الدولة الملكية دائما ما تكون عميقة الاعراف، والعرف الملكي عند بعض النظم الملكية يعتبر من اقوى الروابط المنهجية حيث تكون الاعراف ذلك الدستور والقانون الخفي الذي يرتبط لائحة المراسيم بعمق الدولة وانظمتها ومراسيمها، فكلما كانت الدولة تحوي اساسا متينا، كان ثابت الدولةراسخا وقيمها متجذرة، ولها مراسم تميز نهجها، ودلالة تظهر سمة الدولة ورسالتها التاريخية وموروثها السياسي .
ومن افضل المراسم التي تتم في الدولة الاردنية هي مراسم افتتاح الدورة العادية لمجلس الامة التي يرتدي فيها جلالة الملك حامي الدستور وعنوان الدولة لباس العرش السامي فينطلق من القصر الملكي في موكب من الجيش الاحمر الي مجلس الامة، ليضفي جلالة الملك الشرعية الملكية على تلك الشرعية الشعبية التي تاتي من النواب لتجسد ثابت الدستور وتمزج بين الشرعية الملكية في غرفته الاولي العينية والشرعية الشعبية النيابية في غرفته الثانية، ثم يتم من بعد ذلك تلاوة الارادة الملكية ومراسم اداء القسم ايذانا ببدء اعمال مجلس الامة، بصورة تؤكد على عمق نهج الدولة واصالتها .
فان القسم بالاعراف الملكية لا يتاتي الا عند انعقاد مجلس الامة، وان كانت نصوص الدستور لم تقر ذلك بالمعنى الحرفي لكن روح الدستور والاعراف الملكية واضحة وجلية، والمحافظة عليها إن لم تكن واجبا دستوريا فهي سنن عرفية ملكية مؤكدة، وإن كان هنالك استثناء للحالة الاستثنائية التي نعيش فان عودة مجلس الاعيان للقسم من جديد مع افتتاح الدورة العامة يعتبر واجبا تمليه الاعراف الملكية كما تميله روح الدستور إن لم تكن نصوصه.
اما الاجتهاد حيال حكومة تصريف الاعمال، فهو اجتهاد بحاجة لبيان من روح الدستور وتوضيح من نصوصه، حتي ان ما تم جاء من باب الاستدراك، مع تفهمي العميق للمشهد وظروفه المعقدة، لكن يبقي احترام الدستور فرضا كما احترام الاعراف الملكية واجب تمليه رسالة العرش الهاشمية الممتدة، فان الاعراف الملكية من الحكمة تاصلها ولا يجوز تقديم اجتهادات قد تبعد العمق الثابت عن تقديره ومضمونه، فان الدولة الاردنية لم تؤسس علي اساس الجغرافيا بل اسست على اساس فكر الثورة العربية من اجل النهضة العربية الكبري كما ان مئوية البيعة الملكية سبقت مئوية ميلاد الدولة الاردنية، ومازالت رسالتها ممتدة من الهلال العربي الي الشام الكبري التي تجمع بين ملتقى البحرين الي ملتقى النهرين، ورسالتها مازالت تقوم على الوحدة هي الطريق للنهضة.