العمود الفقري لحكومة الخصاونة وزراء من صلب البيروقراط الأردني. مزيج من أصحاب الخبرة والمحافظين المتمرسين في مؤسسات الدولة. بالمجمل تركيبة الحكومة تشبه تشكيلة مجلس الأعيان، ما يعكس ميلا ممنهجا في الدولة بالعودة إلى القواعد الاجتماعية التي شكلت هوية الدولة على مدى عقود طويلة.
يقف على رأس الفريق الاقتصادي وزير شديد المحافظة في ليبراليته الاقتصادية، وإلى جانبه عدد من الوزراء المجربين سابقا، فيما يؤشر استمرار وزير المالية محمد العسعس على التزاما بالمنهجية التي حكمت إدارة المالية العامة في الفترة السابقة.
الفريق السياسي للحكومة يشبه نفسه أكثر ويتفق ومنهجية رئيس الوزراء في التفكير والعمل. فريق أكثر واقعية والتزاما بالمقاربة السائدة في مؤسسات الدولة الأردنية، وشديد الحذر حيال الأفكار المتصلة بعملية الإصلاح السياسي. وبموازة ذلك يبقى ملف السياسة الخارجية بيد نفس الوزير الذي تعامل ويتعامل مع تحديات خطيرة ومستجدة على المسرحين الإقليمي والدولي.
الإعلام مسؤولية استثنائية في هذه المرحلة، خاصة مع الحاجة لاتصال دائم مع الرأي العام لإدامة سريان المعلومات المتعلقة بأزمة كورونا. الوزير الجديد سبق له أن تولى الموقع في حكومة سابقة، وراكم خبرات في مجال التواصل والاتصال بحكم عمله كسفير في الخارجية. وهو في العموم ينسجم في أسلوب العمل مع الوزير السابق والمتميز أمجد العضايلة، الذي أدى المهمة باقتدار في ظروف صعبة.
ولأول مرة سيكون في الرئاسة فريق وزاري يعمل مباشرة مع الرئيس، ويدير ملفات أساسية تتطلب متابعة وتركيزا شديدين. والفريق هذه المرة ليس تنفيذيا وإداريا بالمعنى المجرد، بل من أصحاب الخبرة السياسية والإدارية العميقة بشؤون الدولة.
كما يضم الفريق الجديد مجموعة من أصحاب الخبرة في المؤسسات الخدمية والقطاعات ذات الصلة بالجمهور. ومعظمهم لا يحتاجون لوقت طويل لكي يدركوا مشاكل وزاراتهم بحكم خبراتهم السابقة في القطاعات المعنية.
ومن بين الملاحظات الأساسية على التشكيلة الجديدة أنها لم تعتمد بشكل كامل على فريق الحكومة المستقيلة كما درجت العادة. كان مثل هذا النهج يخلق متاعب مبكرة للحكومات، ولعل حكومة الدكتور عمر الرزاز عند تشكيلها الأول خير مثال على ذلك.
لن يكون أمام حكومة الخصاونة وقت طويل للتفكير وتقليب الملفات. الأوضاع الراهنة وأجواء الأزمات التي تلف البلاد، تفرض عليها الدخول إلى ميدان العمل فورا، والتعامل مع تحديات ضاغطة تتطلب قرارات سريعة.
أهم ما ينبغي عليها فعله، هو تجنب تشكيل اللجان بكثرة كما كانت تفعل الحكومة السابقة، والتصدي للمشكلات دون إبطاء، والتحلي بالواقعية في وعودها، وإظهار قدرتها كحكومة قرار لا تختبئ خلف المؤسسات الأخرى.
أزمة كورونا لا تترك فسحة للتفكير الهادئ، وتستدعي عملا سريعا ومكثفا بالتعاون مع مؤسسات الدولة وخلية الأزمة في المركز الوطني للأزمات، وتعيين وزير صحة على صلة مباشرة بملف كورونا يساعد الحكومة كثيرا على إدارة الملف بسلاسة لمواصلة عمل الوزير السابق ومعالجة الثغرات والأخطاء التي أدت لانتكاسة كبرى في جهود احتواء الجائحة.
ما من حكومة جديدة في مثل هذه الظروف ستحظى بدعم شعبي واسع، وليس مطلوبا من الحكومة أن تلهث خلف الشعبية، بل ممارسة صلاحياتها والقيام بما تقتضيه المصلحة الوطنية. المهم أن يشعر المواطن الأردني أن هذه الحكومة تقدر مسؤولياتها وتتصرف باحترام لحق الأردنيين في حياة كريمة قدر ما تستطيع.