عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
نعم على خطى مانديلا وتجسيداً لرؤيته سيمضي شعبنا خلف قيادته التي تنفرد الآن بمقاومة الخطة الصهيونية .. يخرج علينا الصهاينة العرب ليقوموا بالدور الذي قامت به الصهيونية العالمية التي ولدت اسرائيل، ومهمة الصهيونية العربية الآن ومن خلال تعبيراتها المختلفة السياسية والامنية وحتى الثقافية والاعلامية هي التشكيك بحق الشعب الفلسطيني في وطنه، والعمل على تزييف تاريخه والانفتاح على اسرائيل حد الاندماج، وتبني رؤيتها وروايتها واستعمال سردياتها..
كلمة الرئيس عباس في الأمم المتحدة في الدورة 75 كانت مميزة لجهة الرسائل التي اطلقتها..
الرسالة الاولى للشعب الفلسطيني الصابر والمرابط والمكافح في الداخل والخارج، وشعارها “لن نركع لن نستسلم سننتصر”، وليست بحاجة للتفصيل في ذلك فشعبنا يعرف مهماته وواجباته، وهو يقاوم منذ قرن ونصف وهو يدين لأي قيادة فلسطينية نابتة من ترابه الوطني، وملبية لحقوقه اذا ما اخذته باتجاه المقاومة والعمل على كنس الاحتلال والتخلص منه، وهو لا يرى اي قيادة جديرة بالبقاء إن استسلمت او هانت او ضعفت عن ذلك..
ورسالة الى العرب وهي تميز بين الانظمة العربية التي تواصل السقوط و تكشر عن انيابها على شعوبها، فهي أسد عليهم ونعامة حين يتعرض التراب العربي للعدوان والأمن القومي للانتهاك، اذ تهرب باتجاه حضن عدو الأمة لتسلم قيادتها بدل ان تذهب باتجاه شعوبها وشوارعها لأنها فاقدة للشرعية ، اذ لا انتخابات ولا صناديق ولا تداول سلطة بل حكام يحملون شعوبهم في سراويلهم، ولا يتذكرون هذه الشعوب الا حين يواجهون خطاباتهم لها ليطلبوا منها ان تسلم بما هو ضد تاريخها وعقيدتها ومستقبل اجيالها..
خطاب الرئيس للانظمة العربية كان واضحا في الموقف الفلسطيني من الجامعة العربية التي “أكلت بثدييها” وقبلت ان تفقد ذاكرتها، راودت عدو شعوبها عن نفسها، و اسقطت “ورقة التوت” لتكشف عن عورات تعرّفنا على الكثير منها حين كان الرئيس المخلوع مبارك يعدد بابتهاج اسماء الدول التي وافقت على ضرب العراق، و يرفع الجلسة ليسلم الملف لاسرائيل وحلفائها..
النظام العربي انتهى لحظة قرار ضرب العراق، وفي غيابه جرى ضرب سوريا واليمن وليبيا وخرجت فئران تمد أرجلها لتأخذ حذوة الحصان، وراحت تقرض كل وثائق الأمة وقيمها ومواقفها ومسلماتها وثوابتها، واطلقت مجموعة من الجوقات تهتف لها وتمتدح قبحها..
اما الشعوب العربية المغلوب على أمرها الآن والتي طوردت وجوعت ودفعت للرحيل، وصودرت حرياتها ومنعت من الكلام منذ شعار “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”، التي تحولت الآن الى معركة نصرة اسرائيل بدل ان تكون لنصرة الامة وشعوبها وقضيتها الاولى قضية فلسطين..
الرسالة الثالثة للعالم.. وفيها ان الشعب الفلسطيني مازال يعمل من اجل حريته واستقلاله وبناء دولته، وهو يعيش أقسى احتلال فاشي عنصري، وقد قدم الالاف من الشهداء والضحايا، حيث هُجر وطُورد وهُدّمت بيوته واحتلت ارضه، واقيم مكانها استيطان ومستعمرات..
في الرسالة العباسية ان هذا الشعب صامد وسيبقى يناضل مع قيادته الى يوم حريته، وبناء دولته المستقلة، ولا يضيره من دخلوا في دين الاستسلام والتبعية، فما زاد “حنون” البحريني والاماراتي في مستنقع الاستسلام شيئا..
فتحت اسرائيل علينا باب عُهر الصهاينة العرب من شيوخ وائمة وكتاب ومفكرين مزيفين كانت استنبتتهم منذ سنوات، و دربتهم ودعمتهم في الظل، الى ان اخرجتهم الآن من كُمّها ورمت بهم في وسائل الاعلام العربية الرسمية الممولة لصالح التطبيع والاسرلة ، ليبثوا سموما تصيب المناعة العربية وتفتك بها، وهو اخطر من الكورونا، فقد تسابق للافتاء من اجل الاحتلال والتوسعية الاسرائيلية وتسويغ العدوان، و تحللوا من عقائد الامة وادّعوا ان القدس اسرائيلية، وركضوا باتجاه المقارنات السمجة حين اعتبروا اسرائيل هم كفار قريش، وبدأوا في سرد الحكايات الممجوجة حين استبدلوا الحديث عن عذاب القبر وموالات السلطان بها، واذا بهم بين عشية وضحاها يتحدثون في السياسة، لكن تلك التي تنتصر لإسرائيل، وتسابق في ذلك “وسيم يوسف” هذا المثلي مع “السديس” الذي أتقن دور النوّاحة والندابة ليغير البث من البشير الى النذير، ويحلل لليهود ما كان حرمه عليهم قبل ان تاتيه الاشارة الخضراء او ما يسمى بلغتنا الـ” الو”..
الشعوب العربية بريئة مما يفعل بعض قادتها الذين يريدون مسح ادمغتها وربطها بـ “مغارة الضبع” الصهيوني ليحميها..
لقد استرعوا الذئب الغنم كما يقولون، وأمعنوا في احباط شعوبهم واذلالها، ولكنها ستنقلب ضدهم وفي زمن اقصر مما يظنون..
كان على بعض الانظمة العربية من التي استعملت للارتماء في الحضن الاسرائيلي او التي ركضت وراء أوامر ترامب ونتنياهو ان تحتسب خطواتها لتراعي أمنها الوطني فما كان يهمها هي ان يحمي الحكام انفسهم من التهديد الذي صنعته لهم الإدارة الأمريكية وإسرائيل، وهم واهمون كما قال الرئيس محمود عباس.. واهمون في الاعتقاد بأن الشعب الفلسطيني سيستسلم، وواهمون ان إسرائيل ستحميهم، فاسرائيل التي بالكاد تحمي نفسها لن تضحي ولا حتى بمرتزق مستأجر من اجل اي زعيم عربي ولن تقاتل دفاعا عنه بل سترميه رمى الأسرى للأسود…
لم يعتبر الراكضون الى التطبيع من التجربتين المُرتين الاردنية والمصرية ولا حتى من تجربة الفلسطينيين في اوسلو التي دمرها الإسرائيليون حين لم تخدمهم..
ولم يقرأو الاتفاقيات المشينة المبرمة باسم السلام، حتى اننا لم نستطع نحن ان نحاكم الاسرائيليين الذين قتلوا مواطنينا في سفارتهم، فغادروا بسلام.. الا يكفي ذلك نموذجا للاعتبار؟!
خرج الغلمان من الخليج يلومون القيادة الفلسطينية لعدم وجود حل، لأنهم يرون الحل ان يقول الرئيس عباس لترامب واسرائيل:” حاضر سيدي”، وهم يستهجنون على عربي حرّ كالرئيس عباس ان يقول للطاغوت الذي يعبدونه “لا” او ان يهز اصبعه في وجهه، او يقول عنه انه ابن كلب، ولذلك جأروا الآن بأصواتهم مستنكرين بل ومحرضين على قائد الشعب الفلسطيني، ويستغربون لماذا لا يأتي ترامب بسرعة لإسكاته و كسر رأسه حتى لا تثور عليهم وشعوبهم و تُعيّرهم بما فعل الرئيس الفلسطيني في قوله “لا”..
الرئيس عباس ليس عدميا وانما قائد يقرأ الظرف الموضوعي، وقد افسح المجال لعملية السلام الى درجة لايحتملها او يستطيعها غيره، ولذا فإن إسرائيل حين انقلبت اخيرا على أوسلو وعلى كل الاتفاقيات بمواصلة احتلالها ودعوتها الى ضم 33 % من الضفة العربية، وكذلك المستوطنات واعتبار القدس عاصمتها الموحدة وبما فيها المقدسات المسيحية، فإن العالم الذي صوت الى جانب دولة فلسطينية لم يشجب مواقف الرئيس عباس الذي راكم مع العالم فهما مشتركا وتحدث لغة مفهومة ..
الرئيس عباس لم يغلق باب السلام ولكن الولايات المتحدة وإسرائيل اوصدته حين قامت الإدارة الأمريكية بإغلاق مكتب المنظمة واتهمتها بالارهاب، وحين اوقفت المساعدات الأمريكية، وجففت مصادر تمويل وكالة الغوث الدولية واعطت القدس عاصمة لاسرائيل، وانقلبت على قرارات الشرعية الدولية ووضعت مكانها خطة ترامب – نتنياهو، وعملت على تمكين اسرائيل من ضم اجزاء كبيرة من الضفة العربية واعتبرت الاستيطان شرعيا واصرت ان تقود أنظمة عربية عديدة للاستسلام لاسرائيل وتوقيع اتفاقيات خنوع معها و اخرها ماتسرب من النموذج السوداني…
و وصل بالرئيس ترامب الفجور حد الادعاء ان عباس سيأتيه قابلا وان لا احد يستطيع الاعتراض على شريعته…
رسائل الرئيس عباس في كلمته واضحة فهو مع سلام عادل يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه، وليس مع الاستسلام الذي رآه بعض النظام العربي ماء وهو سراب، فركض وراءه ليصطدم لاحقا بانهم انما ادخلوا الافعى الى غرف نومهم ولكن بعد فوات الأوان!!
الرئيس عباس مع السلام وهو يؤمن به عقيدة، وهو يدرك ان إسرائيل والإدارة الأمريكية الحالية هم اعداء السلام وقتلة السلام ولذا لن يقبلهم يعاودوا الاملاء وتشجيع العدوان، ولذا دعا الأمم المتحدة ان تتولى مسؤولياتها وهي عضو في الرباعية، وأن تعقد مؤتمر دولي للسلام تدعو له الأمم المتحدة ليعيد انتاج عملية السلام التي دمرتها إسرائيل حين تبنت الإدارة الأمريكية رؤية نتنياهو المتطرفه..
الرئيس عباس اشهد العالم اجمع على ان شعبه الذي من حقه ان يقاوم الاحتلال بكل الوسائل المتاحة والمشروعة ما زال يطالب بالسلام الذي يعني تحقيق أمال الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وحق تقرير مصيره..
و لذا فإن الرئيس عباس الذي نجح في تقديم فلسطين مُحبة للسلام وساعية له وشريكه في احداثه وفي الحرب على الارهاب الذي هو الاحتلال و والعنصرية لم يغادر المطالبة بذلك، وهو في سبيل ذلك لن يقبل الاستسلام او الركوع وسيمضي يقود شعبه باتجاه الصمود والمقاومة مختلفة الاشكال، الي أن يأتي السلام فإن لم يات فان الشعب الفلسطيني باق على ارضه و متشبث بها، وداعيا العالم الي نصرته حتى وان انقلب بعض الحكام العرب الذين يذكرون بخيانه شاور وضرغام والسقوط المهين للدولة الفاطمية التي سلمت القدس!!