المساءلة والمسؤولية، هما صنوان متلازمين لحل أية مسالة مهما كانت، وتحقيق أية إنجاز مهما عظم شأنه، فإذا ما توفرت عناوين المساءلة والمسؤولية توفر ميزان الضابط في رسم معادلة الإنجاز التي تهدف للمصداقية والثقة، لذا كانت المساءلة أحد أهم اسس الحوكمة الراشدة، وعنوان انجاح المنظومة الادارية وبيت القرار فيها، كما تعتبر المساءلة العامل الاهم في بيت المال لانها تظهر مناخات الشفافية اللازمة لتعزيز ايضا قيم المصداقية والثقة لبيت القرار.
وهذا ينسجم مع القاعدة الفقهية الإدارية التي تقول من أمن العقوبة أساء التصرف في السند، وطبق القانون في غير نصابه، وربط المحمول غير مكانه في العقد، وبات حال النظم الإدارية والمالية ليس بالحال المطلوب المحمود وتزعزعت ثقة العامة بالأحكام وطبيعة الحكم، لذا كان في تطبيق نظم المساءلة تأكيد على قيم العدالة، وتعزيز نهج الشفافية يأتي من باب نظم المساءلة القانونية والإدارية والمالية والانتاجية، وهذه الابواب هى الابواب الرئيسية التي تبنى عليها نظم الحوكمة الراشدة التي بها يتحقق للإنجاز أركانه القويمة.
وإذا كان بيت القرار يتشكل من نظم بنائية ثلاث تقوم على الأبواب الاقتصادية والسياسية والإدارية فإن تمامها تشكله نظم المساءلة التي تعنى بمكافحة الفساد بشقيه الإداري والمالي، لان درء المفاسد أولى من جلب المنافع، وهذا يأتي أيضا من باب حرص بيت القرار على إحقاق صوت العدالة عبر سيادة القانون لما لهذا العامل من أهمية في تعزيز مفاهيم نظم الحكومة الراشدة.
وفي إطار العمل على فتح باب المساءلة، فإن الأمر يتطلب مأسستها، عبر إيجاد بصمة حكومية كانت الأوراق الملكية قد حملتها في رؤيتها، والتي يشكلها تشكيل الهيئة الأردنية للحوكمة لتكون بمثابة المرجعية التي تحفظ آليات تصميم القوانين،ومتابعة تنفيذ بنود القرار، ومراعاة مسألة تحقيقها، ضمن الجمل الاستراتيجية اللازمة، وهذا لا بد أن ينطبق على القطاع العام كما على القطاع الخاص خصوصا شركات المساهمة العامة، بهدف تعزيز عوامل الثقة والمصداقية والشفافية، للحياة العامة وللمناخات الاسثمارية.