عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
أليس لهذا الصمود الاسطوري الفلسطيني الذي تتبناه القيادة الفلسطينية من ثمن وتقدير لدى ما تبقى من نظامنا العربي ليقوم بدعمه وتأييده؟..
الم يضرب الفلسطينييون بقيادتهم المثل الاعلى في القدرة على الصبر والصمود والمقاومة السلمية والتشبث بالارض والحقوق في زمن صعب هو زمن العصى وعض الاصابع المستمر؟..
اللواء جبريل الرجوب مبعوث الرئيس للعواصم العربية يسابق الريح ويتنقل ويحيط كل الاطراف التي زارها بالواقع والحالة الفلسطينية ،وهو بدوره ومن خلال ايمانه المطلق بحق شعبه وارادة هذا الشعب يقوي من رباطة جأش من زارهم ويشد على ايديهم ويبعث فيهم ان شعبنا الفلسطيني صامد ومرابط في ارضه وعلى تراب وطنه، وان السنوات العجاف من العدوانية اليمينية الاسرائيلية وتعبيراتها المختلفة لن يزعزع صمود هذا الشعب او يهز ارادته ..
والرئيس الفلسطيني كان قد حذر من الانهيارات التي بدأت في الصف العربي نتاج الضغوط والاغراءات الامريكية والاسرائيلية للمذعورين العرب الذين واصلوا الهروب الى الحضن الاسرائيلية بحثا عن الحماية التي لن يجدونها الا عند شعوبهم لو كانوا يعلمون..
الذي يتجول الآن في العالم العربي لزيارة عواصمه والدعوة الى دعواه هم طرفان.. الامريكي الذي يروّج للبضاعة الاسرائيلية والعصر الاسرائيلي ويحث العرب على التطبيع والركون الى حسن نوايا اسرائيل وحمايتها من اعداء بعضهم مجهولا ويخيفهم من الاسلام ومن الجوار ومن العروبة، والطرف الاخر هم الفلسطينييون الذين يجوب مبعوث الرئيس ابو مازن اللواء جبريل الرجوب العواصم العربية ليبلغها الموقف الفلسطيني ويحذرها من الوحل الاسرائيلي والمشي فيه، لما لذلك من مضاعفات قد لا يدركونها الآن، ولكن عليهم ان يعتبروا بغيرهم ممن خاض وُحولَها وعاد “بخفي حُنين”..
تابعت زيارات اللواء الرجوب والمتغيرات الملموسة في التعامل مع ما يطرح، فقد بدأت بعض الانظمة تُعرب الجملة الفلسطينية وتستمع لها وترى ان في صمود الفلسطييين ورؤيتهم ما يبرره السلوك الفلسطيني الذي كظم الغيظ وحرص على استمرار رصّ الصفوف، فالتعليمات الصادرة من الرئاسة الفلسطينية تندرج تحت شعار أنهم أي العرب أخوتنا وهم من أمتنا وعلينا أن ننصرهم ونعذرهم ونقدم لهم نصحنا المرتبط بتجربتنا في التعامل مع هذا الاحتلال!!..
اللواء جبريل ادار محادثات ناجحة في العراق والدوحة ومسقط، وقد استمعت للمسؤولين العُمانيين الذين ظلوا على موقفهم وتمسكوا بعروبتهم ورفضوا التشكيك في مواقفهم واستبدلوا موجات التشكيك بالتأكيد على ثوابت مواقفهم، ففي سلطنة عُمان سلطان لا تضيع عنده الحقوق و لا ينقلب على شقيق او صديق ولا يبيع قضية آمن بها شعبه..
والدوحة التي فتحت ذراعيها مجددا اظهرت حاجتها للموقف الفلسطيني بنفس سوية حاجة الفلسطينيين للشقيق القطري حين رأت الذين شغلتهم أموالهم كيف يتصرفون ويظنون بالفلسطينيين ظن السوء، بعد أن أصبح في قلوبهم مرض وارتدوا واستجاروا بالعدو وعادوا القدس واهلها وخذلوهم في زمن الصمود والشهادة..
اثبت الرئيس عباس بعد تجربة مُرة عاشها شعبه في فترة حكم الطاغوتين ترامب ونتنياهو انه رقم صعب، وانه يستطيع أن يقود شعبه إلى الصبر والصمود، وأنه لا يفرط بحق هذا الشعب رغم التجويع والحصار والكورونا..
الرئيس عباس نجح في امتحان الصمود والشجاعة بامتياز، ولذا يستطيع الآن أن يجاهر بهذا الصمود وأن يقدمه نموذجا، ويستطيع أن يقول لكل من ارتجفت رجلاه واعتراه الخوف أن العلاج هو في الصمود وعدم المراهنة على العدو أو على القوى الخارجية وإنما على الشعب والأمة والقضايا العادلة ..
المشاهد المقززة التي فبركتها إسرائيل من عواصم عربية ارادت أن تظهر فيها أن هناك من يقبل روايتها في القدس، وأن هناك من يريد ان يتخلص من الفلسطينيين ويتأمر عليهم هذه المشاهد مفبركة واصحابها مأجورون ومدسوسون عملت إسرائيل على صناعتهم عبر سنوات عدة، ليصبحوا من عرائس المسرح في مسرح العرائس تحركهم بأصابعها..
الرهان هو على شارعنا العربي المجوّع والمضروب والمطارد والمقموع والذي سيصحوا فجأة ولن يسلم لأولئك الذين يمعنون في تزوير إرادته، والجذوة الفلسطينية لن تنطفئ وهي كفيلة بإعادة ايقاد العزيمة والارادة في الشارع العربي الذي اوقده استشهاد الطفل محمد الدرة..
لن تسلم الأمة باحتلال القدس وتهويدها واسرلتها فهي لم تسلم من قبل حين اقام الفرنجة في القدس محتلين قرناَ من الزمان، ولم تسلم لقوى الاستعمار في الجزائر وجنوب اليمن و جنوب لبنان..
سيبقى الفلسطيني فردا و شعبا وقيادة يدق الصهريج مستلهما رواية غسان كنفاني “رجال في الشمس” و قصيده محمود درويش “اكل الثعلب في برجي حمامة سوف أرثيها وسأحمي البرج ولست استعجل ميلاد القيامة” والقيامة هي القيامة العربية التي ستأتي تقف بجانب الحق الفلسطيني..
ما زال جبريل الرجوب يدق الجدار العربي وما زال يؤسس لفتحات فيه تعبر منها الخميرة الفلسطينية لتصيب العجين العربي لينضج، وما زال القائد الشجاع ابو مازن رقما صعبا توهم من أداروا الظهر له او من ارسلوا له المندوبين ليستلموا منه اشعار الاستسلام والارتماء في حضن ترامب ونتنياهو..
رهان الرئيس عباس على شعبه.. ومن يراهن على شعبه لا يخذل بل يمضي “يحاول ملكا او يموت فيعذرا”!!..
اما رهان الذين اداروا ظهورهم لشعوبهم واستقووا بالاجنبي فهو على نماذج قرأنا عنها في كتب التاريخ، و كانت مألاتها الى مزابله!!
كان الله في عون القيادة الفلسطينية وهي تسبح باتجاه الشاطئ بعد ان اختلط الماء العربي بالمجاري وأصبحت السباحة شاقة الا من احترف المشي في الوحل.. كما قال المتنبي: ” إذا إعتاد الفتى خوض المنايا فأهون ما يمر به الوحول”..