عروبة الإخباري – في أول خطاب له وخلال أدائه القسم لتولي جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عُمان مقاليد الحكم في السلطنة والذي جاء في تفاصيل اليمين الدستوري لجلالته «أُقسم بالله العظيم أن أحترم النظام الأساسي للدولة والقوانين وأن أرعى مصالح المُواطنين وحرياتهم رعاية كاملة وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه» بهذا القسم الذي تلاه جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان آل سعيد عمان في لحظة تاريخية صبيحة يوم الحادي عشر من يناير الماضي؛ انبثق فجر النهضة المتجددة، بعدما تولى الحكم في السلطنة ليكون خير خلف لخير سلف، فجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد هو من توسم فيه المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- «صفات وقدرات تُؤهله لحمل هذه الأمانة».
أعز الرجال وأنقاهم
فمع بداية العهد الجديد لجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد فقد شهد أول خطاب لجلالته الذي استهله برثاءٍ بالغ الأثر للسلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – نعى فيه وفاة فقيد الوطن «أعز الرجال وأنقاهم» وأكد جلالته في خطابه الأول أن «الكلمات لتعجز والعبارات لتقصر عن أن نؤبن سلطانًا عظيمًا مثله وأن تُسرد مناقبه وتُعدد إنجازاته».
هكذا كانت انطلاقة العهد الجديد، انطلاقة تملؤها الوفاء للسلطان الراحل، وتحفها معاني الإخلاص والولاء لمن «بنى دولة عصرية شهد لها القاصي قبل الداني وشيد نهضة راسخة».. انطلاقة تسير على ذات النهج وتقتفي خطى السلطان الراحل من أجل أن ترقى عمان إلى المكانة المرموقة التي أرادها لها وسهر على تحقيقها فكتب الله له النجاح والتوفيق». هكذا تجلت أسمى معاني الوفاء والولاء للسلطان المؤسس -طيب الله ثراه-، لتكون الرسالة الأولى في العهد الجديد، قائمة على المبادئ والقيم العمانية الأصيلة، والثوابت الوطنية الراسخة.
مستقبل مشرق للسلطنة
الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عُمان هو خطاب التنصيب، رسم فيه جلالته ملامح المستقبل المشرق للسلطنة وحدد فيه معالم المراحل الحالية والمقبلة، وقدم العديد من الرسائل المباشرة وغير المباشرة، ليس فقط فيما يتعلق بالسياسات الداخلية، والسياسات الخارجية للسلطنة مما يؤكد ذلك على عبقرية هذا الخطاب كون أنه انطلق بالشأن الداخلي ولخص فلسفة الحكم الرشيد عندما قال في خطابه أن «السير على نهجه القويم والتأسي بخطاه النيرة»، إنه النهج القويم والخطى النيرة للسلطان الراحل مؤسس عمان الحديثة كما نوه جلالته على الشأن الخارجي، ليجدد التأكيد على مواصلة السير على نهج جلالة السلطان المؤسس وارتسام «خطى السلطان الراحل» حيث ختم جلالته ذلك الخطاب التاريخي بترسيخ المنجزات التي حققها السلطان الراحل، والتأكيد على أن «الأمانة المُلقاة على عاتقنا عظيمة والمسؤوليات جسيمة»، وهو ما يتطلب من جموع المواطنين العمل «من أجل رفعة هذا البلد وإعلاء شأنه وأن نسير قدمًا نحو الارتقاء به إلى حياة أفضل.
جهود حثيثة ومتواصلة
وتشهد سلطنة عمان حاليا ومنذ تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد تطورات غير مسبوقة، وجهودا متواصلة لتحديث مسيرة العمل الوطني، والارتقاء بعُمان لتكون في مصاف الدول المتقدمة، ستة أشهر ونيف مرت منذ أن تولى جلالته مقاليد الحكم، وفي التاسع عشر من الشهر الجاري، تمر 191 يوما من العمل المتواصل الذي لم يتوقف، والجهود الحثيثة التي انطلقت منذ الساعات الأولى من تولي جلالته مسؤولية قيادة الوطن، ورعاية مصالح المواطن العماني في كل بقعة من محافظات السلطنة.
نواصل مسيرة النهضة المباركة
عقب ذلك توالت المراحل المفصلية في مسيرة النهضة المتجددة، فبعد انقضاء الأربعين يوما حدادًا على وفاة السلطان الراحل، تفضل جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان فألقى خطابا ساميا، أكد فيه ما شهدته السلطنة من تطور ونهضة لم يسبق لها مثيل، وهو ما انعكس على رفاهية المواطن، وعزز من مكانة عمان إقليميا ودوليا في مختلف مجالات العمل.
ومما تضمنه ذلك الخطاب السامي تأكيد جلالته على المضي قدمًا «على طريق البناء والتنمية، نواصل مسيرة النهضة المباركة، كما أراد لها السلطان الراحل رحمه الله، مستشعرين حجم الأمانة وعظمتها، مؤكدين على أن تظل عمان الغاية الأسمى في كل ما نقدم عليه، وكل ما نسعى لتحقيقه، داعين كافة أبناء الوطن، دون استثناء، إلى صون مكتسبات النهضة المباركة، والمشاركة الفاعلة في إكمال المسيرة الظافرة، متوكلين على الله عز وجل، راجين عونه وتوفيقه.
المواطن هدف وركيزة التنمية
كما تمحور الخطاب السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عُمان بصورة كبيرة حول المواطن، باعتباره ركيزة التنمية وهدفها الأسمى، فكل ما يتم بناؤه وتشييده على أرض الوطن هو للمواطن، ولذا أكد جلالته أن «شراكة المواطنين في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني»، ومن هنا وجب على كل مواطن أن يطبق هذه الشراكة من خلال القيام بمسؤولياته وواجباته، وأن يواصل العمل والإنتاج لكي تزدهر بلادنا وتنطلق نحو مزيد من التميز والنماء.
عهد ووعد ووفاء
كما أكد جلالته بأن الانتقال بعُمان إلى مستوى طموحات وآمال المواطن في شتى المجالات «سيكون عنوان المرحلة القادمة» دليل ساطع على مدى حرص المقام السامي تلبية تطلعات المواطن هو عهد ووعد آخذا جلالته على عاتقه تنفيذه والوفاء به. وتضمنت تعهدات جلالته «اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئ وتبني أحدث أساليبه، وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة؛ لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها، وسنعمل على مراجعة أعمال الشركات الحكومية مراجعة شاملة بهدف تطوير أدائها ورفع كفاءتها وتمكينها من الإسهام الفاعل في المنظومة الاقتصادية، وسنهتم بدراسة آليات صنع القرار الحكومي بهدف تطويرها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، وسنولي هذه الجوانب كل العناية والمتابعة والدعم».
خطوات وإجراءات موفقة
والمتابع لخطوات المسيرة النهضة المباركة في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد وعلى الرغم من قصر الفترة الماضية من تسلم جلالته مقاليد الحكم بالسلطنة فقد شهدت العديد من الخطوات والإجراءات التي تضمن إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة، وكل ذلك يتحقق لكي تنتقل عمان إلى مستوى طموحات المواطن.
فقد كانت بداية حكم جلالته بإصدار حزمة جديدة من المراسيم السلطانية والتي تضمنت إصدار قانون جهاز الأمن الداخلي، وتعيين سمو فاتك بن فهر بن تيمور آل سعيد مبعوثا خاصا لجلالة السلطان، بجانب تعيينات إدارية أخرى تعكس التوجه نحو إعادة الهيكلة.
كما تفضل جلالته في الثالث من مارس الماضي فترأس اجتماع مجلس الوزراء العماني حيث وجه جلالته بإنشاء صندوق الأمان الوظيفي بتمويل سامٍ بـ10 ملايين ريال، مشددا جلالته على ضرورة المضي قدمًا في هيكلة الجهاز الإداري للدولة وتطويره ليتماشى مع متطلبات المرحلة القادمة، ودراسة الآليات المناسبة لتطوير التعليم وتجويد مخرجاته وتفعيل دور البحث العلمي والابتكار، كما أكد جلالته العزم على التواصل مع الشباب للإستماع إلى آرائهم وآمالهم.
وتفضل جلالته في ذلك الاجتماع بالإشارة إلى أنَّ العام 2020 هو العام لتهيئة العمل على تنفيذ الرؤية المستقبلية «عُمان 2040، وتحقيق كافة أهدافها، كما وجه جلالته بإستمرار يوم 18 نوفمبر کيومٍ وطني للنهضة العمانية تحتفل به السلطنة كل عام وبحيث يكون هذا العام هو العام الخمسون للنهضة وسوف يستمر على هذا النهج.
توالي المراسيم السلطانية
وتوالت كذلك المراسيم السلطانية السامية فصدر المرسوم السلطاني رقم (14/2020) بتعيين سمو شهاب بن طارق بن تيمور آل سعيد نائبًا لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع، والمرسوم السلطاني رقم (42 / 2020) بإصدار نظام جهاز الضرائب واعتماد هيكله التنظيمي، والمرسوم السلطاني رقم (44 / 2020) بالموافقة على انضمام سلطنة عُمان إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والمرسوم السلطاني رقم45 / 2020 بالموافقة على انضمام سلطنة عُمان إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمرسوم السلطاني رقم 46 / 2020 بالموافقة على انضمام سلطنة عُمان إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمرسوم السلطاني رقم 61 / 2020 بإنشاء جهاز الاستثمار العماني، والمرسوم السلطاني رقم 62 / 2020 بتعيين رئيس لجهاز الاستثمار العماني، والمرسوم السلطاني رقم (65/ 2020) بتعيين وزير للزراعة والثروة السمكية، والمرسوم السلطاني رقم 67 / 2020 بتعيين رئيس لجامعة السلطان قابوس،والمرسوم السلطاني رقم (69 / 2020) بتعيين رئيس للمحكمة العليا، والمرسوم السلطاني رقم (70 / 2020) بتعيين رئيس لمحكمة القضاء الإداري، كما تفضَّل جلالته فأسدى أوامره السامية الكريمة باعتماد تشكيل مجلس إدارة جهاز الاستثمار العُماني.
تحديات وحلول
وفي خضم هذه الجهود المكثفة لدعم الانتقال بعمان إلى مستوى طموحات المواطنين، فقد واجهت السلطنة تحديات كبرى، أهمها تحدي تراجع أسعار النفط، وتحدي أزمة فيروس كورونا العالمية لكن الحكمة السلطانية نجحت في التخفيف من حدة هذه الأزمات، واستطاعت بكفاءة منقطعة النظير أن تدير دفة الأمور في الدولة نحو مرافئ الاستقرار والحد من الأضرار قدر الإمكان. فمع بدء تفشي جائحة كورونا في العالم، بادرت حكومة جلالة السلطان في الاستعداد المبكر لهذه الجائحة، وصدرت الأوامر السامية بتشكيل لجنة عليا مكلفة بالبحث في آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، ونجحت هذه اللجنة بفضل التوجيه السامي المستمر في أن تواجه تداعيات الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.
إنجازات تُخلد بمداد من ذهب
ولا شك أن ما تحقق من منجزات وطنية على مدى الأشهر المنصرمة في ظل العهد الجديد للسلطنة لا يمكن أن توفيها الكلمات، فإنجازات الأوطان تخلد في كتب التاريخ بمداد من ذهب، لكن رغم قصر الفترة الزمنية إلا أن القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان برهنت على أن عُمان الشامخة ستظل قامتها سامقة، ورايتها خفاقة في كل المحافل، وستظل عمان أرض الخير والنماء والتطور والازدهار.