عروبة الإخباري – بدون الدعم القوي من الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” للاعتراف الدبلوماسي بإسرائيل في العالم الإسلامي، من المرجح أن يقع عبء اتفاقات التطبيع الجديدة على إسرائيل نفسها، الأمر الذي سيؤدي إما إلى إبطاء عملية التطبيع أو تحويل تركيزها إلى علاقات أكثر سرية أو محددة بشكل أكبر.
وفي الأشهر الأخيرة، وقعت كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل بوساطة أمريكية، فيما تسميه الولايات المتحدة بـ”اتفاقيات إبراهيم”.
وأعرب وزير خارجية “بايدن” الجديد “أنتوني بلينكين”، عن دعمه لاتفاقات التطبيع، لكن خلال جلسات الاستماع الخاصة بتعيينه في 19 يناير/كانون الثاني، كما أشار أيضا إلى أن القضايا الإقليمية الأخرى ستكون لها الأولوية على التطبيع.
ولا يبدو من التعيينات الحالية داخل إدارة “بايدن” أنها مستعدة لتعيين فريق يستكمل عمل الفريق الذي قاده صهر الرئيس السابق “ترامب” ومستشاره الخاص “جاريد كوشنر” فيما يخص جهود التطبيع.
ولا تشير إدارة “بايدن” إلى اهتمام قوي بالتطبيع، وليس من المرجح أن تستخدم الوسائل التي ساعدت سلفها على تسهيل مثل تلك الاتفاقات مع دول مثل السودان والمغرب. ويبدو أن علاقة “ترامب” الوثيقة برئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” دفعت إلى حد كبير القرارات الأمريكية المتخذة نيابة عن إسرائيل على مدى الأعوام الأربعة الماضية.
ومن غير المرجح أيضا أن يواصل “بايدن” سياسات “ترامب” المؤيدة بشدة لإسرائيل، فقد أظهر “بايدن” أيضا اهتماما أكبر بالشؤون الإقليمية الأخرى، بما لا يسمح بنفس المساحة لإدارته للاهتمام بقضية التطبيع مع إسرائيل.
ولم يرد التطبيع في أجندة السياسة الخارجية الرسمية لـ”بايدن”، وتأتي المفاوضات النووية مع إيران على قمة الأولويات. وتشمل أولويات إدارة “بايدن” في الشرق الأوسط أيضا إعادة صياغة العلاقات مع تركيا لمعالجة السلوك الذي تعتبره واشنطن مثيرا للجدل، فضلا عن معالجة مخاوف حقوق الإنسان في المنطقة.
وخلال حملته لعام 2020، تعهد “بايدن” بمعارضة الضم الإسرائيلي لمزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. كما وعد باستعادة العلاقات الدبلوماسية مع السلطة الفلسطينية والمساعدات التي كانت إدارة “ترامب” قد قيدتها.
وفي مقابل التطبيع، ساعدت إدارة “ترامب” في إزالة تصنيف الولايات المتحدة للسودان كدولة راعية للإرهاب، والذي كان يحد من قدرة الخرطوم على تلقي المساعدات وجذب الاستثمار الأجنبي على مدار الـ27 عاما الماضية. كما اعترف البيت الأبيض بسيطرة المغرب على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها مقابل قيام الرباط بإضفاء الطابع الرسمي على علاقاتها مع إسرائيل.
ونظرا لأنه من غير المحتمل أن يبذل “بايدن” جهدا قويا لاستكمال اتفاقيات التطبيع، فإن عملية التطبيع ستتحول إلى اعتبارات محلية، مدفوعة أكثر بالحوافز التي يمكن أن تقدمها إسرائيل بالإضافة إلى المصالح الاستراتيجية المشتركة.
وسوف تحتفظ إسرائيل بنفوذها على مبيعات الأسلحة الأمريكية للدول العربية، ويعني هذا أن إسرائيل يمكن أن تعرض على دول مثل السعودية الضغط نيابة عن الرياض من أجل مبيعات الأسلحة الأمريكية المستقبلية للمملكة مقابل التطبيع. وسيكون قطاع التكنولوجيا والقدرات الاستخباراتية والمعدات الدفاعية الإسرائيلية إغراءات لدفع الدول نحو التطبيع، خاصة تلك التي تواجه تحديات اقتصادية أو تهديدات دفاعية.
والآن، بعد أن أصبح هناك ضغط أمريكي أضعف للانضمام إلى اتفاقيات التطبيع، فمن المرجح أن تركز الدول الإسلامية التي لا يزال الرأي المحلي فيها معارضا للعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل على العلاقات الصامتة في شكل معاملات تجارية أو تقنية أو دفاعية أو استخباراتية محددة.
وتمكنت الإمارات من توقيع صفقة أسلحة في اللحظة الأخيرة في 20 يناير/كانون الثاني للحصول على طائرات مقاتلة أمريكية من طراز “إف-35” وطائرات “ريبر” بدون طيار. وقد أتى ذلك في إطار اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.
ومع معارضة العاهل السعودي الملك “سلمان بن عبدالعزيز” للتطبيع دون وجود دولة فلسطينية، اختارت المملكة الانخراط في علاقات استخباراتية سرية بديلا عن العلاقات الدبلوماسية والدفاعية العلنية. وبحسب ما ورد، عقد ولي العهد “محمد بن سلمان” اجتماعات سرية مع “نتنياهو”. وبدون ضغط من الولايات المتحدة، من غير المرجح أن يتغير ذلك.
وقبل انتهاء ولاية “ترامب”، كانت إندونيسيا تقترب أيضا من اتفاق تطبيع بوساطة أمريكية يتضمن ما يصل إلى ملياري دولار من المساعدات الأمريكية لجاكرتا، لكن التقدم المستقبلي بشأن تلك الصفقة غير مؤكد الآن في عهد “بايدن”. واشترت إندونيسيا معدات دفاعية إسرائيلية في السبعينيات، لكن المعارضة الكبيرة بين الإسلاميين الإندونيسيين أثبتت أنها عقبة أمام تعميق العلاقات مع إسرائيل.