عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
لم أر جلالة الملك، كما رأيته اليوم مبتهجا وهو يفتح المستشفى الميداني في الزرقاء، فقد كان قلقا ايام اجتياح الجائحة لبلدنا واتساع انتشار المرض، فقد ظل دائما يتابع ويوجه ويحرص وها هو اليوم يدشن لمواطنيه المستشفى الميداني الجاهز الذي يتسع لحوالي ثلاثمائة سرير، وقد تم اقامته خلال اسبوع و سيكون لدينا تباعا مستشفى آخر في عمان وثالث في اربد وهكذا، حتى اذا ما مرت اسابيع قليلة اصبحت الحصيلة 2000 سرير، وهذا العدد الجديد يعادل كل ما في بلدنا من اسرّة بلغت كلها (1800)..
يستحق رئيس هيئة الاركان المشتركة الذي استدرج العطاء وراهن على “ابو البداد” هكذا يسمى الباشا منفذ المشروع” فطين البداد” واخيه “زايد” التقدير والثناء.
كان الملك مرتاحاً وهو يتفقد المستشفى ويسأل ويتأكد، وبدا عليه الارتياح اكثر حين علم ان تزويد الاكسجين يأتي من خلال محطة تزويد متكاملة وليس من خلال عبوات محددة، وقد اثنى على نائب رئيس مجلس ادارة شركة البداد القابضة منفذة المشروع “زايد البداد” الموجود في الافتتاح، والقادم من الامارات ممثلا لرئيس مجلس الادارة الدكتور فطين البداد.. وكانت كلمات الملك عبد الله الثاني:” الله يعطيك العافية ويبارك فيك يا زايد” مؤثرة جدًا فقد ذكر زايد انها بالنسبة له وهو الاردني المغترب أهم من كل الاموال وأغلى على نفسه من كل ما انجز..
الشركة كانت “غبّ الطلب” كما يقولون .. فما ان جرى اختيارها بتزكية من قيادة الجيش لسمعتها والثقة بها، وكون مالكها اردني حتى وصلت خدماتها اللوجستية فوراً، وبدأت قوافل الشاحنات في رتل زاد عن خمسين شاحنة ضخمة تتدفق باتجاه الموقع في مدينة الزرقاء، ليكون هذا المستشفى واحداً من خمس مستشفيات بدأ العمل فيها معا،ويجري تسليمها في الموعد المحدد بحيث يكون الزمن اسبوعا بين كل مستشفى وآخر، وحيث يعمل في الموقع (300) من الفنيين والعمال والمهندسين والخبراء في مجال الادوات الطبية ، ليكون المستشفى جاهزا لاستقبال مرضى الكورونا ولاحقا اي مريض من اي مرض آخر..
المستشفى الميداني في الزرقاء الان فيه كل متطلبات أرقى المستشفيات العالمية، من غرف عمليات متقدمة وتخدير وعزل وغيرها.. هذه المستشفيات الخمس التي جرى تسليم أولها اليوم والذي شرّف الافتتاح له جلالة الملك ستكون جاهزة بنفس الطريقة..
حين رسى العطاء على شركة البداد قال أحد المشككين: سيكون هذا المشروع كـمشروع “الباص السريع” وقد وصلت العبارة لـفطين البداد الذي بدأ في ارسال الشاحنات منذ اليوم الاول للموافقة على اقامة المستشفى واندب نائبه زايد للحضور والوقوف في الورش الضخمة التي بدأت بتركيب المكونات لتقوم قاعات متنقلة ضخمة ذات مستوى ملوكي، تدهش من يراها او يدخلها باتساعها وتطور خدماتها..
كان البداد “غبّ الطلب” وهو اليوم يبيض وجه الذين راهنوا على عمله واخلاصه وسرعة انجازه، ويدخل السرور الى نفس الملك ومن حوله من القادة والمسؤولين، لقد كنت اتابع منذ البداية حين توجهت الشركة لتبدأ المشروع، و يومها كتبت و قد كسبت الرهان تحت عنوان “البدادان اردنيان يرفعان الرأس” كان ذلك قبل اسبوعين وقبل ان تهوي الجرافات لتسوية الارض، واليوم يفتتح الملك عبد الله الثاني باكورة هذه المستشفيات.. يتوالى الانجاز الذي لن تنتهي اهميته بانتهاء الكورونا بل سيكون ذلك جزء من البنية التحتية لقطاع الصحة الذي سيخدم المواطنين الاردنيين والمواطنين العرب الذين اتخذوا من الاردن قبلتهم للعلاج..
القاعات الضخمة هذه ليست خيم ولا مستشفيات طوارئ للحروب، وإنما مستشفيات حقيقية تلجأ إليها الدول وتعتمدها مع اجتياح الكورونا لبلدان هامة، فقد نشر البداد اكثر من 114 مستشفى حول العالم، ولدى دول عالمية مميزة في اوروبا الغربية والولايات المتحدة واسيا وافريقيا في قفزة كبيرة لتوفير مستشفيات سريعة وبمواصفات عالمية..
لم يعد بالإمكان انتظار اقامة مستشفيات من الحجر والباطون والحديد المسلح، فذلك يحتاج الى كلف قد يعادل بناء المستشفى الواحد منها كلفة الخمس مستشفيات المتنقلة ،اضافة الى مشقات الصيانة واحداث اي تغيير او تعديل، ولذا فإن هذه الشركة الناجحة والمبادرة والواعدة مدعوة بحكم التخصص الي تقييم اوضاع المستشفيات الاردنية القائمة، خاصة التي تحتاج للصيانة او التجديد..
بنفس الروحية السريعة والدقة والتميز يستطيع البداد ان يبث الحياة في مستشفيات اردنية تعطلت او جرى ركنها لعدم صلاحيتها للخدمة، كمستشفى الزرقاء الحكومي القديم او مستشفى السلط القديم..
الالتزام كان في مدة 14 يوم، ولكن الحرص والاحتراف مكن المنفذ من ان ينجز العمل قبل الوقت المحدد، لأننا نصارع جائحة خطرة ولا نريد ان ننكشف امامها او تضعف ارادتنا وليظل رهاننا على ابناء شعبنا واخلاصهم، وعلى السرعة في توجيهات الملك عبد الله الثاني الذي حرص على المتابعة وتوجه الى الزرقاء لافتتاح المستشفى الاول..
بعد ثلاثة اسابيع كما علمت من الدكتور فطين ستكون المستشفيات الخمسة في الخدمة، وستجد المحافظات الاردنية العديدة انها تحظى بخدمات صحية مميزة تبعد القلق وتؤخر امكانية تراجع الجسم الطبي الاردني ليظل سليماً، واذا ما تزامن انجاز هذه المستشفيات مع تعبئة حقيقية للجسم التمريضي والاطباء فإن الامور ستكون تحت السيطرة وسنعود لنقدم نموذجاً على المواجهة والاستعداد الذي كان يعوزه دائما الشفافية وتوحيد مرجعيات التصريحات التي ارهقت المواطن ونالت من اعصابه امام موجة الاشاعات والتشكيك التي انطلقت بشكل ظالم..
يقول الدكتور فطين البداد لي على الهاتف: “والله لم اشعر بالسعادة في حياتي وقد انجزت الكثير كما اليوم وانا اشاهد جلالة الملك يفتتح المستشفى، فهذا الاستبشار الظاهر على وجهه وحرصه واسئلته يعادل كل المال و يزيد ،ويدفعني للمزيد من العمل والانجاز والدقة وتلبية الواجب، وهذا العمل يختلف تماما في قيمته الانسانية عن اي أعمال أخرى انجزتها، فالمستشفى يختلف في هدفه وفلسفته عن اي من منشات شبيهة لاغراض مختلفة”.
ويقول الدكتور فطين:” اعرف ان الملك عبد الله الثاني يريد الشيء الذي يمكن انجازه غدا ان يكون قد انجز امس، ولذلك فإن ما يسرّه ويرضي خاطره هو ما اريد ان اقوم به.. واخي زايد الذي تحمل معي مسؤولية الرهان على الانجاز والسرعة وارضاء قائد شعبنا”.
يستحق فطين و زايد البداد الشكر منا كمواطنين، ويستحقان التكريم بإسمنا جميعا، فقد بعث عملهما المدشن اليوم الطمانينة في النفوس و كسب الرهان وتوفر الارادة التي ان قامت لا تُعدم الوسيلة.
أهالي الزرقاء جميعا يقولون شكراً جلالة الملك، وشكراً لكل الايدي التي عملت بوعي وسرعة لتضيف الى الزرقاء ما يلزمها من أسرّه مميزة في مستشفى مميز يقوم بعمل مميز..