ندرك جميعا أن البلاد على مفترق طرق، فالمواجهة مع جائحة كورونا دخلت بابها الثاني “العالي” ، واخذت ارقام الاصابات تؤرق المواطن والمسؤول على حد سواء، ولم تفلح الاجراءات التي اتخذتها الحكومة من وقف مسلسل إرتفاع اعداد الاصابات، كما لم تفلح الحكومة بمحاسبة مسؤول حكومي واحد تسبب بكل ما شهدنا من تراجع في عمليات الضبط وخاصة في معبر جابر والرمثا، واكتفت الاجهزة الاعلامية التابعة لها بتعبئة الرأي العام بحيث تظهر أن المواطن هو المسؤول عما أن حدث من ارتفاع بإصابات كورونا .
والحكومة ذاتها التي خرج منها محافظ يقول لمواطن “ياغريب خليك اديب ” ولم تحاسبه ،خرج منها محافظ اخر يسمح للتجمعات العشائرية في اربد ان تتجمع لاختيار مرشحيها للانتخابات البرلمانية ولم تحاسبه ايضا ، وهي ذاتها التى رخص وزير ثقافتها لافتتاح فعاليات لمهرجان جرش قبل ان تعود الحكومة ذاتها وتلغيه،وهي ذاتها التي تقف عاجزة عن وقف تنمر الهيئة المستقلة للانتخابات عليها ، التي يقول رئيسها خالد الكلالده في كل لقاءاته إن الهيئة هي صاحبة الحق الحصري بتأجيل الانتخابات ، مع أن قانون الدفاع يسري على الهيئة كونها أحد عناصر أجهزة الدولة وليست سلطة مستقلة من سلطات الدولة المعروفة ،”التنفيذية او القضائية او التشريعية”.
والواقع أن العديد من ابناء الاردن يستغربون إصرار رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات على إجراء الانتخابات بالرغم من التحذيرات التي يطلقها بعض الخبراء ومنهم من العاملين في وزارة الصحة والمشرفين على آليات مواجهة فايروس كورونا ، وخاصة ما يتعلق بعدم قدرة اجهزة الدولة على منع الاختلاط او التزام المواطنين بالتباعد المكاني ، اضافة الى عدم قدرة مستشفيات المملكة من استيعاب حالات كثيرة في حال انتشار الوباء بصورة مفاجئة لا سمح الله ، وأهم من كل ذلك أن غالبية المواطنين لايراهنون على تغيير كبير في وجوه النواب ،وخاصة اولئك الذين دفعتهم الايدي الخفية أو المال الاسود للوصول للقبة البرلمانية وبالتالي لا يرون في إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف اية فائدة لهم .
الكلالده في اجتماع مع هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني “همم” يقول بوجود تيار يضغط لتأجيل الانتخابات، ولم يخبرنا من هذا التيار، وما هي غايات التيار من تأجيل الانتخابات !،بالرغم ان المطالبات بتأجيل الانتخابات جاءت من عدة جهات ومنهم وزير الداخلية الاسبق سمير الحباشنه واحزاب سياسية قومية ويسارية وشخصيات وطنية ، وكانت مطالباتهم ترتكز على ما تمر به البلاد بسبب “كورونا ” ، وبسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطن ما يؤثر على التوجه للانتخاب خاصة ان المواطن مع ما نقلته وسائل الاعلام عن رئيس الهيئة المستقلة الكلالده من حدوث تزوير في الانتخابات السابقة ،وكذلك ما نقل عن رؤساء حكومات سابقين كالدكتور عبد الله نسور او ما نقل عن نائب رئيس الوزراء الاسبق الدكتور ممدوح العبادي، وايضا ما نقل عن مدراء اجهزة مختصة حول التزوير بالانتخابات ، وكذلك اداء النواب كل ذلك دفع بغالبية من المواطنين الى النظر بعين الريبة الى كل مترشح او الى كل من يدعو الى المشاركة بالانتخابات النيابية .
ان تأجيل الانتخابات في ظل هذه الظروف التي تمنع المترشح من التواصل مع ناخبيه او مع ابناء دائرته الانتخابية لا تشكل نقيصة بحق الوطن ، فحياة الناس اهم من اجراء الانتخابات ،والدستور يسمح بتمديد عمر المجلس الحالي لعل وعسى ان تكون الايام القادمة قد استطاعت تغيير نظرة المواطن الى المجلس النيابي والنواب والحكومة ،خاصة ان الانعكاسات التي حملها التدخل الحكومي في الانتخابات السابقة هو ان الشعب يرى نوابا يستغلون موقعهم في المجلس لتحقيق مصالح خاصة بهم و يتجاهلون مطالب الشعب ما ادى الى فقدان المواطن ثقته بالمجالس النيابيةالمتعاقبة.
ان غالبية من الشعب ليست مهتمه الان بالانتخابات ،فما يحدث على صعيد مواجهة كورونا والحالة الاقتصادية الصعبة والبطالة التي نتجت عن ظروف المواجهة مع كورونا ، كلها اهم عند المواطن من اجراء الاتخابات ، ولذلك فأن هذه الغالبية من الشعب مقتنعة بتأجيل الانتخابات ويبقى ان يقتنع الدكتور الكلالده ..! او ان تستخدم الحكومة حقها وصلاحياتها من خلال قانون الدفاع الذي يشمل تطبيقه الجميع حفاظا على سلامة المواطن ،فهل يفعلها رئيس الوزراء الدكتور الرزاز؟