القدس عاصمة فلسطين -منذ اعلان الاتفاق الإماراتي الاسرائيلي للتطبيع واقامة علاقات بينهما طالبت فلسطين من الدول العربية بيان موقفها، ولم يصدر عن جامعة الدول العربية أي موقف أو بيان رسمي في حينه، وخيم الصمت على الجامعة والدول العربية، وهو ما يشكل ضربة في ظهر المبادرة العربية للسلام التي ترفض التطبيع مع الاحتلال قبل انهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ونيل الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، وفسر هذا الصمت بأنه جزء من مؤامرة تحاك في الخفاء من خلال تنفيذ صفقة القرن التي أعلن عنها الامريكان في الشرق الأوسط وهناك دول عربية من الخليج العربي تؤيد الصفقة وتعمل على تنفيذها إرضاءً لأمريكا وتثبيت حكمها، خاصة بعد رسالة ما يسمى ثورات الربيع العربي التي أحدثت تغييرا جوهرياً في الحكم لدي غالبية الدول العربية.
وفي كل الأحوال عقد مجلس الجامعة في التاسع من سبتمبر بناءً على طلب فلسطين اجتماعا على مستوى وزراء الخارجية وخرج بنتيجة إضفاء الشرعية على الاتفاق الاماراتي الإسرائيلي ورفض طلب فلسطين من الدول العربية إدانة التطبيع، وهو ما يضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال ويشجع دولاً عربية أخرى بإعلان اتفاقات تطبيع من الاحتلال في الفترة القريبة القادمة، وبالتالي ترك الفلسطينيين لوحدهم في المواجهة مع اسرائيل، وهذا ليس جديدا على الأنظمة العربية فمنذ سبعين عاما والشعب الفلسطينية يناضل لوحدة في الميدان إيمانا بأنه صاحب الحق في الأرض الفلسطينية كاملة، والحقيقة أن فلسطين احتلت وضاعت نتيجة لمواقف الجامعة العربية وبعض الأنظمة العربية في الخفاء والوقوف موقف المتفرج وعدم التدخل إلا على استحياء سواء ما بعد النكبة والنكسة وحزيران وحرب بيروت باستثناء الدول التي نادت بالقومية العربية، فلم تخرج مواقف الجامعة العربية الداعمة لقضية فلسطين عن مجرد الاعلان والتصريحات على منابر الامم المتحدة والجامعة والمؤتمر الإسلامي بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بفلسطين، فجميعها مواقف تقليدية لم تخرج عن المألوف من الشجب والاستنكار في حال ارتكاب الاحتلال لجرائمه، وعندما تبنت الجامعة العربية المبادرة العربية للسلام التي قدمتها السعودية كخيار استراتيجي وحيد لإنهاء الاحتلال كان بناءً على رؤية منظمة التحرير للسلام بالموافقة على إقامة دولة فلسطينية على أراضي العام 1967، أي على 20% من أرض فلسطين التاريخية، وبقي موقف الجامعة العربية بخصوص قضية فلسطين يتمحور حول مبادرة السلام العربية التي قابلتها اسرائيل بالرفض،.
ومنذ اعلان أوسلو وسريان المفاوضات على قضايا الحل النهائي تعقدت الأمور من سيئ إلى أسوء، وبهدف امتصاص غضب الشعوب بقي التنسيق في المواقف العربية فقط في غرف الامم المتحدة حال طلب فلسطين في كل حدث يحصل على أرض فلسطين من قبل الاحتلال الاسرائيلي من الاستيطان والمصادرة والقتل والتهجير والجدار والاعتقالات والاغلاقات والاستيلاء على المقدسات الاسلامية وحرق المساجد وهدم البيوت وغيرها من الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، ولعلنا نقول باختصار أن الجامعة قديما منذ تأسيسها في 1945م أنشئت لخدمة الاستعمار الأجنبي واليوم حديثا تكمل مسيرتها لخدمة الاحتلال وأمريكا؛ وهنا لا ننكر دور الشعوب العربية في الدعم والتأييد لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
ولعل المعادلة الجديدة التي فرضتها أمريكا على المنطقة العربية بتحييد العرب عن مشروع القومية العربية الذي كانت تنادي به عدد من الدول العربية التي باتت محل مسرح للانقسام والاقتتال والطائفية يؤكد حقيقة واحدة أن الأمور تسير وفق خطة صفقة القرن التي أساسها الفوضى الخلاقة في المنطقة وربط بعض الدول العربية مصالحها مع أمريكا واسرائيل على حساب القضية الفلسطينية، كما ان كثيرا من الدول العربية أصبحت أداء لتنفيذ سياسة أمريكا في الشرق الأوسط، وهو ليس بجديد على العرب فقديما نفذوا مجازر بحق الشعب الفلسطيني في لبنان ودول أخرى وتأمروا على الثورة الفلسطينية، وهم من ينفذون اليوم أجندة اسرائيل في بقاء الانقسام الفلسطيني من خلال الاموال التي تصرف هنا وهناك والتي ظهرت فجأة على الخط العربي بهدف إضعاف الموقف الفلسطيني الموحد وصولا إلى ايجاد طرف فلسطيني يقيل بتنفيذ صفقة القرن برمتها على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وبعيدا عن القرارات الدولية.
لذا لا تستغربوا مواقف الأنظمة العربية فهي ليست جديده علينا ولكن علينا أن نلوم أنفسنا لما وصل الحال بنا من جراء الانقسام؛ فالانقسام هو النافذة الذى تسلل منها المطبعين؛ وداخليا الانقسام نتج عنه العداء لأخوة الدم والمصير المشترك الذي يفوق عدائنا للاحتلال عدونا الأساسي، فماذا ينتظر الأخوة الفلسطينيين؟! لعل قراءه رسالة جامعة الدول العربية بصيغتها الجدية المتمثلة في سيادة الدول دليل قاطع على أن التحالفات الجديدة في المنطقة تقودها امريكا واسرائيل بهدف تفكيك المنظومة العربية وصولاً إلى الانبطاح والاستسلام، وبالتالي على الفلسطينيين التوحد ثم التوحد؛ فالدول التي جربتنا من خلال واسطتها للمصالحة وصلت الى مرحلة كيف نقف مع الفلسطينيين وهم لم يقفوا مع أنفسهم!! فالتحديات كبيرة والصعاب كثيرة مما يتطلب إنهاء الانقسام على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، فبلاد العرب لم تعد أوطاني بعد أن نفضوا أيديهم من القضية الفلسطينية ولتكن بلادنا فلسطين جامعة للكل الفلسطيني.