عروبة الاخباري – كتب سلطان الحطاب
من موقع الاخلاص للوطن وقيادته وعلى رأسها الملك عبد الله الثاني، أرى ان أمر الدفاع (23) يشي بمسائل خطيرة كنا حذرنا من وقوع مثلها حين كانت البدايات، ويبدو ان شهية البعض في مواصلة التدمير قد تجاوزت كل الحدود إن فكروا في وضع اليد حين على ممتلكات فردية او ملكيات خاصة كالمستشفيات واداراتها بعيدا عن اصحابها ان احتجوا دون ان يكون هناك وسائل اقناع كافية لاتخاذ هذه الخطوات، و دون محاسبة اولئك الذين باعونا وهماً وهم يقولون انهم قد حاصروا الكورونا، و ان لا داعي للاستعدادات بتأسيس بنية تحتية مناسبة من المستشفيات الميدانية فقد جرى العرض على وزارة الصحة قبل عدة اشهر أن تأخذ من اموال صندوق همة وطن فاعتذرت بأن لا حاجة لذلك ، حتى اذا ما زادت الاصابات وبدأت البنية الصحية تتهاوى فطنوا الى سلوك اساليب أشبه ما تكون بالتأميم وكأنهم خريجوا “الاحزاب الشيوعية”..
توقفوا ايها السادة ولا تذهبوا بعيدا، لا تزيفوا الواقع وتقلبوا الحقائق، وعليكم ان تبصروا قائد الوطن بمعلومات حقيقية، وان لا تلجأوا الى هذه الاساليب الوخيمة التي لن تتوقف عند المستشفيات بل ستتعداها الى مواقع ومنشات ومصالح وشركات اخرى قد تمس الملكية الفردية المقدسة، وقد تمس حتى الأموال المرصودة للتقاعد والتي قد توضع عليها اليد باسم العدالة في التوزيع..
بإمكان الحكومة أن تحيل الى المستشفيات الخاصة المرضى المصابين، وبإمكانها ان تحدد سعر السرير وحتى المعالجة بأسلوب عادل يتجانس مع الخدمة ومع الكلفة المترتبة على المستشفيات التي تتحمل ديوناً و كلفاً عالية..
لا تكرروا اسلوب عبد الناصر -رحمه الله- فى التأميم، ولا تاخذوا بالاسلوب السوري في نفس السياق، وانتم عشتم ورأيتم مآلات ذلك، وماذا جنت الشركات والمؤسسات من التأميم وكيف هرب الرأسمال الوطني، وبعضه جاء الى الاردن ليستظل بقداسة الملكية الفردية..
لماذا التفكير بتكرار نفس الاخطاء التي ارتكبها الاخرون ونحن نعلم انها اخطاء، ونعلم ان الهاربين من تلك الاساليب قد توجهوا الى مناخنا الاقتصادي والاجتماعي لحمايتهم..
الذين يبررون وضع اليد على على الملكية الخاصة ومصادرتها وادارتها من الاخرين يرتكبون اخطاء فادحة، فالاصل ان يبقى اصحاب الملكية الخاصة هم من يديرون ويقررون، وهم ليسوا اقل وطنية من متخذي القرار حتى يجري زجرهم ومصادرة اداراتهم وممتلكاتهم باسم مواجهة تحدي الكورونا الذي لم تواجهه الحكومات بما يكفي من حرص وعناية، فهربت الى الامام للنيل من القطاع الخاص وممتلكاته..
لا أعرف من وراء هذا القرار غير المدروس في تأثيراته الجانبية ، والتي قد تشكل ضربة اخرى للطبقة الوسطى واقتصادها وللاستثمار ومناخه، وما جاء في امر الدفاع (23) هو أشبه بالشعار الذي جرى رفعه “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة’” حين صودرت الديمقراطية وحق الشعوب في التعبير والحرية، ولم تكن هناك معركة حقيقية يرتفع الصوت عليها بل ذرائع واهمة لم تلبث ان كشفت، لكن بعد ضياع وفوات الاوان..
يمكن للذين اتخذوا امر الدفاع (23) ان يعودوا لمراجعته بسرعة، فالقش الاردني يابس وليس بحاجة الى المزيد من التجفيف وصناعة الازمات.
فالاردنيون كلهم جاهزون لافتداء بلدهم ومواطنيهم سواء في المعركة للدفاع عن التراب الوطني او في مواجهة الكورونا، لكن لا بد من الحوار والتوضيح وكشف الحقائق والمعلومات وان يجري تبيين العذر قبل التقصير…
ستشعر فئات محددة من الطبقة الوسطى التي تديم اللزوجة في مواجهة الاحتكاك انها مستهدفة في عملية مواجهة الكورونا، وهو الاستهداف الذي كان حذر منه جلالة الملك حين كان تقصير الحكومة باديا في خططها واجراءاتها الاقتصادية البعيدة عن الاهتمام بالمواطن العادي، وحيث استنزفت الطبقة الوسطى بالضرائب والغرامات والاجراءات وأسعار الطاقة وكلف أخرى، فجبن رأس المال او هرب او تحوصل او غدى الاستثمار غير مجد..
لا تستعملوا فرض رأي دون رأي آخر، و لا تظهروا على المواطن حرصا ليس مختبرا يتجاوز طعامه وشرابه وفرصة عمله وحياته باسم المحافظة عليه، وهو لا يرى في كل ما تم من اجراءات ان الحكومات المتعاقبة كانت حريصة او قابلة للتشاركية، فقد أخذت على عاتقها وحدها مسؤولية المواجهة.
يمكن للحكومة بدل ذلك ان تستأجر في المستشفيات الخاصة وفي أي مرافق لاحقة تريد وضع اليد عليها، لأن هذا الاسلوب وان كان البعض قد اتخذه بحسن نيه او على اعتقاد انه يرضى الذين خرجوا في مسيرات الجوع والبحث عن عمل وعلاج فان اثاره خطيرة ..
على متخذي القرار ان يعملوا من اجل المواطن لا ان يستعملوا الاساليب الشعبوية في خطابهم الذي لن يسمن ولا يغني من جوع ..
المواطن اذكى من ان ينطلي عليه ذلك، وهو يعلم ان نفَس ذلك قصير وان هذه السياسة لا تصل الى هدف يتوخاه يدافع عنه المواطن..
تستطيع الحكومة المنتخبة والتي تقف امام برلمان حقيقي ان تتخذ ما تشاء من قرارات تقوم من التوافق والتراضي والمشاركة بما في ذلك الذهاب الى الحرب، ولكن لا تستطيع حكومات الفصول القصيرة والمتغيرة كما الزراعة الموسمية ان تقوم بذلك ومن منطلق المزاج أو الفردية او ارضاء اطراف محددة او تصفية حسابات لم تنجح حين كان الحديث يدور نفاقا على التعاون بين القطاع العام والخاص، لنجد ان هذا التغول على القطاع الخاص ومنشآته بهذا الشكل الذي يجانس ويوازي تغول السلطة التنفيذية على التشريعية..
من موقع محبتي وانا الذي لا املك تأمينا صحيا بعد تعطل تأمين “جريدة الرأي” التي افلست فأوقفت تامين الصحفيين المنتسبين لها من العاملين والمتقاعدين وتركتهم في العراء، وسمحت للحكومة بالتعيينات في الصحف ولوي اعناق اداراتها وملكيتها الخاصة واستبدالها.. لا استطيع وانا على هذا الحال انا أوافق على وضع اليد على المستشفىيات بالوسائل المذكورة.
أرجو ان تكون الوسيلة والخطاب قد خان المشرع في أمر الدفاع (23)، وان عليه ان يعود ليطمئن المواطنين اصحاب الملكية الفردية على ملكياتهم، فنحن لم نصل في وطننا الجميل المجروح والصابر ومع قيادة الملك الذي نؤمن بحكمته واحساسه الانساني الى مرحلة حصر الإرث..!!
أمر دفــاع (23) لا للتأميم.. سلطان الحطاب
12