ابناء المجتمع يصبح بالضرورة المصلحة الوطنية العليا.
التنمية السياسية: وهي عملية تراكمية مستمرة، بدأت الحياة السياسية في الأردن، في عهد المغفور له الملك المؤسس، بالمؤتمرات الوطنية وتبعتها المجالس التشريعية إلى أن كانت أول انتخابات لمجلس النواب العام 1947، وفي عهد المغفور له الملك طلال تم وضع الدستور الأردني.
وفي عهد الملك الباني المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال تحققت نهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية كبيرة كونت قاعدة متينة لبناء الأنموذج الديمقراطي الأردني.
وفي عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، أمد الله في عمره، سار الأردن بقفزات كبيرة على مسار التنمية السياسية فجاءت التعديلات الدستورية وتشكلت الهيئة المستقلة للانتخاب والمحكمة الدستورية وتم وضع قانونين جديدين للانتخاب والاحزاب واتخذت العديد من الاجراءات لتقوية بنيان الانموذج الديمقراطي كما حددته أوراق جلالة الملك النقاشية.
وكان لتوجيهات جلالة الملك ومبادراته في هذا المجال الفضل الأكبر لما تحقق كما أسهم مجلس الأمة في دراسة وإقرار التشريعات المنظمة للحياة السياسية وأجرى حوارات مكثفة حولها.
وفي رأيي إن هذه الثوابت هي سر متانة الدولة الأردنية وقدرتها على مواجهة التحديات والصعاب وفي أحلك الظروف.
ومن أسرار متانة الدولة الأردني: تلاقي القيادة مع الشعب على حب الوطن، والعمل الجاد والدؤوب لرفعة شأنه والجهد المتواصل لتحسين مستوى معيشة المواطن ونوعية حياته وعلى القضية الفلسطينية كونها قضية الأردن الأولى ولا سبيل لحلها إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة العام 1967 وعاصمتها القدس، وعلى الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية هذه الوصاية التي حافظت على الأماكن المقدسة والتي دونها لكان واقع هذه الأماكن مؤلماً حقاً.
واليوم وقد بدأنا المئوية الثانية من عمر الدولة تلتقي القيادة والشعب على الإعداد لها من خلال مراجعة واقع حال مؤسساتنا وأدائها بهدف تطوير عملها وتحديد أسس واضحة للعلاقة بينها في جميع مجالات عملها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
في مجال التنمية السياسية وجه جلالة الملك إلى البدء بدراسة قانوني الانتخابات والاحزاب ليكونا أداتين فاعلتين في تطوير الانموذج الديمقراطي الأردني كما رسمته الأوراق النقاشية الملكية.
كما وجه جلالته إلى تطوير مفهوم اللامركزية وبدأت الحكومة فعلاً بوضع مشروع قانون الإدارة المحلية. وبذلك يكون العمل على تطوير هيكلة الدولة الأردنية قد بدأ بشكل منهجي وعلمي:
فالأوراق النقاشية الملكية حددت المؤسسات الدستورية التي تكون الأنموذج الديمقراطي الملكي ووضعت رؤية لما يجب أن يكون دورها وأداؤها وأسلوب عملها… كما حددت هذه الأوراق متطلبات تطوير الأنموذج الديمقراطي وصولاً إلى الحكومات البرلمانية. وأكدت أهمية تطوير منابر فكرية برامجية ثلاث، هي: الوسط واليمين واليسار ليتم بعد ذلك تداول مسؤولية الحكومة بينها اعتماداً على برامجها وعلى ما تفرزه الانتخابات البرلمانية من أغلبية.
ومشروع قانون الإدارة المحلية يضع تصوراً واضحاً ومتكاملاً لمفهوم اللامركزية، كما يحدد مؤسساتها: المجلس التنفيذي للمحافظة ومجلس المحافظة ومجالس البلديات ويحدد مهام كل منها وأسس التنسيق والتعاون بينها. وبذلك يكون قد اكتمل البناء الهيكلي التنظيمي للمحافظة مما يمكن من تطبيق اللامركزية وبالتالي تحقيق أكبر قدر من المشاركة الشعبية في صنع القرار.
الكتل النيابية ومدونة السلوك
في لقاءات جلالة الملك مع المكتب الدائم لمجلس النواب ورؤساء الكتل أكد جلالته إعادة النظر في أسلوب تشكيل الكتل البرلمانية وطريقة عملها وتحديد مهامها لكي تكون كتلاً مبنية على برامج تغطي جميع مناحي الحياة وليصبح مجلس النواب المكان المناسب للحوارات الوطنية حول قضايا الوطن والمواطن. كما أكد جلالته وضع مدونة سلوك تحكم اداء اعضاء مجلس الأمة وتوضح مسؤولياتهم الأدبية والاخلاقية عند ممارسة عملهم مع احترام التقاليد والاعراف البرلمانية التي تكونت عبر السنين.
في مجال هيكلة الإدارة العامة
لا يخلو أي كتاب تكليف سامٍ موجه إلى رئيس وزراء مكلف من تأكيد أهمية إعادة هيكلة الإدارة العامة وتطوير أداء العاملين فيها.
ولما كان الحفاظ على أمن الوطن والمواطن هو من أهم أعمال الحكومة، ولما كان الأمن والاستقرار أساساً للتنمية الشاملة فقد أعطى جلالة الملك أولوية خاصة لإعادة هيكلة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
فأمر جلالة القائد الأعلى بإعادة هيكلة القوات المسلحة الأردنية بهدف تطوير عملها وهيكلتها وتنظيماتها ورفع كفاءة منتسبيها لتكون قادرة على تلبية متطلبات المرحلة ولتواكب التطورات التكنولوجية والتحديات الأمنية في المنطقة.
واتبع ذلك بإصدار أمره الملكي بدمج قوات الدرك والأمن العام والدفاع المدني بهدف زيادة كفاءتها ومستوى التنسيق بينها وتخفيض نفقاتها دون المساس بقدرتها على القيام بمهامها على أكمل وجه.
وأخيراً، وبعد أن قامت الحكومة بتطوير منظومة النزاهة الوطنية والأجهزة الرقابية ووضعت الحكومة مشاريع تعديل لقوانين ديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وإشهار الذمة المالية. وجه جلالة الملك رسالة إلى مدير المخابرات العامة يأمره بإعادة هيكلة دائرة المخابرات العامة لتقوم بدورها الاستخباراتي وحماية أمن الوطن. وترك المجالات الأخرى للمؤسسات ذات الاختصاص القيام بالمهام التي اضطرت دائرة المخابرات العامة على القيام بها لعدم اكتمال البنية المؤسسية والإدارة الكفؤة والبيئة التشريعية لهذه المؤسسات.
كما بدأت الحكومة ممثلة بوزارة تطوير الأداء المؤسسي وتطوير القطاع العام بإجراء حوارات مع مجلس الأمة وذوي العلاقة والمختصين بهدف وضع خطة لإعادة هيكلة الإدارة العامة وتطوير أداء العاملين في القطاع العام. ونتطلع إلى نتائج هذه الدراسة وتطبيق مخرجاتها على أرض الواقع.
إن الإعداد للمئوية الثانية يتطلب السير قدماً بخطوات ثابتة في بناء الدولة الأردنية الحديثة القائمة على العدل والمساواة والحرية والعدالة الاجتماعية إضافة إلى الجهود الخيرة الوارد ذكرها أعلاه هناك حاجة ملحة لما يلي:
أولاً – الاستمرار بتطوير الانموذج الديمقراطي الأردني كما حددته الأوراق النقاشية الملكية من خلال رفع كفاءة المؤسسات الدستورية وتوضيح العلاقات بينها.
ثانياً – بناء علاقة تعاقدية جديدة بين الحكومة والمواطن (وليس بين الدولة والمواطن) فللمواطن حقوق وعليه واجبات وللحكومة حق فرض الضرائب لتمويل متطلبات المواطنين من الخدمات. ولكن هناك حدود للإمكانات المتاحة مما يتطلب حواراً هادفاً مبنياً على أسس علمية لما تستطيع الحكومة أن تقدمه للمواطن وما تتوقعه منه وبالعكس.
ثالثاً – تطوير التربية والتعليم لتكون الرافعة الأساس لبناء المجتمع وترسيخ القيم الأردنية الأصيلة في عقول وقلوب أبناء الوطن وبناته.
رابعاً – تطوير الخدمات المقدمة من الحكومة للمواطنين خاصة في مجالات الصحة والتعليم والنقل لتصبح خدمات نوعية تلبي متطلبات المواطنين.
خامساً – الاستمرار بالعمل على تطوير الجهاز الإداري الحكومي ورفع كفاءة العاملين فيه.
سادساً – إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية بهدف فصل مهام التخطيط عن التنفيذ عن المتابعة والتقييم لزيادة فاعليتها والقدرة على مسائلتها ووضع أسس واضحة والتنسيق بينها.
سابعاً – اعتماد أسس واضحة لاتخاذ القرار مع العمل على تطوير آلية واضحة لدعم القرار ومن ثم تطبيقه.
ثامناً- بناء اقتصاد متين من خلال وضع خطة للإصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، وتشجع الاستثمار، وتحمي الفئات الفقيرة، وتوسع الطبقة الوسطى وتقلص الهوة بين الغني والفقير.
تاسعاً – الاستمرار في دعم الاجهزة العسكرية والامنية لتمكينها من القيام بمهامها في حماية الوطن والمواطن من الأخطار الخارجية والداخلية.
إنّ المتابع لعمل الحكومات المتعاقبة يعلم علم اليقين بأن الحكومات وضعت العديد من الاستراتيجيات القطاعية والخطط التنفيذية وبرامج أولويات وخطط لتحفيز الاقتصاد كما يعلم المتابع على اننا نقضي وقتاً طويلاً في دراسات واقع الحال وتشخيص المشاكل واقتراح الحلول.
ولكن عند مراجعة تطبيق مخرجات وتوصيات وبرامج هذه الدراسات على أرض الواقع نجد أننا لم نحقق إلا الجزء اليسير. ونضع اللوم في ضعف التطبيق على عوامل عدة منها التغيير السريع في مواقع المسؤولية أو ضعف الإدارة الحكومية أو عدم توفر الإمكانات الفنية والمالية وغيرها. كل هذه العوامل تعوق الانجاز بسبب ضعف أسلوب عمل الإدارة العامة.
إن الإعداد للمئوية الثانية يتطلب حتماً نهجاً جديداً في عمل الحكومة يعتمد التخطيط متوسط المدى والتنفيذ المبني على البرامج التفصيلية والمتابعة لمعرفة سير العمل وإزالة العقبات أمام الإنجاز، وأخيراً التقييم بهدف إعادة النظر في الخطط والبرامج على ضوء المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية إذا استدعى الأمر ذلك.
وهنا اقترح العودة إلى وضع خطة تنمية اقتصادية واجتماعية لمدة 5 سنوات تكون عابرة للحكومات وملزمة لها، تهدف الخطة إلى تحقيق أهداف وطنية متوافق عليها.
تبدأ الخطة بوضع أهداف عامة تسعى إلى تحقيقها من خلال الخطط والبرامج القطاعية المختلفة، ويتم تحديد هذه الأهداف من مجلس اقتصادي عالٍ على غرار المجلس القومي للتخطيط الذي ما زال قانونه قائماً ولكنه غير مفعل منذ إنشاء وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
وعند إقرار الأهداف العامة تقوم اللجان القطاعية المختصة بوضع مقترحات لأهدافها القطاعية تصب في تحقيق الأهداف العامة.
وبعد إقرارها من المجلس الاقتصادي يطلب من الهيئات القطاعية إعداد برامج لتحقيق هذه الأهداف من خلال:
الإجراءات الإدارية اللازمة.
الهيكل التنظيمي للقطاع.
التشريعات اللازمة.
الاستثمارات الحكومية اللازمة للبنية التحتية للقطاع.
استثمارات القطاع الخاص كونها المحرك الرئيس لتحقيق الأهداف.
وعند إقرار الخطط القطاعية تصبح جزءاً من الخطة عمل الحكومة للسنوات الخمس.
وتلتزم الحكومة بعدم رصد أي مخصصات مالية خارج إطار الخطة المقررة، ولا يحق لأي مسؤول تغيير الأهداف أو البرامج أو إلغاء أي مشروع أو إضافة آخر دون موافقة المجلس الاقتصادي.
وبعد أن تتم مناقشة الخطة في مجلس الأمة بصفته المكان الأنسب للحوارات الوطنية وعند إقرارها تصبح هذه الخطة ملزمة للحكومة.
ولضمان حسن تطبيق الخطة وبرامجها ومشاريعها يتم إنشاء دائرة متابعة في رئاسة الوزراء لمعرفة سير العمل والعقبات التي تعيق الانجاز لحلها من قبل مجلس الوزراء وتحديد الجهات المسؤولة عن عدم انجاز المشاريع في أوقاتها وضمن المخصصات المالية المرصودة لها.
كان التخطيط هو نهج الحكومات الأردنية حتى العام 1990 عندما استبدلت الحكومة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببرامج للإصلاح المالي والاقتصادي التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي. وقد أدى التركيز على معالجة الاختلالات المالية إلى زيادة الضرائب والرسوم وتعويم أسعار بعض السلع الرئيسية وأخذت معالجات المالية العامة الأولوية على التنمية الاقتصادية. وكان لهذا النهج آثاره على مستوى معيشة المواطنين ونوعية حياتهم.
واعتقد أنه آن الأوان لوضع نهج جديد لعمل الحكومة، ومن يعتقد أن العودة إلى الخطط الخمسية يعيدنا إلى التخطيط المركزي ونهج الحكومات الاشتراكية فهو مخطئ. فلا يمكن لأي جهة حكومية أو قطاع خاص التقدم والنماء دون خطة أو برنامج عمل واضح تسير عليه. وفي غير ذلك تبقى الانجازات مجزئة لا تحقق غايات التنمية المستدامة.
*نائب رئيس وزراء سابق