عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
تقف السلطنة اليوم في محطة اليوبيل الذهبي لتعكس أهمية الاستقرار السياسي الذي حظيت به منذ انطلاقة يومها الاول قبل نصف قرن (خمسين عاما) وما زالت صافرة الاقلاع تعلو بالإنجاز، وما زالت عُمان في قيادة السلطان هيثم بن طارق تتقدم وتواصل المسيرة وحمل نفس الراية التي اعلاها وحملها السلطان الراحل قابوس الذي أسس لانتقال سلس ونموذجي للسلطة لم يعهد في غير عُمان…
اليوم يلف الوفاء العُمانيين جميعا للسلطان الراحل الذي وضع حجر الأساس ويرون في السلطان هيثم القائد الذي يأخذ السفينة العُمانية الى مواصلة رحلتها بوعى وإخلاص يبعدها عن الانواء والتقلبات التي تسود المنطقة والإقليم…
خمسون عاما وقد اصبحت عُمان في سياستها الداخلية التي احترمت الإنسان العماني واسعدته بحفظ الكرامة وطيب العيش وسياستها الخارجية الاخذة بالحياد الإيجابي وإشاعة مفاهيم السلام والشراكة والإسهام في حل المشاكل والمعضلات نموذجا يحتذى ويضرب به المثال.
النهضة التي انطلقت منذ خمسين عاما تتواصل وأرقام الدخل الوطني العام تبلغ رقما غير مسبوق رغم قساوة الظروف في المنطقة كلها والحرص يبلغ مداه من جانب السلطان في تعزيز وتطوير التعليم والصحة والخدمات العامة بالحفاظ على نفس النهج الذي اخذت به السلطنة منذ البداية مع تطوير مناسب يحافظ على ثوابت النهج ولا يخرج عنها وهو النهج الذي اعطى عُمان هويتها ومكنتها من أخذ مكانتها بين دول العالم..
نتوقف عند خطاب السلطان هيثم بالمناسبة لنقرأ الحالة العُمانية فالرجل الذي تربى في مدرسة السلطان الراحل ما زال يحافظ على ارث تليد خالد مثمر وما زال يحدو المسيرة بعقل منفتح وإرادة صلبة وعزيمة قوية فهو يستلهم المبادئ والقيم ذاتها التي غرسها السلطان قابوس طيب الله ثراه وخبرها العمانيون في كل مراحل تطور بلادهم فكانوا بها قد محضوا حبهم للسطان وبادلوه حبا بحب وهو الحب الذي اولوه الآن لسلطانهم صاحب العقل المنفتح الذي لا يعرف الجمود والذي قطع مراحل ليواكب الأجيال الطالعة ويأخذ بأمانيها فقد أمن بسنة التطور و ادراك الواقع والتفاعل معه دون قفز او حرق للمراحل …
من عرف السلطنة مثلي يدرك كم كان هذا الشعب العماني محظوظا بقيادته وكم كانت هذه القيادة موفقة في إدارة امور شعبها المستندة جذور ثقافته الى الاعتدال والتسامح والوسطية والسلام وقبول الاخر وحسن الظن بالأعمال و احترام العهود والمواثيق….
لقد جرى اختبار قيادة السلطان هيثم الناجحة اذ انه تسلم مسؤولياته الدستورية والتاريخية، والسلطنة تواجه تحدي ذو طبيعة عالمية وهو جائحة الكورونا واستطاع بجهود كل العمانيين الملتفين حول قيادته ان يجتاز الخطر وان يستنهض همم العمانيين وطاقاتهم وان يوظف قدراتهم على مختلف الأصعدة فاستحقوا على ذلك ثناء السلطان لإدراكه ان ذلك يخدم الاستدامة المالية للدولة وتنفيذ العديد من الخطط التنموية والمشاريع الإستراتيجية…
لقد كان تقييم السلطان وتشخيص أجهزته للحالة العامة ناجحا ولذا جاء خطابه السامي لإضاءة هذه الإنجازات وأيضا إظهار قدر كبير من الحيطة والحذر الذي اقتضى تعزيز الحماية الاجتماعية حتى تظل الدولة قادرة على النهوض بواجباتها وحريصة على استمرار ايراداتها.
السلطان الوفي لشعبه ولقواته السلطانية على اختلاف اسلحتها ذكرها بالشكر ونوه لدورها في حماية الوطن في السلم وحين الشدة وابرز دورها الذي شهد لها بما قامت به من ادوار ملموسة في مواجهة الوباء وقد امتد الوفاء ليغطي ذكرى السلطان الراحل الذي بدأ المسيرة وصانها وأوصلها الى اليد الامينة التي الت اليها الراية العُمانية..
كلمة السلطان وان كانت موجزة فهي عميقة الدلالة فما دام الوفاء هو الوسيلة والغاية وما دامت عُمان هي المقصد والهدف فإن التفاصيل الأخرى لا تستدعي الإطالة…
فالروح الوثابة التي يتمتع بها السلطان هيثم والذي كان لي شرف الحديث أمامه حين دشن افتتاح معرض الكتاب وقد وضعت كتابي عن السلطنة والسلطان بين يديه هذه الروح الوثابة والعزيمة المتواصلة كفيلة بقيادة عُمان بعد خمسين سنة الى المزيد من توسيع دورها وتعميقه وتعزيزه وإلى مساعدة الإقليم والمنطقة بفائض القدرات العُمانية الإيجابية وسياسات عُمان البعيدة عن التوتير او الإساءة للجوار أو لأي دولة في العالم…
واذا كنت اتحدث في هذه الأسطر عن سلطنة عُمان في ذكرى نهضتها الخمسين فإنني انطلق من فضل تكليفي بوضع كتاب عن السياسة العُمانية في نصف قرن والذي جعلني وأنا أعمل عليه لسنتين أدرك حجم وقيمة الدور العماني والسياسة العُمانية في بناء فرص للسلام والحفاظ عليه ومن أمثلة عديدة اتسع لها كتابي والذي امتد على نحو 400 صفحة أمل أن يرى النور قريبا…