جسدت منظمة التحرير الفلسطينية ضمير الشعب الفلسطيني وأهدافه بتحرير وطنه التاريخي من براثن الإستعمار الصهيوني الإسرائيلي الهمجي فحفظيت بدعم وإلتفاف جماهيري فلسطيني وعربي غير مسبوق منحها الثقة المطلقة والشرعية التي إنتزعتها بفضل نضالها الثوري والسياسي مسلحة بإيمانها بعدالة قضيتها الوطنية مدعومة من الشعب العربي واحرار العالم دولا وشعوبا على الساحة العالمية .
مقدمة لا بد منها :
مرت القضية الفلسطينية بمحطات عدة منها :
أولا : محطة سايكس بيكو وحتى ايار 1948 :
تميزت هذه ألمرحلة التي اتسمت بتقسيم النفوذ بين بريطانيا وفرنسا وما تلاها من إطلاق دولة الإستعمار البريطاني وعد بلفور لإقامة ” وطن قومي لليهود ” على أرض فلسطين مرورا بدعم وتمكين العصابات المسلحة الصهيويهودية من إعلان كيانها الإستعماري الإحلالي على 78 % من مساحة فلسطين عام 1948.
تميزت هذه المحطة بمقاومة شجاعة للشعب الفلسطيني بالرغم من التفوق العسكري الكبير لقوات الإستعمار البريطاني وقوات العصابات الإجرامية في ظل غياب رسمي عربي عائد إلى حد كبير لخضوع اقطارهم تحت نير الإستعمار البريطاني والفرنسي .
ثانيا : المحطة الثانية منذ عام 1948 وحتى هزيمة حزيران 1967 :
تميزت هذه المحطة : — بخلافات رسمية عربية بلغت حد العداء الذي فاق بحدته العداء ” لإسرائيل ” الذي بقي عمليا شعارا نظريا .
— خلت هذه المرحلة ايضا من اي جهد عملي مترافق مع إعداد عسكري وإقتصادي وسياسي رسمي مشترك على المستويات الإقليمية او القومية او الإسلامية تهدف الى خوض معركة تحرير فلسطين المحتلة أو حتى على مستوى فرض إنسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلي العدواني إلى الحدود المحددة بموجب قرار التقسيم الظالم والجائر بحق فلسطين أرضا وشعبا رقم 181.
— كما تميزت بتقاعس دول كثيرة حتى من متابعة مساءلة ” إسرائيل ” ومحاسبتها في اروقة الامم المتحدة ومؤسساتها لعدم تنفيذها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي اشترط لقبول عضويتها تنفيذ القرارين 181 و194 .
انتهت هذه ألمرحلة بشن إسرائيل حربها العدوانية أسفرت عن إحتلال سيناء وقطاع غزة ” الذي كان تحت إدارة مصر ” والجولان السورية وباقي ارض فلسطين اي الضفة الغربية ” التي كانت جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية ” .
ثالثا : منذ حزيران 1967 وحتى تشرين الثاني 1974 :
— نتيجة لهزيمة حزيران إنتفض الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني رافضا للهزيمة متبنيا حرب التحرير الشعبية كاستراتيجية لمقاومة الإحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين مما اهلها ومكنها في شباط 1969 من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الشهيد ابو عمار الذي قاد الثورة الفلسطينية متخطيا كافة العقبات والمعوقات والمؤامرات التي إعترضت مسيرة الثورة الفلسطينية فكان الإعتراف الرسمي في مؤتمر القمة العربي المنعقد في الرباط عام 1974 بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني الذي لا يعني بأي حال من الأحوال ” تقزيم “مكانة القضية الفلسطينية كما يحلو للبعض من مكانتها وبعديها العربي والإسلامي وما قرارات القمم العربية وخاصة قمة بيروت التي طرحت المبادرة العربية عام 2002 وقرارات منظمة التعاون الإسلامي فيما يخص القضية الفلسطينية ابلغ دليل على إستمرار تصدر فلسطين كقضية مركزية وتعزيز بعديها العربي والإسلامي بعنوان فلسطيني وتنسيق عال فيما بينها وهذا ما دأبت على تعزيزه القيادة الفلسطينية الشرعية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة السيد محمود عباس رئيس دولة فلسطين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الذي تولى القيادة منذ إستشهاد الرمز أبو عمار .
— نتيجة للدعم الأمريكي والأوربي لدولة الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي العنصري فشلت كافة مساعي الحوارات والمبادرات العربية والإقليمية و الدولية إلى إلزام ” إسرائيل ” بالانسحاب من الأراضي العربية التي احتلت إثر العدوان الإسرائيلي في حزيران 1967 .
بناءا على ما تقدم فإننا نخلص الى نتيجة هامة بأن الإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني لم يكن عائقا أمام اي مبادرة لإنجاز إنهاء إحتلال إسرائيل للضفة الغربية ولقطاع غزة التي عملت على تابيد إحتلالها ليس لفلسطين وحسب بل للجولان في ترجمة واضحة للأهداف التوسعية للكيان الصهيوني العدواني والعنصري كما يعني هذا أيضا تفنيد لمقولة زاعمة بأن قرار الرباط الإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني حال دون نجاح دول عربية بإزالة آثار العدوان .
لماذا إستهداف منظمة التحرير الفلسطينية :
سؤال وتساؤل مهم خاصة في هذه المرحلة الخطيرة التي مرت بها القضية الفلسطينية في عهد الرئيس ترامب الذي عمل على توظيف نفوذ امريكا لفرض مشروع نتنياهو ترامب صفعة القرن الهادفة لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني اي تصفية القضية الفلسطينية كخطوة على طريق الانتقال للمرحلة الثانية خدمة لمخططات الحركة الصهيونية العدوانية التوسعية بالهيمنة على مفاصل القرار بدول عربية وبمقدراتها وخاصة الثرية منها .
الجواب على التساؤل يكمن في :
— إجهاض رهان بريطانيا والحركة الصهيونية منذ بدايات القرن العشرينات على إمكانية تضليل العالم لدعم مشروعها الاستعماري في فلسطين بروايتها الزائفة والمغلوطة القائمة على ان فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض تلك الرواية الزائفة تحطمت على صخرة نضال وصمود منظمة التحرير الفلسطينية بفصائلها المناضلة قائدة الثورة الفلسطينية التي إنطلقت في الأول من كانون الثاني عام 1965 .
— سحبت البساط من ايد أنظمة عربية وإقليمية عملت على إستخدام القضية الفلسطينية كورقة خدمة لمصالح حكامها .
_ رسخت سياسة القرار الفلسطيني المستقل مما أدى إلى إجهاض محاولات أنظمة للتلاعب بحقوق الشعب الفلسطيني بالتحدث نيابة عنه.
— نجحت باستصدار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67/ 19 لعام 2012 الإعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب .
— نجحت قيادة م ت ف بعزل الموقف الإسرائيلي والأمريكي المناقض لميثاق الامم المتحدة وللقانون الدولي عالميا .
إن الموقف الإستراتيجي الشجاع للقيادة الفلسطينية ورمزها الرئيس محمود عباس برفض خطة صفقة القرن ووقف كافة أشكال الإتصالات مع الرئيس ترامب وإدارته بالرغم من كافة الضغوطات أثارت حفيظة ترامب وإدارته التي حرمته من تخليد اسمه كرئيس لا يقال له كلمة –لا — وكصانع المعجزات كما أثارت حفيظة أنظمة عربية رضخت لضغوط ترامب للإعتراف بدولة الاحتلال الإسرائيلي دون مراعاة لحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية بوطنه وحقه باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف مما احرجها لدى شعوبها .
ما تقدم لا يمثل إلا بعضا من العوامل التي دفعت بالكيان الصهيوني الإستعماري وادواته بشن حملة شعواء تستهدف الشرعية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وقيادتها الشجاعة الحكيمة برمزها السيد محمود عباس رئيس م . ت .ف . الرافضة لتقديم أي تنازلات عن الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني المتوافق عليها في قرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دوراته .
إذن يهدف العدو الإسرائيلي من وراء حملته الشعواء إلى إزالة العقبة الكأداء أمام تحقيق أهدافه الاستعمارية بترسيخ وتأبيد إحتلاله لكامل أرض فلسطين وتفريغها من اصحابها الشرعيين الاصلاء دون مراعاة لحقوق الشعب الفلسطيني المكفولة دوليا وحقه بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة .
اما الأدوات الرخيصة التي تشارك العدو الإسرائيلي حملته العدوانية التامرية فمصيرها إلى زوال ….. ؟
نعم لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني…. نعم لمؤتمر دولي ضاغط يكفل تنفيذ ألقرارات الدولية بإنهاء الإحتلال الصهيوني الاستعماري وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف…. لا لدعم نتنياهو عنوان التطرف والاجرام بشكل مباشر اوغير مباشر…. كفى مراءاة لترامب الراحل عن البيت الأبيض الذي بات عاجزا غير مفيد ….. ؟
إستهداف …الشرعية الفلسطينية. ..إستهداف للقرار المستقل … بهدف تصفية القضية الفلسطينية. ..؟ د فوزي علي السمهوري
12
المقالة السابقة