في زمن الكورونا تلقى الاردن شحنة أمل تكاد تكون وحيدة من خلال استقالة مدير مستشفى البشير الذي كشف “الطابق المستور” والمسكوت عنه منذ زمن “حتى وان عاد عن الاستقالة فيما بعد “،وهذه الشحنة او بقعة الضوء هي انه ما زال في الاردن اشخاص يمكن ان يخرجوا من الصف “الاعوج” ويبوحون بكل شيء للرأي العام الذي حاول الاعلام الرسمي ” قناة المملكة والتلفزيون الاردني ” اوبعض الاعلام الخاص او كتاب “الضمير الغائب” تضليله من خلال ما كانوا يقدمون عن خدماتنا الصحية.
ان بقعة الضوء الصغيرة هذه والتي تركت اثرها من خلال هذه الاستقالة ،كشفت عن حجم المعيقات في مستشفى البشير كما كشفت عن النقص الذي يعاني منه المستشفى ،إن على صعيد الكادر الطبي اوعلى صعيد الخدمات اللوجستية بحسب ما جاء في استقالة الدكتور زريقات ، والتي أثرت على الخدمات التي يقدمها المستشفى للمواطن المقهور، وبالتأكيد إن تراجع الخدمات في وزارة الصحة ليس حكرا على مستشفى البشير، فكم سمعنا ان الوزارة ستعمل على تحسين خدماتها للمواطن ،لكن الواقع اثبت عكس ذلك في الوقت الذي الذي انشغل اعلامنا “سالف الذكر سابقا “بتلميع صورة الوزير وصورة كبار موظفي وزارة الصحة .
ونحن الذين لا نتعامل مع الامور من باب النكد السياسي ،او من باب الانتقاد لاجل الانتقاد، فاننا نطرح سؤالا واحد فقط له عدة اوجه ،وهو ماذا فعل وزير الصحة سعد جابرلمعالجة النقص في خدمات وزارة الصحة المقدمة للمواطن ان كان على صعيد توفير الادوية او على صعيد الطبابة او على صعيد الرعاية، وكذلك نضيف لماذا يعفى من لديه خدمة منصة امان من اجور فحص الكورونا ولا يعفى غيره من المواطنين ، ومن هي الشركة التي تدير هذه المنصة وكم يدفع لها من اموال دافع الضرائب الاردني ؟
اننا ومن باب الحرص على صحة المواطن المنهك من القرارات العبثية التي تذهب بمال وطن ومواطن، الى مزاريب الصرف الغير صحي بحيث نرى ان مديرا لاكبر مستشفى تابع لوزارة الصحة يخرج على الرأي العام ليندب حال واحوال المرفق الذي يديره في الوقت الذي ان اشتكى مواطن من نقص الخدمات او عجز هذا المرفق او ذاك عن تلبية احتياجاته الصحية يتهم “بالدلع” وتتم مقارنة اوضاعنا مع ما يقدم من خدمات صحية مع دول انهكتها الحروب.
ان ماجرى على صعيد التقصير في حماية المواطن من مستودعات الدجاج الفاسد… ومستودعات للحوم فاسدة… وما جرى من اغلاق لمستودعات لأجبان وخضر وفواكه فاسدة كل ذلك يؤكد ان احوالنا تتراجع ،وان انكار الوقائع من قبل الاعلام ” التلميعي” “للوزير الفيس بوكي” من مؤسسات الاعلام الرسمي وخاصة من قناة كنا نظنها بحجم المملكة،لنكتشف بعد ارتفاع الحرارة وذوبان الاقنعة ان هناك اهمالا في تلبية احتياجات القطاع الصحي وهذا ما كشفت عنه استقالة مدير مستشفى البشير، ولنكتشف بعده وبعد” ذوبان” كل الحيل الاعلامية المتواضعة التي لم تستطع تغطية الحقيقة وكما يقال” الشمس ما بتتغطى بغربال ” ان الحقيقة وحدها باقية والتي تؤكد ان اهمالا ضرب المنظومة الصحية ولم يتم تطويرها او تحسينها .
الرئيس عمر الرزاز والذي سمع عن وفاة الطفلة سيرين في مستشفى البشير نتيجة عدم وجود سرير لاجراء عملية لها ، لم يسمع كما نحن عن اخطاء لم يستطع اصحابها الوصول للاعلام ، مطالب اليوم قبل الغد ان يعيد هيكلة استراتيجية وزير للصحة “الكورونية”، والتي حولت كل اهتمام القطاع الصحي نحو مواجهة فايروس كورونا، واستبعدت الاهتمام بالامراض الاخرى، والنتيجة كانت ان هذه السياسة لم تستطع منع تسلل فيروس كورونا من الحدود والمعابر ، وثبت ان غالبية الاصابات ليست نتيجة سلوك المجتمع كما تدعي هذه الاستراتيجية .
ان الوضع يشي بأن الدولة كلها مفتوحة على كل انواع الخروقات من ارتفاع الاسعار وتغول بعض التجارعلى المستهلك ، الى تغول شركات الاتصالات على المشتركين الى قهر المواطن من خلال الزامه بالتعامل عبر “اي فواتيركم ” الى الارتباك والتخبط في التصريحات المتعلقة بملف التعليم وكورونا ، الى التخبط في ملف ادارة مؤسسات الدولة ما نتج عنه ان الخراب والاهمال والبطالة والفقر اخذ من “خرم الدولة ” المفتوحةِ على كل ابواب الهدر المالي والاداري والواسطة والمحسوبية ،حتى وصلنا الى الاهمال في الحالة الصحية التي نعتقد ان استمرت ستنفحر بوجه الحكومة ولن ينفع حينها تلميع هذا الوزير او تلميع هذا الاعلام الرسمي وسنكتشف ان ما تريده المملكة وشعبها وقيادتها ليس كما هو معمول به في الاعلام الرسمي او في قناة المملمكة او في وزارة الصحة وغيرها من الوزارات .