عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
اكتشاف مرض “العطارات” والبدء في معالجته هي براءة تسجل لرئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، فقبله عرفوا المرض ولم يعالجوه ومرّوا عنه لأسبابهم او لخوفهم، والمعرفة وحدها لا تكفي.. فضباب لندن معروف كما يقول الفنان الانجليزي “اوسكار وايلد” وانما توظيفه في رسم اللوحات هو الجديد!! ..
واليوم الآن نقول: “لن يصلح الدهر ما افسدته العطارات”، فهذا زمن “الشقلبة” اذ كنا نقول “لن تصلح العطارات ما افسد الدهر”. فهل تتشابه النتائج ؟.. ولماذا مرً مشروع العطارات هذا بلا تفتيش او رقابة؟ واذا كان جرى تفتيشه فمن اجازه؟ ومن باع علينا بضاعتنا بسعر لا نطيقه ؟.. وجعلنا ننوء بدين الى يوم الدين!!! ..
هل ذهبنا الى العطارات لنصلح البيت الاردني بمزيد من الاستثمار ام لنحرقه بمزيد من الديون التي تحتاج الى من يطفئها؟..
من اصحاب الفكرة الجهنمية من الذين دسوا السم في الدسم وقلبوا افراحنا اتراحاً، ولوثوا كل مسعى أردنا منه انقاذ اقتصادنا؟..
لن ادخل الى العميق حتى لا اعرض نفسي للغرق فنحن امام منجم من الفساد والافساد، وها هي حكومة الخصاونة تكشف الغطاء علناً وتقوم من خلال رئيسها وطاقمه الوزاري بدور الاطفائي. فهل ينجح الدكتور بشر الخصاونة الخبير الحقوقي والقانوني في تفكيك قنبلة العطارات التي شحنت بما يكفي لتدمير اقتصادنا الوطني لما ترتب عليها من استحقاقات مرعبة فرض على الدولة ان تتحملها لأن حراس المصلحة الوطنية لم يحفظوا درسهم ولم يسهروا ولم يفتحوا عيونهم بما يكفي، وتركوا الحبل على الغارب للمنتفعين والسماسرة وذوي الخزنات المنزلية ومن سار معهم الى اهدافهم ..
كيف مرّ مشروع العطارات ومن مرّره؟ وهل سيكون لهذا الزلزال ارتدادات اقوى منه كالتي كانت لبنك البتراء سيء الصيت . الذي مازلنا نعاني آثاره؟.
وهل نهض الرئيس الخصاونة ليجترح شجاعة مذهلة يفتدي بها بلده وقد فتح القمقم واحتوى القنبلة الملقاة، وكيف سيكون انفجارها وتفكيكها؟ وهو يضعها بين حدّين حدّ التراجع عن المشروع الذي سيأكل الأخضر واليابس مما تبقى لدى الاردنيين من خبز . وذلك بأسلوبين: اما اعادة النظر في التسعيرة التي تفوق ضعف ما هو متعارف عليه الان من اسعار الطاقة. أو تصفية المشروع بالانسحاب منه واعادة امتلاكه بأقل الخسائر، سيما وان المعلومات التي باتت ترد عن المشروع للرأي العام صادمة ولم تكن لتكشف رغم النزيف المستمر في الجسم الاقتصادي الاردني في مجال الطاقة دون ان يضع احد اصبعه او سماعته على موقع النزف او الخلل..
كان المسؤول السابق يُحوّم حول المشكلة ولا يطرقها، وحتى حين كان يستعيذ بالله منها حين يعرف حقيقتها.. كان اسلوب الترحيل هو المتبع في ظل حكومات سابقة خرقت اذاننا وهي تتحدث عن الوطنية والحرص وعن راتب رئيسها القليل( حاوية قطمة) وعن دعوة رئيس آخر باللجوء الى “البلابيف” في حال العسرة وهو الأمر الذي كان يتوقعه حين وضعنا في عنق الزجاجة ومشى.
عن ايّ مرحلة كنا نتحدث او نمر؟ ولماذا كل هذا التعتيم الذي سطعت عليه كاميرا الخصاونة، واذا بالمرحلة التي ادعى اصحابها انها “قمره وربيع” والتي دفعنا ثمنها (7) مليار مزيدا من الديون تعبر بنا الى مصيدة وفخ نقع فيه الآن ونجده في وجوهنا .. فإما ان يفكك او نقع فيه اذ لا مهرب الاّ بعقولنا وارادتنا..
أراهن على قدرة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة وعلى وعيه وعلمه ووطنيته، واراهن انه قادر على ان يضرب “عش الدبابير ” وان اختفى اوتقادم وان يهدم المعابد التي كنا نصلي فيها دون ان ندرك لمن نتوجه وما عقيدة من بنوها..
على مجتمعنا الأن أن يشكل أحزمة حامية ومؤيدة وداعمة و رافعة لكل العقول والأدوات والإرادات التي تريد انقاذنا من طوفان الفساد الذي جرى رمينا في لُجّه لتعيش فئة محددة مارست ” نوم الذئب في فراش ليلى”!!
قالها لي بملء الفم امس حين التقيت دولة الرئيس الخصاونة قال أنه “غبن فاحش”، فهل نتركه يستمر ليأكلنا ام نداهمه لنصفي مظاهره؟
صمت ونظرت بوجل وصدمة والرئيس يتكلم وكأنني امام بيان طوارئ جديد يعلن الحرب على الفساد من أوسع أبوابه و”يدق” في الهبرة بعد ان ظلت محاربة الفساد تأخذ من الشاه اذنها وتكتفي بجزّ الصوف!!
الرئيس الذي يعرفه الكثيرون أكثرمني بالحرص على التناول العلمي والموضوعي للقضايا الوطنية لا ينطلق من تصفية حسابات، ولا من بحث عن إضاءة، فقد كان شاهدا لبعض المسيرة ولكنه لم يكن يمتلك حينها القرار، اما وقد أنيطت به مهمة إعادة التشخيص والعلاج ووضع يده على الورم فإن السكوت يعني انتشار المرض الخبيث “الفساد” وتدمير الجسم ولا اعتقد ان بشر الخصاونة يسكت او ينحني او يطأطأ الرأس!!
ليعذرني القارئ أنني أهرب الى اللغة لأخفي بها انفعالي رغم رغبة القارئ ان أسمي الاشياء بأسمائها وأضع نقاطا على الحروف و أذكر الأسماء.. لست في هذه المرحلة قادراً ولكني قرأت الرئيس أمس، رأيته كالطبيب في غرفة العمليات وهو يغادر اجتماعا طارئا ممتدا لوزارئه انتظرت حتى ينتهي، لم يضع السماعة عن اذنيه تحدث عن تشخيص سريع وأخبرني كأنني من ذوي المصاب الاقربين وقال: أما ان وأما ان مشيرا الى ضرورة إعادة النظر في التسعيرة او تصفية المشروع دون ان تتكبد الدولة الملايين وتقترب الخسائر من المليارات إن لم تكن وصلتها ، وهذا الأمر كما اعتقد يحتاج الى مهارة الجرّاح والى اخراج قانوني دقيق وصائب يحرص الرئيس عليه بالعلم والمعرفة ودعوة كل ذوي الاختصاص ليساعدوه.
نكتشف ان الكناسة التي كان يقوم بها كثير من المسؤولين كانوا يخفونها تحت السجادة، وان سجادتنا وصلت من الانتفاخ حداً لا يستطيع بعده استعمالها أو احتمالها، وانه حان وقت رفعها مهما كانت الرائحة تزكم الأنوف و مهما كان المنظر مفجعا، فلم يعد في الغرفة الوطنية متسعا للعيش اذا لم تنظف زبالة الفساد، ويشار بالمحاسبة لمن سببوها..
اكلتنا شركة الكهرباء الوطنية ولم يتوقف عدادها الذي كان يعد بالملايين علينا ولصالح غيرنا، فهل لم يكن لدينا مهندس يوقف العداد الذي كان يطحن خبز اطفالنا الى ان جاء الخصاونة؟ أريد على ذلك اجابة!!
لماذا لم تراجع الحكومات السابقة الحال وهي قد رأت حجم الانهيار؟ و لماذا اجلته واحالته للوقت ولم تداهمه؟ ومن السبب في اطلاق المأساة ومن وقع وقبل واستفاد سواء عن وعي أو جهل فالنتيجة واحدة ، لماذا يجري تعذيبنا بالكهرباء والطاقة وتتحول من نعمة إلى نقمة؟ ..
هل يعيد الخصاونة تصفير العداد؟ هل يوقفه؟ هل يصلحه؟ هل ينقله؟ هل يلغيه؟ هل يجعل الحكومة تستملكه لتوقف نزفه؟تلك اسئلة يمتلك الخصاونة الاجابة عليها لكننا لن نبقى متفرجين فنحن في صف من يطفأ الحريق عن بيوتنا!!
الشروط الجديدة التي قال بها رئيس الوزراء ويعمل على تحقيقها تحتاج الى تحكيم والى موقف وطني مؤازر، وإلى إعادة فتح الملفات وفك كثير من البراغي التي قيدت الحكومة ورتبت عليها استحقاقات مذهلة..
ان استطاع الرئيس الخصاونة الدكتور بشر وانا متفائل انه يستطيع ان يداهم بالحقائق مخاطر هذا المشروع ويوقفها فإنه سيترك بصمة تاريخية في عمله و سيعالج اكبر قضية فساد جرى كشفها، وسيكون رمزا وطنيا احسن الملك عبد الله الثاني اختياره فقد اعيانا الكلام والبكاء كثيرا ونحن نتحدث عن الفساد الذي اشبعناه سبا وأودى باقتصادنا حتى جاء الدكتور بشر الخصاونة الآن، فهل نتوقف قليلا عن الشتم والسب ونسمح للاطفائية ان تمر لتطفئ حريق العطارات الذي يأكل اقتصادنا الوطني بمزيد من الديون والأعباء، هذا هو التحدي وإلا فستمر حكومات أخرى ترى أننا نغرق دون ان تلقي لنا بعجلة النجاة…
أما ما استمعت اليه من دولة الرئيس في مسائل اخرى فسأتركها لحديث اخر، فقد فوجئت من حجم معرفته ولياقته وقدرته على اسناد حديثه بالحجج والبراهين…