عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
بين يدي رئيس الديوان الملكي معالي يوسف العيسوي، وضع الدكتور حازم قشوع كتابه الجديد (شرعية الانجاز) والذي يتحدث عن الحياة السياسية الأردنية ويتوقف في ابرز محطاتها في عهد الملك عبدالله الثاني..
ليس هذا هو الكتاب الأول ، فقد سبق أيضا أن أنجز أمين عام حزب الرسالة وزير البلديات الأسبق كتاباً عن الأوراق الملكية تفرد في طرح مضمونها وفسر وشرح مضامينها ودلالات ما تذهب إليه، وقرأ سطورها وما بين سطورها لينجز مجلداً ضخما بالحجم وفخما بالاخراج الذي أشرف عليه وبالطباعة التي موّلها..
قشوع كرّس حياته في العمل العام لثلاثين سنة، وكان نشطا حين مارس الدبلوماسية الشعبية في أوضح صورها من خلال ترأسه للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، فقد خدم الخط الموازي للدبلوماسية الرسمية الأردنية وأردفها بجهد مميز ظل حريصا أن يصعد ، وقد جمع لذلك الكثير ممن دعموا خطه ونهجه وأسلوبه في العمل من نواب وأعيان وحزبيين وسياسيين وشخصيات عامة وأصدقاء ، وقد كرس جهدا شخصيا إضافيا حين فتح منزله كصالون سياسي يعقد دورة في الشهر، يستضيف فيها شخصية سياسية بارزة للحديث سواء كانت من الداخل من هنا أو من العالم العربي أو حتى من الشخصيات العالمية كسفراء دول أجنبية وزعماء دول سابقين أو زعماء أحزاب أو مفكرين، حتى غدا الصالون الشهري يشار إليه بالبنان ويحرص عليّة القوم على حضوره..
وكان الدكتور المهندس حازم قشوع على موعد مع جلالة الملك أن يحضر هذا المجلس وأن يشرفه بحضوره لولا ما طرأ من مستجدات مختلفة..
لقد خدم كتاب قشوع عن الأوراق الملكية الفكر والصحافة والرأي وعزز قوة الدستور والقانون ، كما أضاء جوانب عديدة لخطوط عريضة قدمها الملك في رؤيته حين توسع المؤلف حازم قشوع في تقليبها وتمحيصها ، فكان رائدا في هذا الشكل من التناول..
الجديد الآن هو كتابة “شرعية الانجاز” الذي حط بين يدي رئيس الديوان ليكون تحت نظر الملك عبدالله الثاني واطلاعه.. فقد كفّى ووفّى الدكتور قشوع ، ونهض بما توجب عليه ليكون في مقدمة من ألف وفكر وساهم بشكل فعال في تعزيز مسيرة الانجاز، وفي تشكيل رافعة وطنية أخرى لجعل الأوراق الملكية في متناول الفهم الصحيح..
قال لي أحدهم لماذا يجهد الدكتور قشوع نفسه في تفسير الأوراق الملكية وهي واضحة ؟ فأجبته ، ولماذا أجهد المفسرون أنفسهم في تفسير القرآن ؟ أليس القرآن واضحا وفي تعدد قراءاته التي بلغت عشراً وفي الاجتهاد في تفسيره من ابن كثير من السنة إلى الزمخشري في الكشاف من المعتزلة ومرورا بتفاسير علماء الشيعة وآل البيت.. ان هذا ديدن المفكرين في وضع شروحهم وأرائهم وتفاسيرهم وهم برسم الرد والحوار وحتى الجدل..
في كتابه “شرعية الانجاز” نكهة خاصة واسقاطات على المعاني وفوقها، وفيه استرسال واجب وايجاز واضح وربط ما بين الشرعية وأصحابها وتلوين العمل الوطني بها.. فالشرعية التي يمتلكها الهاشميون سواء كانت دينية أو تاريخية أو سياسية هي الوعاء الأنظف والأصلب لوضع الإنجاز فيه والذي يتسم من خلالها بالاهلية والديمومة وتراكم العمل والمشاركه المبدعة فيه..
لا اريد ان اتحدث عن كتاب “شرعية الإنجاز” واترك للقراء أن يعاينوه ويطالعوه ويسعوا الى اقتنائه المتاح سيما وأن أكثره قد وزع مجانا حرصا من المؤلف على سرعة وصوله للقراء وخاصة المميزين منهم…
كما حظي كتابه عن الأوراق الملكية بصدى واضح وسريع في أوساط عربية خارجية مفكرة، وكان موقع استشهاد وإشارة من الكثيرين منهم، وقد سعى الدكتور قشوع لخدمة هذا الكتاب في محاضرات ولقاءات ومهرجانات بلغت اوجها في الاحتفالية الكبيرة التي أقامها الدكتور قشوع في فندق الميريديان قبل سنتين، حضرها أكثر من ألف وخمسماية مدعو وكان على رأسهم رئيس الوزراء السابق عمر الرزاز ورئيس مجلس الاعيان دولة فيصل الفايز ورئيس الديوان الملكي الهاشمي معالي يوسف العيسوي ومجموعة من السفراء والأعيان والنواب والشخصيات العامة وقد انفق المهندس قشوع على الاحتفالية لتكون بالمستوى اللائق بموضوعها..
لم يسلم الدكتور حازم قشوع من الحاسدين والمتربصين الذين يتصيدون الأخطاء أو من الذين كانوا من صفوف من قالوا شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا فتخلفوا يوم الزحف ونكصوا عن الرسالة وسلقوا المخلصين بألسنة غلاظ شداد، لكن الرجل صاحب العزيمة لم توهنه السهام التي أطلقها البعض ولم تضعف إرادته بالتشكيك ولم ينل منه المريبون والمشككون بل مضى لما آمن به، وهاهو اليوم يستأنف مسيرته بهذا الإنجاز الجديد الذي يضعه بين يدي رئيس الديوان مستأنفا رحلة العطاء التي لم تتوقف يوما ومتحديا كل العقبات والاعاقات التي اعترضت طريق ولائه لعرش الهاشميين…
كنت أرى أمس اثناء تقديم الدكتور قشوع لكتابه شخصيتين مميزين اتوقف هنا عند شخصية رئيس الديوان الذي اجيز لنفسي في هذا السياق أن أذكر له بعض انجازاته الكثيرة…
فقد كان وما زال رافعة اجتماعية قوية أحسن الملك اختيارها لانفاذ إرادته ورغبته في هذا المجال الذي ظل الأداء يفتقر إليه في ظل نفس الموقع…
فقد أخذ العيسوي الذي يفعل كثيرا ويتحدث قليلا على عاتقه أن يعمل بصمت في انفاذ الرغبة الملكية دون الخروج على النص، حتى لو لم يعجب البعض في ذلك… فكان مترجم الذراع الملكية الممتدة للفقراء والمعوزين وأصحاب الحاجات والذين لا منازل لهم، فكان خير من يشارك في الزيارة ويدون الحاجة ويتابع بحرص ويضع الملك في الصورة ويحرص على الربط ما بين الملك و هذه الشرائح من شعبه …
كما ظل رئيس الديوان في نشاطه يسد هذه المساحة التي تميز عمله بها كرافعة للعمل الاجتماعي الذي يوليه جلالة الملك جل اهتمامه، ويرصد له الإمكانيات المتاحة ويطمئن من خلاله على وصول توجيهاته..
لقد ظل ابو حسن يعرب الجملة الملكية بكفاءة وبساطة وحميمية ، ويبدي عذره بدل أي تقصير وظل في حضوره يخدم مختلف الفئات ولا يقتصر في ذلك على الشرائح العليا والمميزة التي ظلت في الماضي تعطي الإهتمام على حساب اصحاب الأصوات المنخفضة التي كانت تبدد رسائلها في المسافات ولا تدرك غايتها في مطالبها…
ميزة رئيس الديوان عدم تدخله في خطوط السلطة التنفيذية وعدم رغبته في خلط الاوراق أو صناعتة مواقع لأي مراكز قوى أو انحيازه لأي طرف أو إعلان مواقفه الخاصة والكسب عليها… أو بناء ولاءات جانبية، وهو لا يدخل من خلال موقعه في أي مزاحمات أو انحيازات ولا يحاول ان يفرض رأيه الشخصي على جملة السياق العام …
ولذا لا نجد من ينقده في هذا المجال وان كان لا يعدم نقد من ظلوا ينقدون كل المواقف بغض النظر على سلامتها…
لا يدخل ابو حسن في مساجلات سياسية، فقد أغلق هذا الباب وانما يتبنى السياسات الملكية المعلنة ليخدمها ويوصلها ويؤطر حولها على المستوى المحلي، ويترك أمر السياسات الخارجية للحكومة التنفيذية وفوق ذلك وقبله لجلالة الملك الذي يرسم السياسات وينفذها بمن أراد أن يستعين…
لقد استمتعت من قبل بالسجلات التي نشرها رئيس الديوان والتي تضمنت ذاكرة الإنجازات الملكية في المجالات الاجتماعية على مرمى عقدين من الزمن، ووضعها كما هي بين يدي من يريد الإطلاع على حجم المساهمة الملكية في هذا الإطار الذي يتميز يوسف العيسوي فيه…
أمس اضاف الدكتور حازم قشوع كتاب”شرعية الانجاز” في البعد السياسي للجهود الملكية إلى ما نشره الديوان من انجاز في البعد الاجتماعي من سجلات أشرف عليها رئيس الديوان بل كان حاضرا في كثير من محطاتها ومترجما للعديد من أفكارها…
نبارك لصديقنا حازم بإنجازه ونكبر فيه مثابرته وندعوا للمزيد من هذه الانجازات الهامة.
قشوع ورئيس الديوان الملكي في “شرعية الانجاز”..
8
المقالة السابقة