عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
أنعى صديقي الراحل الكبير والرجل العصامي رجل الاعمال والبنوك توفيق فاخوري عن عمر تجاوز الثمانين.
وللراحل سيرة حياة خصبة وممتدة بدأت بالاغتراب والقسوة وتكللت بالنجاح وبناء استثمارات ناجحة، واسرة مميزة فيها شاكر وسامر ووليد واقبال.
وكلهم لهم بصمات عميقة وجادة في عديد من الاستثمارات..
كنت تحدثت مع الراحل الكبير قبل أسابيع لكتابة سيرة حياته لتتعرف الاجيال على سيرة رجل عصامي بدأ لا يملك شيئا حين توجه للسعودية في سنوات الخمسينيات وفي جيبه 78 ديناراً اردنياً، جمعتها والدته كدين من جاراتها واقاربها في قرية “جبع” بمنطقة جنين.
وقد عمل الراحل في أعمال مختلفة بدأها يشتغل بيديه في ورش الانشاءات والطرق، وتطور عمله بجدية ليأخذ مقاولات صغيرة تنجزها مجموعة من العمال لا تتجاوز الخمسة افراد وسط شمس حارقة بعيدا عن المدن، الى ان أصبح مقاولاً كبيراً للطرق والابنية في فترة كان فيها الراحل الحريري واخرون ممن تميزوا..
قبل ان يعود الى الاردن بداية التسعينيات ويدخل عالم البنوك مساهماً في بعضها، ثم مالك لحصة اساسية في بنك الاردن بعد تحولات في البنك، ونقل ملكية، وقد أقام صناعات ناجحة في شركة الاقبال للطباعة وشركة للسجائر والتبغ والتي فتحت فرعاً في الخليج لتصنع المعسل الفاخر بإدارة سامر الفاخوري، وحققت قفزات نوعية، وقد كان آخر استثمارات “ابو شاكر” رحمة الله عليه اقامة فندق رتز كارلتون الذي بناه منفرداً برأسماله دون شركاء، بكلفة تصل في كل مراحلها الى 300 مليون دولار وربما تزيد .
كان “ابو شاكر” فطناً مواظباً ايجابياً وحذراً.. تجنب المنزلقات التي وقع فيها المستثمرون وخاصة في مجال البنوك ولم تسجل اليه ايّة مخالفات تذكر، وكان على رأس البنك في السنوات الاخيرة الشخصية النابهة المؤدبة شاكر فاخوري الابن الاكبر للسيد توفيق.
وكانت إدارته ناجحة لا تسكت على خطأ أما سامر فقد كان قصة نجاح متكاملة في شركة الاقبال وفي السجائر والمعسل، واصغر الابناء هو وليد ذو الميول الرياضية المحب للخيل وتربيتها والمستثمر في مجال العقارات في اسبانيا حيث يقيم، وقد أعد لأبي شاكر احفاد كثر..
اما صلابة ابو شاكر فقد رأيتها قبل سنتين حين الزم هيئة الاستثمار انفاذ شروط استثماره معها، وقد تخلت بداية لكن اصراره واثبات حقه الزمها بالعودة عن مواقف وقرارات خاطئة، يشهد على ذلك صديقي الدكتور خالد الوزني رئيس هيئة الاستثمار الذي فاوض ابو شاكر باسم الحكومة ليستانف بعدها توفيق فاخوري عمل بناء فندق رتز كارلتون بالاشتراطات المتفق عليها ويكسب القضية .
كان يريد الراحل للتو ان يرى هذا الاستثمار الكبير وان يبتهج بافتتاحه بنفسه العام القادم 2021 ، ولكن القدر يسبق احيانا وليس للانسان الا ماسعى .
كان شعار “ابو شاكر” الذي زرته قبل فترة اعرض كتابة سيرته واستمتعت بمجالسته كالعادة، ولاحظت اصراره على الدوام في مكتبه في ام اذينة ومجيئه الى موقع الفندق، وفي واحدة من المرات ترك سرير المستشفى ليعود الى المكتب ما يؤكد عزيمته وقوة ارادته وشعاره (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا )
احب “ابو شاكر” الحياة واعطاها، واحبته واعطته، وقد أحبه الكثيرون من اصدقائه وذكروا له فضلا عليهم، ومنهم من التقيته منهم في مكتبه امثال الشرقاوي وغيره .
وهو صاحب نكتة تراه بسيطا ان اردت ومجالسا لعلية القوم بحضور ساطع، لا يكترث بالمظاهر.
رغم اناقته الشديدة ومجالسته الحميمة وقد رافقته في رحلات ومناسبات كان انسانا مشبعاً بالحيوية لا يذكر من يعرفهم من اصدقاء او حتى خصوم الا بكلام طيب او يصمت حين لا يرضى.
قيل ان يده في الاستثمار مباركة، ما ان يضعها حتى يتحول الملمس لها الى بركة، ولم يعرف عنه فشلا او هزيمة فهو لا يعترف بذلك، وان واجه ذلك واصل العمل وحول التحدي الى فرصة .
له عين ناقدة تفوق الدراسات حين يعرض عليه مشروع او تقابله شخصية مقترضة .
رحمك الله يا ابا شاكر وانزلك فسيح جنته وغفر لك واحسن لأهلك وذويك العزاء وللعائلة حسن الصبر والسلوان ..وانا لله وانا اليه راجعون