يحتفل الشعب الفلسطيني في اليوم الأول من كل عام بذكرى إنطلاقة ثورته التي مضى عليها ست وخمسون عاما دون أن تفت المؤامرات من إرادته وعزيمته .
الشعب الفلسطيني في نضال مستمر منذ ما يزيد عن مائة سنة حاملا لواء هدفين يجمعهما الحرية والإستقلال :
الاول : مقاومة للإستعمار البريطاني وللعصابات اليهودية الصهيونية دفاعا عن وطنه التاريخي .
الثاني : تحرير فلسطين من نير الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي منذ عام 1948 .
إنطلاقة الثورة الفلسطينية :
نتيجة لغياب إرادة عربية جامعة على المستوى الإقليمي والقومي بالعمل والإعداد الحقيقي سياسيا وإقتصاديا وعسكريا لخوض معركة تحرير فلسطين عمدت كوكبة من خيرة شباب وابناء الشعب الفلسطيني مؤمنة بحقها وبعدالة قضيتها ومشروعها الوطني بتحرير وطنها من نير الإستعمار الإحلالي الإسرائيلي لتاسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فتح ” إيذانا بإطلاق ثورتها ثورة الشعب الفلسطيني في الأول من كانون الثاني عام 1965 .
مسيرة الثورة الفلسطينية :
إعترت مسيرة الثورة الفلسطينية بقيادة حركة فتح منذ نشأتها تحديات ومؤامرات إستهدفت وجودها كقوة نضالية ثورية لعوامل عديدة منها :
• بداية بدأت بعض الدول شن حملة لمحاولة التشكيك باهدافها كحركة تحرير ثورية وكيل إتهامات بأنها حركة توريط كونها :
— ترفض الخنوع والإستسلام لواقع إستعماري صهيوني على ارض فلسطين مفروض من قوى إستعمار عالمية .
— بإنطلاقتها تكشف وتعري أنظمة أرادت إستخدام القضية الفلسطينية كشعار يمنحها شرعية امام مواطنيها وورقة سياسية بيدها .
— تكشف عورات تلك الأنظمة بتساوقها مع مخططات تآمرية وعجزها عن مواجهة الكيان السرطاني الإسرائيلي بل وغياب الإرادة الجادة حتى عن دعم حركة تحرر وطني كحركة فتح التي إنطلقت من أمانة المسؤولية الوطنية من اجل تحرير الوطن المستعمر ومن قلب الشعب الفلسطيني دون إستئذان أو ضوء أخضر من قبل أي نظام عربي أو غير عربي .
• تقديرا وظنا من بعض قادة أنظمة عربية بإمكانية إنتقال الروح الثورية النضالية إلى مواطني اقطارهم وبالتالي تهديد إستقرار انظمتهم غير الديمقراطية بالجوهر والشمولية بالطابع والمضمون .
فتح وهزيمة حزيران :
لقد أسفرت حرب الخامس من حزيران 1967 العدوانية الإسرائيلية عن إحتلال سيناء وقطاع غزة والجولان والضفة الغربية تلك الهزيمة التي رفضت قيادة فتح الإعتراف بنتائجها فانبرت لمواجهة قوات الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري في الأرض المحتلة عبر تصعيد الكفاح المسلح في حرب إستنزاف لقوات الاحتلال الذي توج بانتصار معركة الكرامة التي خاضتها قوات الثورة الفلسطينية بقيادة حركة فتح بمشاركة ودعم الجيش العربي الأردني .
هذا النصر الذي تحقق بعد مرور شهور تسعة على هزيمة حزيران أعاد الثقة لدى الشعب العربي وطليعته الشعب الفلسطيني الذي التف والتحق في معركة التحرير والإستقلال بإيمان وإندفاع وطني وشجاعة بحركة فتح رأئدة الكفاح المسلح مما دفع العدو لتصعيد عملياته وجرائمه مستخدما كافة الأشكال والوسائل العسكرية والسياسية الهادفة إلى القضاء على الثورة الفلسطينية التي شكلت ولم تزل تشكل فتح عمودها الفقري .
شكلت الثورة الفلسطينية بمقاومتها خطرا على أمن وإستقرار العدو الإسرائيلي الإستعماري كما اجهضت إستراتيجيته القائمة على نكران هوية ووجود الشعب الفلسطيني الذي ترسخ وفرض نفسه على الساحة العالمية وما إلاجتياح الإسرائيلي المدعوم امريكيا للبنان عام 1982 إلا نموذج لحجم المؤامرة والمتآمرين على القضية الفلسطينية وصولا لمؤامرة صفقة القرن الذي عرضها الثنائي ترامب نتنياهو وعملوا على ممارسة ضغوط سياسية وإقتصادية بشكل مباشر احيانا وعبر ادواتهم احيانا اخرى في محاولة إنتزاع موافقة القيادة الفلسطينية التي بصلابتها وحكمتها وشجاعتها تمكنت من إجهاض مؤامرة صفعة القرن كما تمكنت بدعم عربي وإسلامي ودولي من إجهاض محاولة فرضها كامر واقع بغطاء ودعم دولي .
ما تقدم استعراض موجز سريع لمرحلة الانطلاقة والنضال منذ 1/1/1965 وحتى الان .
المشروع الوطني أمام تحديات :
لم يزل المشروع الوطني الفلسطيني بالنضال بكافة الوسائل المكفولة دوليا حتى دحر الإحتلال الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي عن الارض الفلسطينية بدأ بالارض المحتلة منذ عام 1967 والمعترف بها دوليا وفق قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 67 / 19 /2012 بالحرية والإستقلال وصولا إلى إلى تنفيذ القرارين رقم 181 و194 يتعرض إلى معوقات :
▪معوقات سياسية :
— الإنحياز الأمريكي الأعمى خاصة إبان عهد الرئيس ترامب لمعسكر الإرهاب والتطرف الإسرائيلي الذي يمثله مجرم الحرب نتنياهو ومعسكره واصدار قرارات داعمة .
— تقويض سمو القانون الدولي على أي إعتبارات أخرى .
— تهميش دور الغالبية العظمى من الدول أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بحكم الصلاحيات الممنوحة للدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن .
— ضعف إن لم يكن غياب دور التكتلات الإقليمية بالتأثير الفعلي في إتخاذ القرارات الضامنة لمصالحها ووحدة أراضيها وإحترام هيبة الأمم المتحدة التي فقدت الثقة بدورها نتيجة لذلك .
— إقتصار دور امين عام الأمم المتحدة ومساعديه على إصدار التصريحات والبيانات دون متابعة تنفيذ القرارات الصادرة سواء عن مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو المحاكم الدولية أو متابعة وممارسة الضغط اللازم على الدول الاعضاء لضمان الإلتزام بمبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة والعهود والمواثيق الدولية
معوقات قانونية وحقوقية :
— غياب إرادة دولية جادة بمساءلة ومحاسبة دولة عضو في الأمم المتحدة على سياساتها وممارساتها التي تمثل إعتداءا وإنتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة واهدافها ومبادئها معلنة ذلك بوقاحة وعنجهية عن رفضها تنفيذ مئات القرارات الصادرة عن هيئاتها ومؤسساتها منذ عام 1948 وحتى الآن .
— إستخدام الولايات المتحدة الامريكية لحق الفيتو “الذي ينسف مبدأ العدالة بين الدول” الذي يؤمن للكيان الاسرائيلي الاستعماري الحماية من إتخاذ إجراءات عقابية دولية مما يشكل عاملا أساسيا هاما يشجع ويحفز ” إسرائيل ” كسلطة إحتلال الإستمرار بتحدي المجتمع الدولي عبر رفض تنفيذ القرارات الدولية الداعية إلى تصفية الإستعمار الإحلالي الإسرائيلي وإنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 وفق القرارات الدولية.
— عدم ترجمة وكفالة تمتع الشعوب بالحقوق الأساسية التي كفلها ميثاق الامم المتحدة الى واقع عملي وعلى رأسها حق تقرير المصير وما التعامل مع حق الشعب الفلسطيني في حقه بالحرية وممارسة حقه الأساس بتقرير المصير إنما يمثل إزدواجية واضحة متملقة لاعظم قوة إستعمارية إحلالية وليدة اسيادها من القوى الاستعمارية وظالمة بحق الشعب الفلسطيني وإنتهاكا للعهود والمواثيق الدولية .
— عدم إيقاع العقوبات المنصوص عليها بحق الدول المخالفة للشرعة الدولية وأخص هنا كيان الإحتلال الإستعماري العنصري الإسرائيلي كنموذج للدول المارقة والذي لم ينفذ اي من قراراتها معتبرا ان الأمم المتحدة ما هي إلا مؤسسة لمنح شرعية لجرائمه التي تستدعي محاكمته أمام المحكمة الجنائيه الدولية ليكون عبرة ورادعا لكل من يرتكب جر ائم حرب او جرائم ضد الإنسانية او ما يرقى لذلك .
إستراتيجية م .ت ف :
ما تقدم من تحديات ومعوقات شكلت حائلا ومانعا أمام إنجاز كامل لأهداف النضال الوطني الفلسطيني بتحرير الأرض الفلسطينية المحتلة من نير الإحتلال الإسرائيلي مما يستدعي من القيادة الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني و عمودها الفقري حركة فتح تبني برنامج عمل لعام 2021 يشمل كافة المستويات والمسارات يشارك بتنفيذه كافة القوى السياسية من أحزاب وفصائل ومجلس وطني ومؤسسات مجتمع مدني وجاليات فلسطينية على إمتداد العالم مع مراعاة بعض الإشارات الإيجابية الصادرة عن فريق الرئيس الامريكي المنتخب السيد بايدن إتجاه القضية الفلسطينية والتي يمكن إعتبارها طي صفحة صفقة القرن التآمرية الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية والتي تمثل نقطة تطويرها بالتنسيق مع الأردن ومصر والسعودية نحو حثها للالتزام بتنفيذ كامل للقرارات الدولية وآخرها قرار رقم 2334 .
تمثل الإستراتيجية الفلسطينية التي عرضها الرئيس محمود عباس امام مجلس الأمن والجمعية العامة للامم المتحدة ودعوته لعقد مؤتمر دولي بصلاحيات تشكل قاعدة مهمة للتحرك والبناء عليها لحشد جبهة دولية عريضة قوامها دول الإتحاد الأوروبي والصين وروسيا تهدف إلى تمكين الشعب الفلسطيني من الحرية والإستقلال وممارسة حق تقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة وفق القرارات الدولية ذات الصلة .
الشعب الفلسطيني في ذكرى إنطلاقة الثورة الفلسطينية التي فجرتها حركة فتح يجدد العهد على المضي بنضاله الوطني حتى دحر وهزيمة المستعمر الصهيوني الإسرائيلي الهمجي وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس تنفيذا للشطر الثاني من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181. .. الشعب الفلسطيني يطالب المجتمع الدولي بالإنتقال بدعمه لحقوق الشعب الفلسطيني من مربعه السياسي والنظري إلى مربع الفعل الضاغط. … الشعب الفلسطيني يؤكد على ضرورة ضمان سمو قوة الحق كأساس للتعامل بين دول العالم. ..الشعب الفلسطيني يطالب الدول النافذة بدعم مبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالدعوة إلى إنهاء الإحتلال الإستعماري الإحلالي عبر إضطلاع الدول الكبرى بواجباتها المناطة بها وفق نظام الأمم المتحدة واهدافها بترسيخ السلم والأمن الدوليين وضمان تصفية آخر قوة إستعمارية متغطرسة ..؟ !