يحتفل العالم في 10 / 12 بمرور 72 عاما على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 الذي بقي إلى حد كبير إطارا نظريا يخضع للتوظيف السياسي من دول كبرى .
مكانة الإعلان العالمي :
يحتل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مكانة كبيرة في النظام العالمي سواء من حيث توقيت إصداره بعد الحرب العالمية الثانية وما شابها من جرائم وأفعال همجية آذت ضمير الإنسانية او من حيث أحكامه ومقاصده بالرغم انه لا زال بعيدا عن الاحترام والتطبيق بل يشهد إنتهاكات صارخة حتى في أكثر الدول الداعية إلى إحترامه والنهوض بواقع حقوق الإنسان على المستوى العالمي .
فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يشكل :
— المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم ويتعين حمايتها عالميا .
— يمثل إقراره وإتخاذه مرجعا قياسيا إعترافا دوليا بأن إحترام وكفالة حقوق الإنسان هي أساس الحرية والعدالة والسلام .
— بعد المصادقة الواسعة لدول العالم اكتسبت لائحة الحقوق الدولية ” الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ” قوة القانون الدولي .
إنتهاكات صارخة لحقوق شعب … فلسطين نموذجا :
مثلت القضية الفلسطينية نموذجا حيا على أعظم إنتهاك صارخ في ظل صمت دولي تعرضت وتتعرض له فلسطين وطنا وارضا وشعبا :
— خلافا لمبادئ وأهداف الأمم المتحدة .
— لأحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهود والمواثيق الدولية .
هذا الانتهاك الصارخ المستمر منذ سبع عقود والممتد منذ فرض بريطانيا إنتدابها وإحتلالها العسكري لفلسطين في اوائل القرن العشرين وحتى الإعلان عن إنهاء إنتدابها بعد تمكين العصابات الصهيونية العنصرية المسلحة من :
• إعلان دولة مصطنعة طارئة على ارض فلسطين .
• إرتكاب سلسلة من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني أسفرت عن طرد مئات الآلاف من ابناء الشعب الفلسطيني بقوة السلاح خارج وطنهم التاريخي والمطلق عليهم سياسيا ” لاجئين ” .
• إحتلال باقي أرض دولة فلسطين إثر عدوان حزيران عام 1967 وما اسفرت عن نتائج اثرت سلبا على طبيعة وشكل ومستوى وأمن وحياة الشعب الفلسطيني من مظاهر سلب لحريته وتهديد مستمر بحقه في الحياة الآمنة وقتل وحصار وتدمير منازل بل وبانتهاك لكافة الحقوق المكفولة في لائحة الحقوق الدولية .
• تمكين سلطات الإحتلال الإستعماري الإحلالي العنصري الإفلات من المساءلة والعقاب على جرائمه وإنتهاكاته ولضربه عرض الحائط بل التبجح بعدم الإعتراف الفعلي والعملي
بالإلتزام بميثاق الأمم المتحدة وقراراتها مما حدا بقادة الكيان الصهيوني المضي قدما في ظل غياب رادع دولي بإرتكاب كافة اشكال الجرائم واعمال الإضطهاد والهمجية بحق الشعب الفلسطيني في مسعى لترسيخ وتأبيد إحتلاله الذي ” يجسد اخطر واعظم إنتهاك لحقوق الإنسان ” لأراض الدولة الفلسطينية ” تحت الإحتلال ” .
ما تقدم لا يمثل إلا القليل من سلسلة لعناوين ملئية بالتفاصيل من السياسات القائمة على الإنتهاكات التي مارستها ولم تزل تمارسها سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية بعنصريتها وهمجيتها تحت نظر الدول الكبرى التي تقع عليها مسؤولية التصدي وحماية مبادئ واهداف الأمم المتحدة ومبادئ حقوق الإنسان حال تعرضها للإنتهاكات الممنهجة .
هذه الإنتهاكات الصارخة الممتدة منذ ما يزيد عن 72 عاما بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح تستدعي من المجتمع الدولي الذي يحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان ان يترجم إلتزاماته التي جسدها عبر المصادقة على العهود والمواثيق الدولية وإيمانه بكفالة وسمو حقوق الإنسان على ما عداها من إعتبارات أن تبادر إلى إتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني المحروم من التمتع بها وذلك بإلزام سلطات الإحتلال الإسرائيلي تحت طائلة المساءلة على :
▪ إنهاء كافة اشكال الإنتهاكات الواقعة والمحيقة بالشعب الفلسطيني وعلى راسها إنهاء الإحتلال لأراض الدولة الفلسطينية التاريخية .
▪ إرغام سلطات الإحتلال الصهيوني العدواني والعنصري على وقف إرتكاب جرائمه وإنتهاكاته الصارخة لحقوق الانسان بعقد فلسطين أرضا وشعبا ووطنا .
▪العمل على ضمان إحترام وكفالة حقوق الإنسان الفلسطيني المكفولة بالاعلان العالمي لحقوق الانسان أفرادا وشعبا .
سمو حقوق الإنسان :
تمثل الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الفلسطيني فردا وشعبا تحديا كبيرا لإرادة المجتمع الدولي ” في فرض إحترام مبادئ حقوق الإنسان ” وخاصة للدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية ” التي انقلبت في عهد ترامب على مبادئ لائحة الحقوق الدولية بإنحيازها الأعمى لنتنياهو ومعسكره بما يمثله من تطرف وعنصرية وعداء للإنسانية وللشرعة الدولية ” ولدول الإتحاد الأوروبي التي تمثل راعية وداعية لترسيخ حقوق الإنسان عالميا .
بناءا على ما تقدم ولتعزيز المصداقية والثقة باهمية وضرورة تجسيد حقوق الإنسان عمليا على أرض الواقع دون إزدواجية ودون توظيف سياسي
فالشعب الفلسطيني ومن منطلق إيمانه بسمو حقوق الانسان ( وهذا ما تضمنه القانون الاساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية ” دولة فلسطين تحت الإحتلال ” ) وبعدالة قضيته الوطنية يناشد المجتمع الدولي ان تتضافر جهوده بدعم نضال الشعب الفلسطيني للتحرر والحرية من نير الإستعمار الصهيوني تنفيذا للقرارات الدولية من جهة وكفالة لحقه التمتع بكافة الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومنها :
أولا : حقه بممارسة تقرير المصير والتصرف الحر بثرواته وسيادته على وطنه تنفيذا للمادة الأولى لكل من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
ثانيا : حماية الشعب الفلسطيني من الإنتهاكات والجرائم التي ترتكبها سلطات الإحتلال الإسرائيلي والتي تصنف في العديد منها كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية .
ثالثا : حماية حق الإنسان الفلسطيني بالحياة وعدم تعريض حياته للخطر حيث لا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا عملا بالمادة 6 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
رابعا : حماية الإنسان الفلسطيني فردا وشعبا من تعرضه على يد سلطات الاحتلال الصهيوني للتعذيب ولا للعقوبات ولا للمعاملات القاسية والوحشية أو الحاطة بالكرامة عملا بالمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
خامسا : حماية الشعب الفلسطيني من جرائم سلطات وقوات الإحتلال الإسرائيلي وإنتهاكاتها الصارخة الهادفة إلى هدم الحقوق والحريات الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان خلافا لنص المادة 30 منه ” ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة او جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات ” .
الشعب الفلسطيني إذ يشارك شعوب العالم إحتفالها باليوم العالمي لحقوق الإنسان ليتطلع إلى إضطلاع أحرار العالم وإلى المنظمات الدولية الناشطة برصد إنتهاكات حقوق الإنسان على الساحة العالمية أن تخصص جهودها وهدفها المركزي خلال العام الثالث والسبعون لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لحشد جبهة دولية عريضة ضاغطة على دولة الإحتلال الإسرائيلي لإنهاء إحتلالها وإستعمارها لأرض الدولة الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته العربية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة وفق القرارات الدولية ذات الصلة. ..
نعم لسمو حقوق الإنسان. ..لا لمكافأة مرتكبي إنتهاكاتها والذي يمثل الإحتلال الإسرائيلي أعظمها. ..فلننتصر للشعب الفلسطيني وحقه بتقرير المصير وبحمايته من تعسف وجرائم سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية ….