عروبة الإخباري –
هناك مدرستان خلال فترة علاج المريض من الامراض الخطرة خصوصا القاتل منها مثل السرطان والقلب، الاولى تعتمد سياسة المكاشفة الكاملة للمريض والاسرة وترسم منحنى لمرحلة العلاج ومتطلباته حتى الشفاء او الانتقال الى رحمة الله عز وجل، والمدرسة الثانية تقيم الحالة وفرص الشفاء وتحاول إخفاء خطورة المرض عن المصاب ويتم إبلاغ الاسرة بحقيقة الحالة المرضية لتقديم افضل عناية ممكنة نفسيا وماديا للمريض تلافيا للرعب والإضرار بمعنوية المريض.
اما في السياسة والاقتصاد وازمة تفشي فيروس كورونا المستجد فالصورة مختلفة إذ هناك انماط متعددة من تقديم الحقائق الى تنفيذ برامج وسياسات إعلامية مختلفة وفق اهداف محددة بعضها معلن والاخر مخفي، وخلال الاشهر القليلة الفائتة وتحديدا منذ تفشي الوباء الى كافة دول العالم كثرت الفيديوهات تخاطب العامة وتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعضها رصين وبعضها يندرج تحت عنوان..صناعة التضليل لخلط الحابل بالنابل حيث يعتمد اصحابها بتقديم معلومات حقيقية يضاف اليها سم زعاف بتقديم سيناريوهات مستقبلية، ويدعمونها بمقولات مختلفة..انا توقعت ذلك في التاريخ كذا، وحسب دراسة اجراها معهد كذا يتوافق مع ما اطرحه اليوم، ويصل التمادي حد وضع تواريخ مقبلة لحدوث كذا حرب اقليمية و/ او عالمية هنا او هناك، ويصل حد التنجيم الذي يذهب كالعادة أدراج الرياح.
الاخطر من هذه الفيدوهات على الارجح انها تخدم بشكل غير مباشر منظمات و/ او محافل يعمل بعضها في العلن وبعضها يعمل في الخفاء، ومع زيادة وتيرة بث هذه الفيديوهات مما حدا بالعامة تجاهلها او التندر عليها ومن يقدم على تسجيلها وترويجها، ولاحقا دخلت الفيديوهات الى مرحلة ترجمة الفيديوهات الى لغة ما لاستهداف شعب او شعوب محددة، ونظرا لصعوبة التدقيق في الترجمة وتطابقها مع اللغة الاصلية تضيع الطاسة وينقاد العامة الى ما قدم وان كان ظالما، والاغلب ان غالبية هذه الفيديوهات تندرج تحت صناعة التضليل الممنهج.
الطريقة الوحيدة لتخفيف تأثيرات هذه الهجمة الإعلامية المدعومة بفيديوهات المنتجة وفق معايير سينمائية متقنة واحيانا مدعومة برسوم وبيانات وجداول وصور لا بد من اعتماد الإفصاح والشفافية فعلا لا قولا خصوصا وان مستويات الثقة بين الناس والحكومات متدنية، وان بناء الثقة تحتاج الى جهد كبير وصدقية عالية، والابتعاد عن تأخير الإفصاح وتجنب تقديم أنصاف الحقائق، فهي تتيح انتشار الفيديوهات الهدامة التي تسري كالنار في الهشيم، والاسوأ من ذلك تجاهل الارادة الشعبية واستحواذ فئة محدودة بالحكمة والمعرفة والمصلحة الوطنية والقرارات المصرية..وفي هذه الحالة لا يمكن بناء ثقة وتعاون مثمر بين الحكومات والمواطنين وربما هذه الحالة تعتبر صورة من الصور السائدة محليا منذ سنوات.