عروبة الإخباري – أجمع تربيويون عاملون في الميدان التعليمي منهم مدراء مدارس ومعلمين في القطاعين العام والخاص، على فشل تجربة التعليم عن بُعد، كما طبقتها وزارة التربية والتعليم أثناء جائحة كورونا، وقالوا أن أول أسباب فشل التجربة تخبط قرارات وزارة التربية والتعليم وتضاربها، بالإضافة إلى تهرب المسؤولين في الوزارة من تحمل المسؤولية، عند لجوء الميدان إليهم للإستفسار عن الحلول المقترحة للمشاكل التي كانت تواجه الميدان، حيث كان كل واحد من المسؤولين يلقي بالمسؤولية على غيره.
جاء ذلك أثناء الحلقة النقاشية حول تجربة التعليم عن بعد في المدارس،التي نظمتها جماعة عمان لحوارات المستقبل في مقرها واستضافت فيها عدداً من مدراء المدارس والمعلمين العاملين في المدارس الحكومية والخاصة من عدد من مناطق الأردن، وأدارها عضو الجماعة الدكتور محمد صايل الزيود، الذي استهل الحلقة بطرح أسئلة عن أثر استخدام التعليم عن بعد على الطلاب، وما هي المعيقات التي أثرت على سيرها بالشكل المطلوب وهل فتحت جائحة كورونا الباب للحديث عن البنية التحتية للتعليم في الأردن وما هو وضع المعلم أيضا ؟.
وقال الدكتور الزيود أن جماعة عمان لحوارات المستقبل تسعى منذ تأسيسها لمناقشة المواضيع التي تهم المجتمع الأردني، ودراستها دراسة علمية ومحاولة تقديم الحلول لصانع القرار، إيمانا منها بضرورة المشاركة والتفاعل خدمة للوطن والمساهمة في تطوره.
وأضاف أن جائحة كورونا التي عصفت بالعالم كله، عرضت الأردن كما باقي المجتمعات إلى انتكاسات وتغيرات أثرت على سير الحياة بشكل طبيعي، مؤكدا أن التعليم تأثر بشكل كبير حيث طبقت نظرية التعليم عن بعد، واستخدام التكنولوجيا لإتمام هذه العملية، وهو ما نحاول في جماعة عمان مناقشته للإطلاع عن كثب على هذه التجربة الجديدة، وما تعرضت له من معيقات ونقاط قوة .
واستغرب المشاركون في الحلقة من العاملين في الميدان الصورة الوردية والزاهية التي يحاول أن يرسمها إعلام الوزارة لسير العملية التعليمية في الميدان،وقالوا أنهم عندما يستمعون إلى تصريحات المسؤولين في الوزارة أو يقرؤون تلك التصريحات، يتسألون إن كان هؤلاء المسؤولين يتحدثون عن الأردن، أم عن تجارب إطلعوا عليها في دول أخرى فالتبس عليهم الأمر، عندما اعتقدوا أنها في الأردن خاصة وأن علاقة المسؤولين بالميدان هي علاقة برتوكولية مقتصرة على زيارات لبعض المدارس وإلتقاط صور تذكارية فيها!
وعن أبرز المعيقات التي واجهت عملية التعليم عن بعد قال المشاركون في حلقة النقاش أن التجربة شكلت معاناة للإدارات المدرسية وللمعلمين والفنيين وكذلك للطلبة والأهالي، حيث استباحت وقت المعلمين وخصوصيتهم وأرهقتهم، عندما كانت تأتيهم الإتصالات من الطلبة وأولياء الأمور على مدار الساعة بما في ذلك ساعات الفجر الأولى، مما كان يترك آثاراً سلبية على المعلمين وأسرهم وعلاقتهم مع هذه الأسر وعلاقاتهم بمجتمعاتهم المحلية.
أما أولياء الأمور فقد شكلت لهم التجربة إرهاقاً كبيراً خاصة من الناحية المالية،بالنسبة للأسر التي لديها أبناء في صفوف مختلفة، وليس لديها إلا جهاز واحد، مما كان يرهق الأسرة في تنظيم الأوقات بين أبنائها،الذين كان الكثيرون منهم يحرمون من القدرة على المتابعة المباشرة مع معلميهم.
وفي مجال الأجهزة أكد المشاركون أنها شكلت معاناة لجميع أطراف العملية التعليمية في الميدان، لأسباب منها ضعف المعرفة الكافية لدى الكثير من المعلمين والطلبة وأولياء الأمور بالأجهزة واستخدامها، ولعدم توفر البنية الأساسية لهذه التكنولوجيا في معظم المدارس، يضاف إلى ذلك ضعف شبكات الإنترنت في الكثير من المناطق، مما كان يسبب في تقطع الإرسال، بالإضافة إلى تفاوت في مستويات الأجهزة وموديلاتها سواء للمعلمين أو الطلاب على حد سواء، مما ألحق ظلماً كبيراً بنسبة عالية منهم.
واشتكى المشاركون في النقاش أيضاً من تعدد المنصات الإلكترونية،وتساءلوا عن سبب ذلك، وعما إذ كانت الرغبة في “تنفيع جهات معينة تقف خلف هذا التعدد”.
وأجمع المشاركون على أن الخطر الحقيقي على التعليم يتمثل في تفشي ظاهرة “الغش”، حيث كان أفراد الأسرة يتولون حل الأسئلة نيابة عن أبنائهم، بل أن بعضهم استأجر من يقدم الإمتحان نيابة عن أبنائه، والأهم من ذلك أن التجربة أفقدت المعلم القدرة على التقييم الحقيقي للطالب وغيبت التفاعل بينهما.
كما اشتكى المشاركون من كثرت الإشاعات حول مصير الامتحانات، ثم حول مصير الفصل القادم، مما يهدد مستقبل الآلاف المعلمين العاملين في القطاع الخاص، جراء عدم تجديد عقودهم إذا تقرر اعتماد التعليم عن بعد.
وأشار بعض المشاركين إلى أنه بالإضافة إلى المشاكل التي ذكرها زملائهم، فقد كانت هناك قوى شد عكسي تخاف من التغيير، لذلك قاومت التجربة التي شهدت في بدايتها حماساً من المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، وهو الحماس الذي ما لبث أن تراجع بعد أسبوعين أو ثلاثة بحيث انخفضت نسبة حضور الطلبة إلى الثلث تقريباً.
وأجمع المشاركون في الندوة على أنه كان من المهم أن تهيىء وزارة التربية الجميع لهذا النوع من التعليم، وتؤكد على تفعيل منصات التعليم الإلكتروني بصورة دائمة، تجنباً للمفاجآت كما حدث مع جائحة كورونا.