عروبة الإخباري – تتحدث الكثير من التقارير الدولية عن كارثة إنسانية غير مسبوقة يعيشها اليمن، وبشكل خاص الأطفال سواء من هم في الشمال أو في الجنوب، بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب المدمرة.
ويرى مراقبون أن الطفل اليمني يعاني من أزمات عديدة منها سوء التغذية والتعليم والصحة والحق في الحياة والعيش في أمان والاستقرار مقارنة بأطفال العالم، علاوة على عدم وصول المساعدات الأممية والدولية نتيجة الفساد أو المصاريف التشغيلية والإدارية للمنظمات التي تقوم على تلك المشاريع…الأمر الذي فاقم الأزمات ويهدد بأكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث.
تجنيد الأطفال
قال الدكتور محمد عسكر وزير حقوق الإنسان في حكومة الرئيس هادي، إن ثلاث مشكلات تواجه أطفال اليمن تقريبا، أولها، هي تجنيد الأطفال، وهذا ما يسبب فقدان حياة وإصابة الآلاف منهم؛ والمشكلة الثانية، هي الألغام التي أودت بحياة الٱلاف من الأطفال والنساء؛ أما المشكلة الثالثة والأخطر على هؤلاء والتي تتسبب في النسبة الأكبر من الوفيات بين أطفال اليمن فهي الأوبئة، وخصوصا وباء الكوليرا الذي انتشر بشكل كبير العام الماضي وخلف الآلاف من الضحايا بين الأطفال.
وأضاف وزير حقوق الإنسان اليمني لـ”سبوتنيك”، أن الكوليرا توطنت باليمن خصوصا بعد موسم هطول الأمطار التي بدأت من حوالي شهر وتستمر حتى الأشهر الثلاثة المقبلة.
وأوضح عسكر أن هناك عددا من الدول والمنظمات تقدم المساعدات الإنسانية من أجل الأطفال في اليمن ومن أبرز الداعمين، منظمة الصحة العالمية ومركز الملك سلمان والهلال الأحمر الإماراتي وهيئة الإغاثة الكويتية وغيرها من الدول والمؤسسات.
أدوات الموت
من جانبه قال الدكتور ماجد عويس، رئيس مؤسسة “إنقاذ” للتنمية الإنسانية، إن تدهور الوضع الصحي بشكل عام في اليمن جاء بسبب المعارك التي تشهدها البلاد منذ نحو خمس سنوات، ولا يزال الأطفال اليمنيون شمالا وجنوبا يعانون من تفشي الأمراض والأوبئة، كوباء الكوليرا والملاريا وحمى الضنك وغيرها، نظرا لإعاقة “المليشيات الحوثية” وصول الخدمات الصحية إليهم نتيجة لاستمرار الحرب الظالمة على الضالع وغيرها من المحافظات الجنوبية والتي هي تحت سلطة الشرعية، والتي تسببت هي الأخرى في ما وصلت إليه البلاد من وأوبئة وكوارث صحية. الأكثر تضررا
وأضاف رئيس مؤسسة “إنقاذ” للتنمية الإنسانية لـ”سبوتنيك”، لا تزال عدن والضالع وغيرها من المحافظات تعاني من تردي الأوضاع الإنسانية وانتشار الأوبئة والأمراض، ومنها حاليا تفشي جائحة كورونا التي انتشرت بالمحافظات الجنوبية بشكل مقلق جدا، وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال مؤتمر صحفي له الخميس الماضي، إن اليمن “أكثر دول العالم ضعفا في مواجهة فيروس كورونا”، وذكر غوتيريس، أن “نسبة الوفيات من إجمالي المصابين بكورونا في اليمن تصل لأكثر من 17 بالمئة وهذه أكبر نسبة وفيات على مستوى العالم بأسره”، والأطفال هم أكثر الفئات تضررا بالحميات وأمراض والإسهالات وسوء التغذية، أيضا هناك إنتشارا كبيرا وباء حمى الضنك النزفية في عدة محافظات وأشدها عدن ولحج والضالع.
وتابع عويس، بالنسبة للضالع تعاني من انتشار كبير لوباء حمى الضنك الذي أودى بحياة بعض السكان وإصابة الآلاف أغلبهم من الأطفال، بالإضافة إلى مرض الشيكونغونيا والكورونا، حيث سجلت المحافظة 25 حالة وفاة بفيروس كورونا المستجد، منها 14 حالة مؤكده بالفحص PCR ناهيك عن الوفيات في القرى والمديريات البعيدة والتي لم تتمكن من الوصول إلى مركز العزل الوحيد بمحافظة الضالع.
وأشار رئيس مؤسسة إنقاذ للتنمية الإنسانية،إلى أن هناك عدة محافظات أخرى أبرزها محافظة الحديدة “غربي البلاد” تشهد انتشارا للمرض نفسه الذي قتل العشرات في مديرية الجراحي وحدها، والسلطات الصحية في محافظة الضالع تواصل القيام بحملات التوعية والرش الضبابي لمكافحة انتشار حمى الضنك، بالإضافة إلى الحملات التوعوية حول الأمراض الحمية ومن ضمنها فيروس كورونا المستجد.
أمراض فتاكة
وأوضح عويس أن مؤسسة إنقاذ للتنمية الإنسانية بالضالع تعمل جاهدة على نشر الوعي والتثقيف الصحي وتغيير السلوكيات الخاطئة التي تؤدي إلى تشكل بؤر يتكاثر فيها البعوض الناقل، مشيراً إلى أن الطوارئ الصحية التي أعلن عنها تشمل عدة محافظات منها عدن، ولحج، وأبين، وحضرموت، شبوة، الضالع من خلال مكافحة الأوبئة ونواقل الأمراض، حيث أن الملاريا والضنك، أمراض تنتقل عبر البعوض الذي يتكاثر في تجمعات المياه الراكدة والمناطق المتضررة من الحروب انتشر فيها المرض أخيراً لهذا السبب، وأيضا نتيجة لتراكم المخلفات والنفايات بشوارع المحافظة وانفجار مياه المجاري بالشوارع، وعلى الرغم من انتشار وباء حمى الضنك في محافظة عدن و الضالع إلا أن الفيروس الأشد خطورة “كورونا المستجد” يغزو المحافظات ولا علاقة له بالأمراض الأخرى المنتشرة في المدين، ويرتبط انتشار هذه الأوبئة بتكدس القمامة وانعدام النظافة، فضلا عن دخول فصل الصيف الذي تشتد فيه درجة الحرارة والأمطار والسيول.
وأشار رئيس مؤسسة إنقاذ للتنمية الإنسانية، إلى أن يواجه منذ بداية جائحة الحمى إلى اليوم مئات بل الآلاف من حالات الحمى الفيروسية في أكثر من مستشفى، خمسة في المئة منها فقط ثبت أنها حمى الضنك، ما يعني أن خمسة وتسعين في المئة من الحالات لاعلاقة لها بحمى الضنك، وتكثف الجهات المختصة خدماتها الصحية بما في ذلك جانب التوعية في أوساط الأسر عن طريق فرق إرشادية وعبر وسائل الإعلام المحلية المختلفة، ذات المشكلة تتكرر لتشمل محافظات يمنية أخرى بحالات مرضية لا تقل خطورة عن الحمى الفيروسية.
وفاة 100 ألف طفل سنويا
وتابع عويس، بحسب إحصائيات وزارة الصحة في المناطق الجنوبية، أكثر من 100 ألف طفل يموتون سنويا نتيجة بعض الأمراض الفتاكة خاصة سوء التغذية والاسهالات، بالإضافة إلى الحميات، وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” أن اليمن لا يزال ضمن أسوأ البلدان للأطفال في العالم، وأن استمرار النزاع الدامي وما ترتب عنه من أزمة اقتصادية وضع أنظمة الخدمات الاجتماعية الأساسية في عموم البلاد على حافة الانهيار ستنجم عن ذلك عواقب بعيدة المدى على الأطفال.
وأعرب عويس عن قلق مؤسسة إنقاذ إزاء ورود تقارير عن آلاف الإصابات بحمى الضنك وبقية الأمراض الحمية في اليمن الذي يشهد حربا مدمّرة وتفشي الجائحة كورونا كوفيد-19.
إحصائيات مفزعة
وعلى الجانب الآخر قالت نهى جحاف المدير التنفيذي لمنظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل بصنعاء، إن الإحصاءات التي تم رصدها طوال السنوات الخمس الماضية وحتى يونيو/ حزيران 2020، تؤكد مقتل 3766، وإصابة 3995 نتيجة لقصف طائرات التحالف.
وأضافت المدير التنفيذي لوكالة “سبوتنيك”، 2 مليون ومائتين ألف شخص أصيبوا بوباء الكوليرا توفي منهم 3750 مصاب ومصابة، بينهم أطفال بنسبة 32 ٪ ، كما سجلت وزارة الصحة اليمنية إصابة ٣٤٥٢٠ بالحصبة توفيت منها 273 حالة يمثل الأطفال 65 ٪ منها، وسجلت أيضا 4500 حالة إصابة بالدفتريا توفي منها ٢٥٣ حالة منها 16 في المئة من الأطفال دون سن الخامسة، كما تضاعفت خلال السنوات الأخيرة أعداد المواليد المشوهين خلقيا و حالات الوفاة، منها في بعض المناطق التي نالت القصف من قبل التحالف على المدن التاليه “صنعاء ، صعده ، الحديدة، عمران،حجه ، تعز”، كما ارتفعت حالات العيوب الولادية الحية بنسبة ٥٩٪، كما توفي ٤٢ ألف مريض نتيجة الحصار يشكل الأطفال نسبة 30 في المئة منهم، هذا علاوة على أن هناك أكثر من 500 ألف طفل تحت خط الموت نتيجة سوء التغذية الحاد. لا طفولة في اليمن
وحول الوضع الذي يعيشه أطفال اليمن مقارنة بأقرانهم في دول العالم قالت جحاف، منظومة حقوق الإنسان بشكل عام تتركز في حق البقاء” أي العيش” و من أهم حقوق الإنسان أن يمتلك حقه في الحيا، وتبينا حقيقة تلك المنظومة العالمية بعدما بدأت الحرب، وتبينا أن تلك المنظومة لا تعطي الحق في الحياة للمواطن اليمني، ونخص هنا بالتحديد الطفولة اليمنية والتي تم انتهاكها من عدة جوانب من حيث الأمان وانتهاك الحياة بين لحظة وأخرى، كما انتهك حقه في العيش بين أفراد أسرته، الكثير من الأطفال اليمنيين نجو من عمليات القصف وأصبحوا بدون أسرة “أب ،أم،أخوة” بعد أن قتلتهم الطائرات في لحظات.
وتابعت المدير التنفيذي، هناك أيضا انتهاكات في حقوق الطفل من حيث التغذية والتعليم والعلاج، علاوة على حاجته للدعم النفسي جراء ما حدث من أصوات مرعبه وقصف الطيران الذي لا يتوقف، فابنتي ذات الست سنوات عندما تسمع طائرات الأمم المتحدة تصل صنعاء تهرول الى حظني كي تشعر بالأمان، فكم من أطفال لديهم نفس الهاجس حتى من الطائرات المدنية، وعندما نشاهد مواقع التواصل الاجتماعي والمحطات الإعلامية لأطفال العالم كيف يمارسون حياتهم الطبيعية والترفيهية والتعليمية، نتسائل لماذا لا يحق لأبنائنا أن يعيشوا مثل هؤلاء حياة مستقرة وآمنة.
أين تذهب المساعدات
وأوضحت حجاف مجددا لم نلمس الدور الإنساني للأمم المتحدة والذي نقرأه في وسائل الإعلام ولا نراه على الأرض إلى يومنا هذا ومنذ أكثر من 5 سنوات بالشكل الذي يتحدثون عنه، وأبرز دليل على ما نقول هو فشل الأمم المتحدة في فتح مطار صنعاء للأمور الإنسانية، وأغلب المعونات التي تم تقديمها عبر مشاريعهم جزء بسيط جدا يذهب لأبناء الشعب، والباقي يذهب في دورات تدريبية توعوية ليس لها أولوية لهذه المرحلة، وتكون النسبة المالية من تلك المنح والمساعدات الإنسانية الملحة قليلة جدا مقارنة مع مصاريف المنظمات الدولية والميزانية التشغيلية لديها، ما يعني أن الأموال التي تهبها الدول هي معونات إنسانية يذهب منها فتات إلى
المشاريع الإنسانية، اليمن لا تحتاج إلى معونات الأمم المتحدة فعلا، اوقفوا العدوان و فكوا الحصار والباقي على الشعب اليمني في إعانة ومساعدة نفسه. الفساد الحكومي
وفي نفس السياق قال الدكتور علي البحر الأكاديمي اليمني، المساعدات الدولية والإنسانية نسمع عنها لكن لم نلمسها، والسبب من وجهة نظري هو التلاعب الواضح بتلك المساعدات بل وتخصيص الجزء الأكبر منها كنفقات إدارية ورواتب الموظفين وإيجار وسائل النقل، وايجار المكاتب وتأثيثها وهلم جرا من النفقات الطائلة التي تذهب بعيدا عن المجال المخصص لها من قبل المنظمات والهيئات الإنسانية الإقليمية والدولية.
وأضاف الأكاديمي اليمني لـ”سبوتنيك” أما بخصوص المساعدات التي تسلم مباشرة للجهات الحكومية ممثلة بوزارة الصحة، فهذه المساعدات حدث ولا حرج فهي تذهب أدراج الرياح، حيث توزع على المسئولين وترفع فيها تقارير وهمية لغياب الضمير الحي وانعدام الرقابة والمحاسبة. ويشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، إذ تقول إن ما يقرب من 80% من إجمالي السكان -أي 24.1 مليون إنسان- بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.
وتقود السعودية، منذ 26 آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، التي سيطرت عليها جماعة أنصار الله “الحوثيين” أواخر عام 2014.