عروبة الإخباري – بقلم: كارين دي يونج
قامت وزارة الخارجية الأمريكية بتعليق مبيعات بعض الأسلحة الأمريكية بالإضافة إلى ما يتعلق بعمليات نقلها، وشمل ذلك التعليق الموافقات المثيرة للجدل التي جرت خلال الأيام الأخيرة من إدارة ترامب والمتعلقة ببيع طائرات مقاتلة من نوع الشبح (F-35) إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وصواريخ دقيقة التوجيه إلى المملكة العربية السعودية.
وقد وصف بيان الوزارة الأمريكية هذا التعليق المؤقت بأنه يعتبر “إجراءً روتينيا” من شأنه أن يسمح بعملية مراجعة من أجل ضمان “الشفافية للحكومة الجيدة”، بالإضافة إلى تلبية الأهداف الاستراتيجية لإدارة بايدن.
وقد لفتت المعاملات في الخليج العربي وما تضمنته من موافقات إدارة ترامب في اللحظة الأخيرة على نقل الأسلحة إلى كل من مصر والفلبين انتباه المشرعين الذين اعترضوا على عمليات نقل أسلحة سابقة، فيما اعتبروه جهودًا للتحايل على اعتراضات الكونجرس.
وقد تم الانتهاء من التوقيع على خطابات صفقة بيع الأسلحة للإمارات التي تبلغ قيمتها 23 مليار دولار في يوم 19 يناير -وكان من ضمنها بيع 50 طائرة جديدة– وهو يوافق اليوم الذي سبق عملية تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد بايدن.
يُذكر أنه قد تم إبرام هذه الصفقة بشكل غير رسمي في الصيف الماضي عندما وافقت الإمارات على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتي كان يعتبرها الرئيس السابق دونالد ترامب أحد نجاحاته الرئيسية في السياسة الخارجية، وجزاء رئيسيًا من جهوده في توحيد المنطقة ضد إيران.
وفي أول يوم له في المنصب صرح وزير الخارجية أنطوني بلينكين للصحفيين يوم الأربعاء أن إدارة بايدن تدعم الاتفاقات، وتأمل في البناء عليها. ولكنه قال : “نحاول التأكد أيضًا من أن لدينا فهمًا كاملاً لأي التزامات قد تكون قد تم التعهد بها من أجل تأمين تلك الاتفاقيات”.
وإلى جانب صفقة بيع الأسلحة الإماراتية، ضَمِن ترامب مشاركة السودان أيضاً في اتفاقية التطبيع مع “إسرائيل”، مقابل إزالة اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ووافق المغرب على التطبيع بعد اعتراف ترامب بسيادته على الصحراء الغربية المتنازع عليها منذ فترة طويلة. كما وقعت البحرين – وهي الحليف الوثيق للسعودية – على هذا الاتفاق، رغم أن آمال الإدارة السابقة لإقناع السعوديين بفعل نفس الشيء لم تتحقق.
ووافقت إسرائيل -التي تضمن الاتفاقات الأمريكية معها على المحافظة على إبقاء تفوقها بالأسلحة في المنطقة- على عملية البيع، مما سيجعل الإمارات هي الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك مثل هذه الطائرات المتطورة.
تحديات بايدن في السياسة الخارجية
واتخذ بيان على موقع “تويتر” لسفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبة نبرة معتدلة في الرد على التعليق الذي أوردته “بلومبرج نيوز” لأول مرة. حيث قال العتيبة، معلقاً على قرار الإدارة الجديدة: “لقد توقعت الإمارات مراجعة السياسات الحالية من قبل الإدارة الجديدة”.
وأضاف أن صفقة الأسلحة هذه لن تضمن فقط إمكانية التشغيل البيني مع حليف دفاعي إقليمي رئيسي، بل إنها “ستمكن الإمارات العربية المتحدة أيضًا من تحمل المزيد من العبء الإقليمي للأمن الجماعي، وتحرير الأصول الأمريكية لتحديات عالمية أخرى، وهي أولوية طويلة الأمد للولايات المتحدة”.
وقال العتيبة: “إنه بنفس المعدات والتدريب ستكون القوات الأمريكية والإماراتية أكثر فعالية معًا متى وأينما كان الأمر مهمًا”. وتشمل الحزمة البالغة قميتها 23 مليار دولار أيضًا طائرات ريبر بدون طيار ومعدات عسكرية أخرى.
وعلى الرغم من أن صفقة بيع الاسلحة للإمارات أكبر، إلا أن الصفقة السعودية قد تبدو أكثر إثارة للجدل؛ إذ تشمل ما يقرب من 500 مليون دولار من القنابل الدقيقة التي بموجب الاتفاقية سيتم إنتاجها في المملكة العربية السعودية.
وتم قد تقديم إخطار الكونجرس بالبيع في أواخر ديسمبر، مما يمنح المشرعين 30 يومًا لتمرير قرار الرفض. وقد كان الموعد النهائي يوم 21 يناير.
وكانت المملكة العربية السعودية التي احتفظت إدارة ترامب معها بعلاقات وثيقة موضع انتقادات من الحزبين بشأن حربها في اليمن المجاور، حيث قصفت الطائرات السعودية، باستخدام ذخائر أمريكية دقيقة أهدافًا مدنية مرارًا وتكرارًا في الوقت الذي سعت فيه المملكة لإضعاف المتمردين الحوثيين المرتبطين بإيران.
وكانت الإمارات أيضاً تمثل جزءا من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن.
وقد تصاعدت عمليات التدقيق على الحليف القديم للولايات المتحدة بعد أن نفذ العملاء السعوديون عملية قتل وحشية في عام 2018 ضد الصحفي وكاتب العمود في واشنطن بوست جمال خاشقجي، والذي قُتل وتم تقطيع أوصاله في القنصلية السعودية في اسطنبول.
وكانت المخابرات الأمريكية قد خلصت إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو من أمر بعملية القتل. كما أثار اعتقال السعودية المعارضين السياسيين انتقادات واسعة النطاق.
وفي عام 2019، أصدر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إعلانًا طارئًا غير عادي لتجاوز معارضة الكونجرس لبيع أسلحة أكبر للسعوديين.
وكان قد صرح بايدن مرارًا وتكرارًا خلال حملته الانتخابية أنه يعتزم مراجعة الترتيب الأمني للولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية، وأنه ينوي حظر جميع المساعدات الأمريكية ومبيعات الأسلحة المستخدمة في حرب اليمن.
وفي مؤتمره الصحفي في اليوم الأول، ذكر بلينكين أن الوضع في اليمن كان من بين أعلى أولوياته المبكرة، بما في ذلك التركيز بشكل خاص على تصنيف ترامب في اللحظة الأخيرة للحوثيين كمنظمة إرهابية .
بينما ارتكب الحوثيون أثناء سيطرتهم على جزء كبير من اليمن “أعمالا عدوانية كبيرة”، بما في ذلك الهجمات ضد المملكة العربية السعودية، والانتهاكات لحقوق الإنسان، “فإننا قد شهدنا في الوقت نفسه، حملة بقيادة المملكة العربية السعودية ساهمت في ما هو -حسب تقديرات كثيرة- أسوأ أزمة إنسانية في العالم اليوم”.
وقد قدرت الأمم المتحدة بأن 24 مليون يمني، أو 80 % من السكان، باتوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية الخارجية التي يمكن تقليصها بموجب العقوبات المفروضة.