عروبة الإخباري – تستعد الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ مخطط جديد لضم مساحات شاسعة من منطقة “ج” بالضفة الغربية المحتلة، في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، متجاوزا بذلك ردود الفعل الدولية الواسعة الرافضة لخطة استلاب الاحتلال للأراضي المحتلة وتقويض جهود إحياء عملية السلام.
ويستهدف المخطط الإسرائيلي الجديد قضم نحو 80 % من مساحة الضفة الغربية، وهي تشمل الأجزاء المتبقية من المنطقة “ج”، التي تشكل حوالي 60 % من مساحة أراضيها الإجمالية، بالإضافة إلى حوالي 30 % الواردة في مخطط ضم الأغوار وشمال البحر الميت والمستوطنات الكبرى.
وقدرت سلطات الاحتلال كلفة “ضم كل مناطق “ج”، بما فيها منطقة الأغوار، والتي تضم 300 ألف فلسطيني، بنحو 2.4 مليار دولار سنويا، أما ضم كامل الضفة الغربية، أي 2.6 مليون فلسطيني، سيكلفها حوالي 14.8 مليار دولار سنويا”، وفق المواقع الإسرائيلية.
وبذلك؛ يترك الاحتلال عند تنفيذ الخطة أقل من 20 % من أراضي الضفة الغربية بيد الفلسطينيين، وذلك وفق السفير الفلسطيني السابق الدكتور ربحي حلوم، بناء على المعلومات التي وردت في “مركز هرتسليا” للدراسات الإسرائيلية الاستراتيجية والمكتبة اليهودية.
وقال حلوم، في حديثه لـ”الغد”، إن الأنباء الواردة في مركز “هرتسليا”، الذي يعد أحد المراكز المهمة لصنع القرار الإسرائيلي، تفيد بأن “قرار الضم الجديد قد تم اتخاذه داخل الأوساط الإسرائيلية، حيث يشكل ضم 30 % من مساحة الضفة الغربية خطوة سابقة على قرار آخر مماثل بقضم أراضٍ أخرى شاسعة”.
وأفاد بأن موعد تنفيذ الضم الجديد جرى تحديده في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، معتبرا أن “سلطات الاحتلال ماضية في تنفيذ مخططها، سواء الحالي أم الجديد، حيث جرى الإتفاق في المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية على أن يتم تطبيقه بشكل هادئ ومتدرج وبدون ضجة إعلامية أو سياسية”.
ونوه إلى أن سلطات الاحتلال تريد من ذلك “تفادي ردود الفعل الدولية الواسعة التي أعلنت عن موقفها الرافض لمخطط الضم الإسرائيلي، مثلما تهدف إلى استبعاد ثقل التبعات المترتبة عليه”.
وأضاف إن “المرحلة الحالية خطيرة بشكل غير مسبوق، حيث التداعيات الناجمة عن تنفيذ المخطط الإسرائيلي تتهدد الجميع”.
وأياً يكن؛ فما تزال ردود الفعل الدولية الرافضة لمخطط الضم الإسرائيلي مستمرة؛ قياساً بقرار مجلس الشيوخ التشيلي، أمس، الذي أعلن “رفضه لخطوات الاحتلال المخالفة للقانون الدولي، والمطالب بمقاطعة شاملة لجميع المنتجات الإسرائيلية، وخاصة الصادرة من المستوطنات الإسرائيلية”.
من جانبها؛ ثمنت حركة “حماس” قرار مجلس الشيوخ التشيلي، حيث دعا الناطق باسمها، حازم قاسم، في تصريح صدر له، “كل الحكومات إلى ترجمة رفضهم للسلوك العدواني للاحتلال الإسرائيلي إلى خطوات عملية، عبر فرض عقوبات حقيقية عليه، وملاحقة قادته”.
وأكد قاسم أن “تصاعد المواقف الرافضة للسلوك الاستعماري الإسرائيلي المتمثل في مخطط الضم، يؤكد عزلة موقف الاحتلال والإدارة الأميركية الداعمة له”.
تداعيات مخطط الضم
ويترتب على تطبيق مخطط الضم الإسرائيلي لمنطقة الأغوار وشمال البحر الميت والمستوطنات مخاطر قضم أكثر من 30 % من مساحة الضفة الغربية، وعزلها عن محيطها العربي، وترك 3 ملايين فلسطيني بلا موارد”، وفق منتدى المؤسسات والجمعيات العاملة بالوسط الفلسطيني في لبنان.
وتستكمل المحاذير تبعاتها عند “مصادرة المناطق الزراعية الخصبة والمناطق المقدسة، وتقطيع أوصال الضفة الغربية ومنع التواصل بين مدنها وقراها، والسيطرة على المحميات الطبيعية والمياه والمناطق الشاطئية، بما يتيح سيطرة الاحتلال الكاملة على الأرض والإنسان”، بحسب المنتدى.
أما في الجانب الآخر؛ فقد رصدت ورقة حول “الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية: الدوافع والسيناريوهات والتداعيات” للباحث عبد الناصر عيسى والصادرة عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات” ومقره بيروت، التداعيات السياسية والأمنية والاقتصادية للضم على الاحتلال.
ولفتت الدراسة إلى أن التداعيات لا تنحصر فقط على ردة فعل الفلسطينيين وردود الفعل الدولية، لاسيما أوروبا، بل تشمل أيضاً تأثيرها على “العلاقات مع المملكة، وعلى التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية”.
وقد يجر المخطط تداعيات أمنية غير محسوبة، قد “تؤدي إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة أو حرب محدودة مع قطاع غزة، وسط تحذير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للقيادة السياسية من انهيار السلطة الفلسطينية ونشوء أوضاع أمنية جديدة غير مستقرة، قد تتطلب إعادة انتشار الجيش في الضفة، بما فيها القدس المحتلة”.
فيما يسهم نفاذ المخطط، وفق الدراسة، في “القضاء على أي إمكانية لتسوية سياسية فلسطينية – إسرائيلية، وتعزيز أفكار ورؤى ومواقف اليمين الإسرائيلي المتشدد القائم على الانضمام بدلا من الانفصال، وتعزيز مركب “الدولة اليهودية” والأبارتهايد والتمييز العنصري الإسرائيلي”.
وأفاد مركز الزيتونة عبر الدراسة بأن “تكاليف الضم الاقتصادية على سلطات الاحتلال يقدر بنحو 2.1 مليار دولار سنوياً، فيما قد يخصم منها نحو 0.5 مليار دولار زيادة مدخولات الدولة من الضم”.
كما “سيؤدي الضم في أسوأ حالاته؛ أي انهيار السلطة الفلسطينية، وجولة قتالية جديدة مع غزة إلى إدخال 30 ألف جندي إسرائيلي احتياط للضفة الغربية بتكلفة نحو 1.1 مليار دولار، ونحو 2.6 مليار دولار لمواجهة المقاومة الفلسطينية في غزة، عدا عن الخدمات المدنية التي ستضطر سلطات الاحتلال لتقديمها للفلسطينيين في المناطق المضمومة بما فيها “أ” و”ب” في الضفة الغربية”.
وأشار إلى أن “هناك تكاليف أمنية ومدنية أخرى؛ ومنها تكاليف منح المواطنين الفلسطينيين الإقامة بعد الضم، كما أن ضم كل مناطق ج، بما فيها الغور والتي تضم 300 ألف فلسطيني سيكلف نحو 2.4 مليار دولار) سنوياً، أما ضم كامل الضفة الغربية، أي 2.6 مليون فلسطيني، سيكلف الاحتلال نحو 14.8 مليار دولار سنوياً”.
فيما يترتب على تحديد حدود طويلة للكيان الإسرائيلي، وفق الخريطة المرفقة بما يسمى “صفقة القرن”، من 1,600-1,800 كم، توزيع الجنود عليها بكلفة تقارب نحو 2.9 مليار دولار سنوياً، فضلاً عن ما قد تتركه ردود الفعل الدولية الرافضة من عقوبات دولية وأوروبية محتملة ضد الاحتلال.
وقدر المركز بأن تقوم الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ الضم على دفعات وبحذر، مؤكداً “ضرورة إعادة الاعتبار للمقاومة الفلسطينية بكافة أشكالها، ووقف التنسيق الأمني وكل أشكال التعاون مع سلطات الاحتلال من قبل السلطة الفلسطينية؛ وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية”.