تعد معادلة الكم والنوع، إحدى اهم المعادلات في ميزان التوازن الإستراتيجي، فالكم العددي قد لا يشكل الثقل الدائم والكفة الراجحة في ميزان التاثير على حساب النوعية المؤثرة، وان كان الكم يعد في السابق النقطة الوازنة في المعدلات التقليدية الاستراتيجية، لكن العلوم المعرفية غيرت الموازين التقليدية وبات الحكم والتقدير وثقل التاثير لصالح النوع على حساب الكم العددي.
فان امتلاك الدولة لاعداد من الرياضيين لا يعني وصولها للمونديال، لكن امتلاك الدولة لاحد عشر لاعبا محترفا قد يضعها في ميزان المنافسة على اللقب وليس في الوصول للمونديال فحسب. وهذا يمكن اسقاطه على السياسيين والاقتصاديين والاداريين والمهنيين والاعلاميين، فان البحث عن النقطة المختصة الوازنة ورعايتها هي التي تعتبر بوابة الانجاز كونها قادرة على ايجاد علامات تميز مختصة في معظم الميادين الحياتية والمعيشية، وهي التي تشكل ايضا في محصلة الاجمال ناتج مساحة التاثير من مجموع نقاط الاثر على امتداد مساحة المجتمع.
وبصورة متممة يمكن ملاحظة ذلك في المشهد الانتخابي، فان النوع المحدد والسياسات البائنة هي من تصنع ميزان التاثير وليس كثرة المرشحين او الشعارات العامة، فان النوع من يصنع التاثير وليس العدد على اهميته، وهذا ما يمكن قراءته في المشهد المحلي الانتخابي فان اعداد المرشحين سجلت العلامة الاعلى حتى على مستوى السنوات السابقة لكن هذه التسجيلات قد لا تحقق نقطة وازنة في ميزان الاثر ترفع من مستويات نسبة التصويت، فان المشاركة العددية لا تعني قوة التاثير على اهميتها.
وكان يمكن انجاح المشهد بطريقة افضل لو عملنا على اختلاق حالة في المشهد الانتخابي او صناعة حدث حزبي او تيار يمكن تقديمه باعتباره الحصان الانتخابي، اما الاكتفاء بتسييل الامور الاجرائية فقط دون صناعة احداث في المشهد العام، فان النتائج لن تحقق حالة يمكن البناء عليها وتقديمها باعتبارها نموذجا، فالمشهد الانتخابي بهذه الظروف الاستثنائية ليس بحاجة الى اقوال ووعود بل بحاجة الى افعال تساند طريقة العمل، وتجعل المشهد الانتخابي يحقق غاياته التي تتمثل في توسيع حجم المشاركة وتعظيم حجم الاقتراع وسلامة تمثيل.
اذن مسالة النقطة الوازنة مسالة مهمة في الميزان الإستراتيجي كما ان مسالة الكم العددي مسالة مهمة في ميزان التقدير، وهي الصورة التي يمكن البناء عليها عند بناء احداثيات عمل جديد في ميزان التاثير او صيانة ما هو قائم واعادة الترتيب لما سيكون. فان المشهد السياسي القادم لن يحتمل اجتهادات لا تجيب على اسئلة لانها ستعتبر اجابة خاطئة وليست اجابة يمكن الاجابة عليها لاحقا مع احتساب العلامة الظرفية، وهذا ما يجعل ميزان التقدير بحاجة الى خطوط واضحة ومسارات معروفة التوجهات والادوات، وهذا ما يشكل الاطار العام للتحدي القادم.