عروبة الإخباري – أصدرت سفارة جمهورية أذربيجان في المملكة الأردنية الهاشمية بيانا حول بمناسبة مرور 102 عام على تأسيس جمهورية أذربيجان الديمقراطية، وتاليا نص البيان
يصادف يوم 28 من شهر مايو مرور 102 عام على قيام أول جمهورية ذات طابع برلماني في المشرق الإسلامي ألا وهي جمهورية أذربيجان الديمقراطية. لقد إستطاعت الديمقراطية اليافعة نيل الإعتراف الدولي بها على هامش مؤتمر باريس للسلام، مما يعد حدثا تاريخيا مشهودا ومثارا للفخر وصفحة من الصفحات المجيدة في تاريخ الشعب الأذربيجاني الذي يستمر في الإحتفال بهذا اليوم على نطاق واسع.
مما يوسف له بالإشارة الى أنه لسوء الحظ، لم تستمتع جمهوريتنا الفتية بعبق الإستقلال والحرية سوى 23 شهرا، بعدما تعرضت للغزو على يد الجيش الأحمر السوفييتي. ولا شك أنه لكانت جمهورية أذربيجان الديمقراطية من ضمن الدول الأكثر نموا وثراء في العالم في الوقت الحالي، إذا ما تمكنت من الحفاظ على إستقلالها.
غير أنها قطعت شوطا كبيرا خلال عمرها القصير في بناء الدولة الديمقراطية على وجه الخصوص. إذ أنها منحت حق التصويت للنساء وضمنت المساواة بين الجنسين وبالتالي، سبقت عدد من الدول الغربية مثل الولايات الأمريكية المتحدة وذلك الى الجانب بناء الجيش الوطني والإقتصادي الوطني وتوفير سلامة أراضيها وإصدار العملة الوطنية وتأسيس البنك الوطني ونيل الاعتراف باستقلالها وسيادتها من قبل المجتمع الدولي وإقامة العلاقات الدولية وغيرها.
على صعيد تشريعي، فقد قامت جمهورية أذربيجان الديمقراطية بإصدار عدد من القوانين والمراسيم في غاية الأهمية تماشيا مع المبادئ المحددة في إعلان الاستقلال والتي كان الهدف الرئيس منها تشكيل 3 فروع السلطة وهي التشريعية والتنفيذية والقضائية مع حماية إستقلال الدولة وسلامة أراضيها والالتزام بحقوق الإنسان والحريات الأساسية وإقامة الدولة الديمقراطية القائمة على القانون.
وبهدف المنع من التدخل الخارجي في الشئون الداخلية، فقد بذل كل من الحكومة والبرلمان قصارى جهودهما للتوصل للاعتراف الدولي بجمهورية أذربيجان الديمقراطية، حيث قرر البرلمان إرسال الوفد الخاص إلى مؤتمر باريس للسلام في 18 ديسمبر 1918.
لكن التوسع السوفييتي نحو جنوب القوقاز، قد أسفر عن إحتلال الديمقراطية الفتية في 28 أبريل عام 1920 الذي ترك في دوره أثرا ملحوظا في تاريخ الحركة التحريرية الوطنية. إلا أن العقود السبعة من الرقابة السوفييتية البشعة، لم تثن عزيمة الشعب الأذربيجاني صوب قيم الحرية والإستقلال.
ففي 18 أكتوبر عام 1991، إنفصلت أذربيجان عن المنظومة الشيوعية وإسعادت إستقلالها وسيادتها وتقاليد جمهورية أذربيجان الديمقراطية الغنية. وثم إنضمت الى منظمة الأمم المتحدة التي في دورها أقرت عضويتها في إطار الحدود القائمة قبل الإحتلال الأرمني.
لقد واجهت جمهورية أذربيجان في السنوات الأولى من إستقلالها العدوان العسكري المباغت من قبل الدولة المجاورة وهي أرمينيا، الذي أدى الى إحتلال 20% من أراضينا الأم وتحول أكثر من مليون أذربيجاني الى مشردين ولاجئين. ولم تنجح أرمينيا في غزو أراضينا لو لا الفوضى السياسية العارمة والإقتتال الداخلي من أجل السلطة بين الأطراف المتناحرة، في حين كانت جمهورية ناختشيوان ذات الحكم الذاتي في إطار جمهورية أذربيجان، قد بدأت بجباية ثمار القرارات التنموية المبنية على الإصلاحات السياسية والإقتصادية في ضوء الإستقرار السياسي والإجتماعي بقيادة حيدر علييف.
وفي ظل مثل هذه الظروف، توجه الشعب الأذربيجاني الى حيدر علييف وطلب طلبا مصرا منه إنقاذ البلاد من خطر الإندثار. وإنطلاقا من وطنيته وحبه العميق للشعبه، فقد تجاوب حيدر علييف مع نداء شعبه المصر ووافق على عودة الى جمهورية أذربيجان وذلك في 15 يونيو عام 1993 الذي يعتبره الشعب الأذربيجاني يوم نجاة، حيث تم إنتخاب حيدر علييف رئيسا للمجلس الأعلى وثم رئيس الدولة بعد فوزه بأغلبية ساحقة في الإنتخابات الرئاسية في 3 أكتوبر عام 1993.
وما إن تولى القائد العظيم حيدر علييف حكم البلد، حتى سارع الى تحرير بعض الأراضي المحتلة بالإمكانات العسكرية الضئيلة المتوفرة وتوصل لوقف إطلاق النار مع أرمينيا عام 1994. تباعا للهدنة، أخذ فخامة الرئيس/ حيدر علييف في إتخاذ الإجراءات والقرارات الرامية الى توفير الإستقرار السياسي والإجتماعي وبناء مؤسسات الدولة والقوات المسلحة والإقتصاد الوطني من صفر.
لقد دخلت الفترتان الرئاسيتان للزعيم الوطني حيدر علييف من 1993 الى 2003 في ذاكرة الشعب الأذربيجاني بوصفهما فترتي تمهيد أرضية للطفرة النهضوية الهائلة والشاملة التي أصبحت ممكنة بفضل الإصلاحات التنموية وإستراتيجية الطاقة الموضوعة من قبل القائد العظيم.
وفي 2003، بعدما أبدى الشعب الأذربيجاني ثقته لخفامة/ إلهام علييف الوارث الجدير للزعيم الوطني حيدر علييف، إنطلقت الطفرة التنموية الشاملة التي أدت الى زيادة حجم الإقتصاد بأضعاف وتقلص ملموس في مؤشرات البطالة والفقر وإرتقاء المستوى المعيشي للمواطنين والوثبة في إحتياطي النقد الأجنبي وما الى ذلك. وبفضل مواصلة النهج الذي وضع أسسه القائد العظيم حيدر علييف، من قبل فخامة الرئيس/ إلهام علييف بكل نجاح، باتت أذربيجان دولة رائدة في منطقة القوقاز ونالت مزيدا من ثقة المجتمع الدولي.
اليوم، يطرد فخامة الرئيس في عمل دؤوب على تعزيز سيادة جمهورية أذربيجان وإستقلالها وتحرير الأراضي المحتلة عن طريق المفاوضات السلمية مع الإحتفاظ بحق اللجوء الى طرق غير تقليدية وكذلك توفير إستدامة النماء، حيث أصبحت أذربيجان صاحب الكلمة الأخيرة في تنفيذ المشاريع ذات الشأن العالمي في مجال الطاقة النقل وتعد مبادرة المشاريع العملاقة في ذات المجالين مثل خط الأنابيب للنفط باكو – تفليس – جيهان الذي ينقل المواد النفطية من بحر قزوين إلى شواطئ البحر المتوسط في تركيا مرورا بجورجيا. وكذلك خطوط الأنابيب للغاز الطبيعي “تاب” و”تاناب” وغيرها التي توصل الغاز الأذربيجاني الى الأسواق الأوروبية، ناهيك عن ممري النقل الدولي “الشمال-الجنوب” و”الشرق-الغرب”.
على صعيد السياسة الخارجية، فإستطاعت جمهورية أذربيجان نيل المكان المرموق والمعتد به في منظومة العلاقات الدولية من عام لآخر، حيث كانت في عامي 2012-2013 عضوا غير دائم في مجلس الأمن الأممي وتتولى اليوم رئاستي مجلس التعاون للدول الناطقة باللغات التيوركية وحركة عدم الإنحياز على التوالي.
كما إنعقدت في العاشر من شهر أبريل عام 2020 قمة طارئة لمجلس التعاون المذكور التي أعقبتها قمة فريق الإتصال لحركة عدم الإنحياز في الرابع من شهر مايو من العام ذاته اللتين كرستا لتضافر الجهود الدولية ، علما بأن القمتين المشار اليهما أعلاه التي بحثت سبل مواجهة وباء فيروس كورونا المستجد، عقدتا بمادرة كريمة من فخامة / إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان عبر تقنية الإتصال المرئي.
وبالرغم من النهضة التي تشهدها جمهورية أذربيجان في مختلف المجالات الا ان مشكلة صراعها مع أرمينيا حول اقليم ناغورني قارباغ ما زال قائما ، فكما هو معلوم إن منطقة قارباغ إحدى المناطق الأذربيجانية التي قام الحزب الشيوعي السوفياتي بمحاولات عديدة لفصلها وضمها إلى جمهورية أرمينيا نتيجة الضغط الأرمني على زعماء السوفييت الذين كانو مواليين لهم في داخل الاتحاد السوفياتي وخارجه، ونتيجة للسياسة العدوانية للقيادة السوفياتية السابقة ضد أذربيجان فقد بدأ الأرمن بطرد الأذربيجانيين من أراضيهم الأصلية وقامت القوات الأرمنية بمساعدة قوى خارجية باحتلال 20% من الأراضي الأذربيجانية نتيجة للحرب التي شنتها على أذربيجان ، ويبلغ عدد اللاجئين من الأراضي الأذربيجانية المحتلة أكثر من مليون شخص مشردين داخل وخارج أذربيجان وفي هذا المقام نود القول بأن جمهورية أذربيجان تعمل جاهدة على حل الصراع الأرميني الأذربيجاني بالطرق السلمية ولا تألوا جهدا في اتباع كافة القنوات الدبلوماسية لايجاد حل لهذه اللأزمة والحصول على دعم المجتمع الدولي لحل قضيتها العادلة ، وقد أكد فخامة الرئيس الهام علييف على حرص جمهورية أذربيجان لتسوية النزاع القائم في إقليم ناغورنو قارباغ بالسبل السلمية وفي ضوء قرارات الأمم المتحدة ، ولا بد من القول هنا بأن جمهورية أذربيجان تهتم اهتماما عاليا لتوفير الحياة الطبيعية في المنطقة، وتطويرها اقتصاديا وهذا لا يمكن اتمامه الا بتوقف النزاع بصورة عادلة وثابتة ، في ظل الموافقة العادلة والشاملة بين الطرفين بالطرق السلمية من اجل تحقيق السلام وبموافقة كلا الطرفين على الشروط المنصوص عليها وهي تحرير الاراضي الاذربيجانية وعودة المشردين إلى ديارهم وفتح الطرق المغلقة .
وإنتهازا لهذه الفرصة، لا بد الذكر هنا أن الشعب الأذربيجاني والحكومة الأذربيجانية يقدر عاليا رسوخ الموقف العادل للمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة من النزاع في ظل قيادة جلالة الملك عبدالله إبن الحسين الذي يجمع جلالته مع فخامة الرئيس/ إلهام علييف علاقات الأحوة الممتدة. كما ينبغي الإشارة إلى أن موقع الأردن جغرافيا وثقافيا يشكل قلب العالم العربي النابض حيث لعب دورا كبيرا وتفاعل مع مختلف القضايا العربية والأحداث في المنطقة، ولا شك أن الأردن بقيادته الهاشمية الحكيمة له تأثير كبير على السياسة الإقليمية والدولية وذلك على أعتبار أهمية الأردن كدولة حديثة وفاعلة في منطقة الشرق الأوسط ممثلة بجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ودوره التاريخي في العالم العربي والإسلامي، فالأردن يعتبر نموذج السياسة المتوازنة المبنية على الثوابت الوطنية المكرســــة لخدمة القضايا العربية والإسلامية، حيث يضطلع الأردن بالدور الأكبر في حمل هم الأمة العربية والإسلامية، كذلك يجب على الإشادة بدور المملكة في الدعم المستمر والمتواصل لحل القضية الفلسطينية ولو في ظروف الوباء العالمي.
من المعروف بشكل جيد أن أذربيجان بلد يمتلك أرث ثقافي وحضاري متنوع عريق وقد شكل هذا الأرث أساسا راسخا لبناء دولة حديثة تمتلك كل مقومات التطور والتقدم بحيث أصبحت نموذجا يحتذى به على نطاق عالمي من حيث التعايش والتكامل بين مختلف الثقافات والقوميات التي شكلت في النهاية نسيج اجتماعي واحد داخل المجتمع الأذربيجاني، وقد شهدت أذربيجان طفرة ثقافية علمية كبيرة على مر العصور ابتداءً من نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
وتلعب لعب مؤسسة حيدر علييف برئاسة السيدة/ مهربان علييفا، النائب الأول لرئيس جمهورية أذربيجان دورا متقدما في الطفرة المذكورة وفي خدمة المجتمع الأذربيجاني وترويج الحقائق الأذربيجانية في الخارج. وتأتي هذه المؤسسة في طليعة المشاريع الإنسانية والتعليمية والصحية وسواها سواء داخل وخارج الدولة. وأكسبت هذه الدبلوماسية الإنسانية هي الأخرى سمعة متميزة لجمهورية أذربيجان إقليميا ودوليا.