واذ نشكر الشعب الامريكي على تقديم نموذج للحياة الانتخابية والديموقراطية التعددية، فاننا نبارك للرئيس جوزيف بايدن وللحزب الديموقراطي هذا الفوز الذى اكد فيه قدرته للانتصار لقيم العدالة ومبادئ الحرية عندما اكد الرئيس المنتخب بانه سيكون لكل الامريكيين، فلقد اثبت الشعب الامريكي عظيم انتماءه لامريكا عندما شكل نموذج للحياة المدنية وصدق ولائه للمؤسسات الدستورية التي يقف على رأسها البيت الابيض ومجلس الشيوخ كما مجلس النواب والسلطة القضائية المستقلة.
الانتخابات الامريكية التي تابعها العالم اجمع وشاركت فيها جميع المجتمعات بطريقة مباشرة وغير مباشرة كون مقرراتها تؤثر عليها وانتخاب رئيس الولايات المتحدة على كل الدول فالرئيس الامريكي صاحب اكبر نفوذ سياسي في العالم، ولما تشكله هذه الانتخابات من اهمية استراتيجية وسياسية وتنموية على كل المجتمعات في العالم لذا كانت هذه الانتخابات محط اهتمام العالم اجمع كونها تعتبر اهم انتخابات في النموذج ومقدار التأثير، من هنا تأتي اهمية هذه الانتخابات واختياراتها، فلقد تابع العالم اجمع هذه الانتخابات منذ ان بدأت على الصعيد الحزبي كما تابعت النخب السياسية البرامج الاستراتيجية والسياسية الخاصة بكلا الحزبين، هذا لان لكل استراتيجية دوائر تأثير تؤثر بطريقة او باخرى على هذا المجتمع او ذاك، كل حسب موقعه من الاعراب في المعادلة الاستراتيجية المزمع تنفيذها او تلك السياسة المراد تطبيقها، وهذ ما يمكن مشاهدته على مستوى الاسهم والاسواق العالمية، حتى على صعيد أسعار البترول والذهب، فإن دخول برنامج جديد الى بيت القرار سيكون له حكما نتائج انية واخرى متوسطة المدى، هذا ما يجب قراءته والاستعداد للتعامل مع آثاره بطريقة موضوعية.
وعلى صعيد اخر، يتوقع بعض السياسيين ان ينتهى الوباء مع ولادة مرحلة بعد انتهاء الارهاب مع بداية مرحلة، كما يتوقع ان تنتهي جدلية تبديل بيت القرار الاممي في نيويوك، على حساب اعادة بسط مقام اعادة عولمة العولمة، كما يتوقع ان يتم تغيير المشهد العام في المنطقة بما في ذلك صفقة القرن وانهاء مع ما عرف بنظرية الاحتواء الاقليمي لصالح اصلاح الانظمة السياسية على قوام جديد يقوم على المواطنة وليس من اجل المواطنة.
وهذا ما بحاجة الى إعادة تموضع في الجوانب السياسية بما يسمح بإحتواء المشهد ولا يؤدي الى حدية انعكاس قد تؤثر على الاداء العام للانظمة او الشكل العام للجغرافيا السياسية التي إن لم تهضم التعددية الديمغرافية فهي مطالبة بإعادة تشكيل ذاتها بطريقة استراتيجية، فان الجميع مطالب بايجاد مساحة للمشاركة الشعبية تجاه صناعة القرار والا كانت استمرارية نظامه مهددة والجغرافية السياسية قد تتقلص، وهذا ما يجعل قواعد المعادلة أن تقوم على النفوذ المنفعي بقدر ما تقوم على الاستقرار الذاتي والخيار التشاركي والنهج الديموقراطي لكل الاحزاب وليس لفئة سياسية دون غيرها او لطرف دون البقية.
ويتوقع المتابعون ، عودة احياء بريطانيا لدورها في الاتحاد الاوروبي، فان الشراكة فى الميزان الجديد اساسها يكمن فى ايجاد كتل اقليمية فاعلة ضمن السياقات الجديدة فى العمل، كما سيكون محور شرعنة للدور تركيا وايران واسرائيل في المنطقة فإنه يتوقع ان يعاد تشكيل النظام العربي على قوام حداثي يحقق معادلة التوازن والضوابط في المنطقة، فان استراتيجية عمل جديدة قد تم اخياراها من العمق الاممي وهي تحمل اجندة تاريخية وليست انية، وهذا ما كان عليه التباين وما كان عليه الانتخاب.
عموما، لم اتفاجأ من انتخاب الرئيس المنتخب جوزيف بايدن فلقد توقعت ذلك منذ بداية شهر حزيران السابق وكتبت في صحيفة الدستور وعلى مدى خمسين مقالا حول الانتخابات الامريكية واهميتها جاء ذلك نتيجة المتابعة لمفاصل التحرك والحراك الشعبي والاممي من خلالها وحولها، وهذا ما ممكننا من الاستنباط الموضوعي لنتائجها وقراءة سيناريو الاحداث التي قد تقوم عليها السياسات المراد تنفيذها، فان تبدل بيت القرار يعنى تبدل فى الاستراتيجيات والسياسات، وهذا ما بحاجة الى عملية استدارك وربما استدارة فى بعض جوانب العمل، فإن معرفة البوصلة ستقود للطريق حتى لو كنت ماشيا وعدم المعرفة تقود للمراوحة لو كنت طائرا.
بايدن والحزب الديموقراطي يتوقع منهم ان يحملوا جديد للانسانية والبشرية وقد يتمكنوا من اعادة تطوير الجيل الخامس مع الصين، وادخال مفاهيم جديد فى العلوم البيولوجية والسيبراتية والعلوم المعرفية في مجالات البيئة والطاقة النظيفة كونهم يمتلكون برنامج ضخم جدا في هذا المجال ففي كل مره يدخل الحزب الديموقراطي الى بيت القرار يدخل معه برنامج فى الصناعه المعرفيه والذكاء الاصطناعي فلقد سبق للحزب الديموقراطي ان ادخل نظم فى (IT ,ET) ,هذا ما يبشر بان يحمل المستقبل المنظور علوم معرفية جديدة ستكون مرتكزة على البيئة والعلوم البيولوجية هذه المرة اضافة الى علوم معرفية جديدة.
اذن الرئيس المنتخب بايدن ومعه الحزب الديموقراطي يمتلكون برنامج سياسي كبير وبرنامج تنموي ضخم، كما يعملون وفق اليات عمل تقوم على القيم واهمية المشاركة والاشتراك، فاستحقوا ثقة الشعب الامريكي الذي اوصلهم الى تحقيق اغلبية فى مجلش الشيوخ والكونجرس وفوز مستحق فى البيت الابيض، لذا فهم يستحقون الثناء والتهنئة والتبريك كما يستحق الحزب الجمهوري الشكر على تقبل نتائج الصناديق بروح من الديموقراطية والثناء ايضا على حسن الاداء.
فلقد كنت مشارك شرف فى مؤتمر الحزب الديموقراطي عام 2008 في دنفر، بعد ان تلقيت دعوة مشاركة من مادلين اولبرايت في حينها عندما تم اطلاق برنامج المواطنة واعلم مقدار الجهد الكبير الذي يبذل داخل الحزب عند وضع استراتيجية العمل تجاه الرؤية والرسالة وكيفية اختيار فريق العمل والياته، وهذا ما يمكن مشاهدته من خلال المشهد الانتخابي ومراقبة مستوى الانجاز الذي تم تحقيقه، فما
قدمه الحزب الديموقراطي هو عمل حزبي استثنائي في اليات التواصل وفي آليات بناء استراتيجية العمل وهو نموذج يمكن الاستفادة منه كل الاحزاب ونماذج العمل الديموقراطي وهذا ما يسجل للحزب الديموقراطي وكوادره كما يسجل للشعب الامريكي حسن الاستجابة عند توظيف الارادة الشعبية في تحقيق تطلعات الحرية وقيم العدالة.
الاردن الذي تربطه علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة وتربط جلالة الملك عبدالله الثاني علاقة استثنائية بالرئيس جو بايدن ينظر للعهد الجديد بتفاؤل معقود بامل ان تنعم المنطقة وشعوبها بحالة سلام تحل عقدة النزاع ولا تقفز عليها وبتعزيز العلاقة التشاركية بين واشنطن وعمان لذا كان جلالة الملك من اول المهنئين للرئيس بايدن بهذا الفوز المستحق الذي تربطه بجلالة الملك علاقات استثنائية منذ عهد طويل وتعززت هذه العلاقة في عهد الرئيس باراك اوباما، وهذا ما يجعلنا واثقين من قدرة الرئيس بايدن على تحقيق اضافة نوعية للمناخات في المنطقة وللعلاقات الامريكية الاردنية.