عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
أنه اختبار صعب أن يواجه البنك العربي حالة عدم اليقين التي حملتها التسعة ألأشهر الماضية من هذا العام وتحويلها إلى الى اليقين ، وهذا يستلزم إرادة قوية وصمودا وعملاً إضافياً وخبرات متراكمة وإدارة واعية على المستجدات ومنتبهة للمتغيرات..
مرة أخرى وفي سجل نجاحاته حتى وهو “يحفر في الصخر” يسجل البنك العربي أرباحا بعد الضرائب والمخصصات تصل إلى أكثر من (215) مليون دولار أمريكي في الفترة المحددة من بداية عام 2020 حتى أيلول الشهر التاسع من نفس السنة، وحالة عدم اليقين التي سببتها ظروف محلية نتاج التراجع الاقتصادي الدولي سببت تراجعا بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي وصلت إلى 68%، إذ كانت الأرباح أنذاك من عام 2019 قد وصلت ما يقارب (669) مليون دولار امريكي.. وهذا التراجع سببته عوامل كثيرة لا داعي إلى الدخول إلى تفاصيلها ابرزها المخصصات الإضافية التي قام البنك برصدها احترازيا لمواجهة التراجع الاقتصادي ودفع فدية عدم اليقين .. ففي حالة الضباب الشديد يستلزم ذلك رؤية أثقب وأكثر حدة لكشف الطريق .
لقد واجه البنك انخفاض الايرادات من الفوائد والعمولات بسبب انخفاض أسعار الفوائد عالميا والتي اضطرت لها السياسات المالية والنقدية حول العالم لمواجهة جائحة كورونا وانحدارات الاقتصاد العالمي الشديدة.. وقد تبع ذلك تراجع أسعار النفط وانحسار التجارة الدولية أمام الاغلاقات العشوائية والثابتة وسياسات الدول البينية لمواجهة الوباء الذي لم تكن مواجهته محتسبة أو إقامته الطويلة معروفة..
بالمقابل بلغ صافي الأرباح التشغيلية للبنك العربي808 مليون دولار ، وهذا الرقم يعكس تراجعا وصل إلى 22% مقارنة بنفس الفترة عن العام 2019، ولنفس الأسباب التي ذكرت في تبرير تراجع الأرباح الصافية والتي شملت أيضا انخفاض أرباح الشركات الحليفة للبنك، أما ودائع العملاء فقد نمت بنسبة 8% وترجمتها بالنقد هي (37.5) مليار دولار أمريكي مقارنة مع رقم أقل هو (34.7) مليار دولار عن نفس الفترة في العام السابق 2019 كما زادت التسهيلات الإتمانية قليلا لتكون المقارنة بين رقمين هما 26.7 مليار دولار في هذا العام 2020 والرقم السابق 26.1 مليار دولار عن العام 2019 ، وهي نسبة 2% زيادة.. كما بقيت القاعدة الرأسمالية للبنك متينة حيث بلغ اجمالي حقوق الملكية 9.3 مليار دولار أمريكي..
لقد احتفظ البنك العربي الحريص دائما على حقوق عملائه بنسبة سيولة مريحة إذ بلغت نسبة القروض إلى الودائع 71.1% في حين بلغت نسبة تغطية القروض غير العاملة 100% ، وهذا دليل قوة وتعافي..
صبيح المصري رئيس مجلس الإدارة الذي يستأنس الجمهور بتصريحاته سواء كان جمهور البنك العربي أو حتى البنوك الأخرى ، وأيضا كل من اهتم بالاقتصاد الوطني ومتابعة ايقاعه لأن تصريحات المصري تأخذ بالاعتبار معطيات اقتصادية دولية تنعكس على المناخ الاقتصادي وفي الاقليم كلّه..
لـ “أبو خالد” مصداقية عميقة توقف الناس عندها في أزمة البنك العربي مع القضايا التي رفعت عليه في الغرب، وقد كسبها بالصبر والمتابعة والحرص، فكانت انتصارا لإدارة “أبو خالد” المنقذة، ومن يومها يستمع الناس إلى تصريحاته حتى من اولئك الذين شككوا قبل كسب القضايا، وها هو اليوم يتحدث عن الحالة القائمة ويقول مشخصا (تكبد الاقتصاد العالمي خسائر كبيرة نتيجة تفشي فايروس كورونا ادت إلى فرض أعباء إضافية على كافة القطاعات الاقتصادية بالإضافة الى انخفاض معدل النمو وارتفاع نسب البطالة) …
هذا التشخيص من صبيح المصري لا يأتي تبريرا أو اعتذاريا او هروبا، وإنما يأتي وقد قدم البنك العربي واجباته والتزامه الوطني المحلي، وما يشكر عليه من تبرعات سبق بها الآخرين، وحتى سبق منه الطلب لأنه أدرك مسؤولياته الوطنية الاجتماعية ونهض بها مبكراً، ليشكل نموذجا يقتدى من الآخرين على مختلف مستوياتهم المالية والاقتصادية و تأثيرهم…
فقد بيضت اسهامات البنك العربي الوجوه وميزته عن غيره، حين أكد دوره ومبادراته المستمرة منذ سنوات عمره، وخاصة في سنوات الإدارة الحالية التي أعطت البنك دفعة مؤسسية واضحة، وأعادت موضعته في الاقتصاد الوطني والعالمي…
اما ما جاء به المدير العام التنفيذي من تأكيد لما ذهب اليه رئيس مجلس الإدارة، فقد زاد أن قال: “إن تركيز البنك خلال هذه الفترة كان منوطا بتوجيه الأعمال للحفاظ على جودة محفظة التسهيلات الائتمانية ونسب سيولة مرتفعة في ظل التوقعات المستقبلية السلبية لنمو الاقتصاد العالمي”…
صباغ الذي تكاد إطلالاته على الإعلام تقتصر غالبا على ذكر نتائج أعمال البنك الفصلية أو السنوية، لا يحبذ الإعلام و يتجنبه دون معرفة الأسباب، و لكنه يحب الكلام الواضح القاطع يقوله ويمضي للعمل ولينشغل بذلك بعد ذلك من يشاء…!!
وما يهم الصباغ أن يقول كلاما علميا عن البنك، قد لا يعبأ به المتصيدون ولكنه يريد أن يسد أي ثغرات في التساؤل، ويترك لرئيس مجلس الإدارة ذو الموقع الاجتماعي المميز ليعرب الجمل ويحتوي الأسئلة ويرد بلغة بسيطة مؤثرة وذات مصداقية عالية، تكفل بحماية أعضاء مجلس الإدارة وإراحتهم حين يقول” أنه بالرغم من الآثار السلبية نتيجة لهذا الوباء إلا أنه على ثقة بقدرة البنك على احتواء أثر هذه الأزمة الاقتصادية مشيدا بنجاح نموذج أعمال البنك المتنوع محليا وإقليميا” …
في هذا السياق ومع تصريحات إدارة البنك الواضحة، فإن التشخيص بفلوس وبثمن وليس ارتجالا كما تصريحات الكثير من المسؤولين، ولذلك نحن نصدق ما يقوله صبيح المصري لأنه يزن بميزان البنك والذي هو ميزان النقد والذهب!!
البنك العربي .. مواجهة عدم اليقين باليقين!!
8
المقالة السابقة