عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
على الذين زايدوا على الرئيس عباس ان يكفروا عن مزايداتهم بالوقوف الصادق والصلب معه، فقد صبر الرئيس كثيراً و تحمل كثيراً في سبيل ان يجنب شعبه وقضيته كثيرا من المنازعات، وأعطى كل ما يملك من وقت وجهد الى ان استنفذ كل شيء حتى لا يكون ملوما..
واليوم وهو قد ألغى كل اتفاق مع الاحتلال وسحب كل شرعية او وسيلة يمكن ان يتذرع او ينفذ منها الاحتلال، فإنه بذلك أعاد وضع كثير من النقاط على الحروف لمن يريد أن يقرأِ…
هذه إذن لحظة الحقيقة.. أدركها الرئيس وامسك بها امساك الجمر، وهي حقيقة مقلقة وخطيرة اذ أن إسرائيل لا يمكن ان تترك لقائد الشعب الفلسطيني أن يمضي في الرد على خطواتها الاحتلالية المتمثلة بضم الأراضي الفلسطينية و ان تفوز باحتلالها كله بعد أن اصبح غير مكلف…
وظل السؤال قائماً،كيف يمكن ان يصبح الاحتلال مكلفا لدرجة ان تتخلى إسرائيل عنه؟ وهذا امر معروف في التاريخ والفلسطينيون باتخاذه لن يخترعوا العجلة بل إنهم كانوا دائما عبر نضالهم المستمر منذ أكثر من قرن قد امنوا به واعتنقوه حتى قبل تلك الشعوب التي اتخذته وفازت بالحرية كما جنوب افريقيا وغيرها…
يعلم ابو مازن بحكم وطنيته العميقة وثقافته الأكاديمية والعامة وخبرته في النضال والقيادة ان اسرائيل تعبر عن الحركة الصهيونية ومخططاتها التوسعية التي لم تتوقف منذ مطلع القرن، ومنذ وعد بلفور الانجليزي -الامريكي كما قال ابو مازن ..
و اسرائيل التوسعية في حلقاتها الأخيرة الآن وبعد هذا الائتلاف الجهنمي الذي عقدته وكانت فيه كالافعى التي تترك جلدها القديم في يد من يريد امساكها لتعبر بجلد جديد.. انما ارادت ان تجدد لهذا النازي نتنياهو وتحميه بدعم من الصهيوني ترامب الذي صعد باصوات الصهاينة اليهود وغير اليهود ممن امتدوا ليصلوا الى صهاينة العرب الذين تماهو في خطته وفي صفقه القرن، وراحوا يطبعون ويدخلون البيوت من غير ابوابها، ويعلنون عن مساعدات من المستلزمات الصحية للفلسطينيين ليس حبا في حياة الفلسطينيين وسلامتهم، ولكن اتخاذ وضعهم وسيلة للتطبيع مع اسرائيل فالطائرة العربية التي حملت مساعدات من المستلزمات الطبية عبر مطار بن غوريون رفض الفلسطينيون استلام حمولتها لانها كانت تقوم بتمرين تطبيعي لتدشن خطا شيطانيا بين عاصمتها وتل ابيب..
لم يعد الفلسطينيون يحتملون الاتجار بقضيتهم التي جرى الاتجار بها طويلا، ولا إلى استعمالها قميص عثمان وسيلة للتخريب والتدبير فقد اصبحت المسائل مكشوفة، فمن اراد ان يصل إلى الفلسطينيين او يساعدهم فعنوانهم معروف وهو سلطتهم الشرعية ومنظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها في رام الله، و غير ذلك فهو عنوان للاحتلال وتكريس الاحتلال حتى وان هتف المطبعون باسم فلسطين او قرأوا عليها ايات قرآنية…
الرئيس عباس شجاع لا يعرف الخوف على شخصه، وكل خوفه كان ولم يزل على شعبه وقضية شعبه، وقد تحمل كثيرا من المزايدات من الصف الفلسطيني من اولئك الذين أدمنوا المزايدة دون ان يقدموا للقضية غير ذلك، وظلوا دائما يحرضون العدو على مزيد من الانتقام دون ان نرى صواريخهم تنطلق ..
فالذين لا يريدون عباس عليهم ان يشتبكوا من فوق رأسه الان إن كانوا صادقين، وعليهم ان يفرغوا في رأس الاحتلال كل ما في جعبتهم ، فقد اسقط الرجل كل اشكال التنسيق ومنع العمل بأشكاله المتعددة…
إسرائيل الآن تحرض على الرئيس عباس وستستعمل احتياطها العميل حتى من الفلسطينيين لينالوا منه بعمليات تصيب سلطته، لتظهر له انها كانت تحمي السلطة ،وان ما كان يقوم به من تنسيق هو لحماية السلطة وليس لحمايتها، فهل اعد الرئيس ابو مازن نفسه لهذا اليوم سيما وانه أجل اتخاذ هذا القرار الشجاع لمرات عديدة…
هل تراهن إسرائيل على جهاز الرئيس نفسه لتقوم بانقلابها عليه من خلاله وافشال مخططه الوطني في وقف التنسيق….
الرهان الان هو على رجال الرئيس عباس ومن هم حوله، وخاصة اولئك الذين اوكل لهم القيام بإنفاذ توجهات القيادة الفلسطينية الشرعية و هي توجهات كل الشعب الفلسطيني، فالقائد الفلسطيني ظل دائما يحظى بتأييد شعبه حتى كان يأخذ شعبه الى الكفاح والنضال باتجاه الحرية والخلاص، ولذا فإن الفلسطينيين يزغردون للشهيد ويلعنون الصامت والمزايد والجبان والباحث عن الاستكانة في زمن الاشتباك والصراع ..
لم يدخر الرئيس ابو مازن- اطال الله في عمره- اي وسيلة من الوسائل لانقاذ شعبه وحقوق شعبه في الحرية والاستقلال، فكانت انتصاراته في المحافل الدولية بوصع فلسطين عن الخارطة باتجاه الاعتراف بها دولة مستقلة من كل العالم وقد نجح الى حد كبير، وما زال يواصل، والعميان فقط والمزايدون هم الذين لم يروا ذلك، وها هو في لحظة الشجاعة التي يقفها الان يدق كل ابواب المنظمات والهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة وغيرها ليسجل فلسطين المظلومة حتى تنتصر من اعدائها دون وجل، وهو بذلك يتجاوز الخطوط الأمريكية الحمراء ويفتح الممنوع ويواصل رحلة الكفاح باتجاه المجتمع الدولي الذي شهد تحولات لصالح القضية الفلسطينية، ما زالت تزيد وها نحن نسمع اصواتا دولية تقف في وجه الضم، والسياسات الإسرائيلية ما كان لها ان تكون لولا ما انجزته القيادة الفلسطينية الباسلة من كفاح…
اليوم وقد اوصل الاحتلال النازي الإسرائيلي خيارات الشعب الفلسطيني الى الجدار وهو يدفع بها لتنفجر بأي موقف الرئيس ابو مازن استجابة لإرادة شعبه وقواه الوطنية والقومية الحية، ويتخذ قرار الغاء كل ما يجعل العلاقة مع اسرائيل وربيتها إدارة ترامب الذي وصفته رئيسة مجلس النواب الامريكي بأنه “مثل براز الكلب على حذاء الطفل”
خطوة الرئيس ابو مازن هي البداية وهي تؤذن بمرحلة جديدة خطرة من كفاح الشعب الفلسطيني وصموده واشتباكه فماذا سيكون… ما هي السيناريوات القائمة منها وما ردود الفعل عليها… وكيف سيكون الموقف الفلسطيني بعيدا عن المزايدين الذين أدمنوا الحرد قبل ان يعربوا الجملة العباسية، وخرجوا من الاجتماع بطريقة “ولا تقربوا الصلاة” فهم مزايدون في كل الاوضاع…
قاتل ابو مازن او استسلم لا سمح الله.. ويبقى السؤال أيضا ..هل تستطيع السلطة بأجهزتها وهي تعيش هذا الاختبار القاسي والصلب ان تنهض بما طلبه الرئيس؟ وهل هذا الامر قابل للتطبيق وهل هناك من يدفع بهذا الإتجاه؟ وهل يستطيع حكومة الدكتور محمد اشتية الذي يثق بها الفلسطينيون ويركن لها الرئيس عباس ان تسجل انتصار التعبير عن إرادة الشعب الفلسطيني بانفاذ خطة الرئيس وهي خطة القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني..
حان الوقت ان يعبر الشعب الفلسطيني كله عن ارادته وهو الذي عبر عن ارادته في انتفاضته الأولى حين توفرت الإرادة فلم يعدم الوسيلة حتى اختار الحجر.
واليوم كتب عليكم القتال.. او الكفاح والصمود القاسي وربما على كره ولكن الحرية لها مهر والتحرير له مهر والقدس لها مهر والمرابطة لها مهر، وعليكم ان لا تحزنوا، انكم وحدكم في الامة ستأتي بعد صبركم وكفاحكم وستلحق بكم بعد ان تزيح المعطلين والخونة والمطبعين مجانا ليبقوا. والامة التي تحملون برج حمامها في وجه الثعلب الصهيوني وتحافظون على ما تبقى من فراخه ستأتي ولا تنتظر الى يوم القيامة..
كونوا ايها الشعب العظيم واثقين انه لن يضيركم من خذلكم من العرب ممن حسبوا من امتكم، فانتم كنتم ومازلتم مرابطين وشعب يمتلك كل هذه القوائم من الشهداء والاسرى والجرحى والاحرار والابطال لن يهزم وستعلم اسرائيل بخطط النازي الصهيوني الفاسد نتنياهو انها انما تطلق النار على نفسها وانها تفتح القمقم ليخرج المارد الفلسطيني منه يدافع عن نفسه وشعبه وحتى امته..
هذه اسرائيل اليوم اخذتها عزه الدعم والتأييد من اداره ترامب التي تخطف الشعب الامريكي بالإثم، و ستجد انها لن تستطيع ان تضع اقدام احتلالها بعد يوم الضم الاسود دون ثمن باهظ وانها ستطأ الجمر وستدفع ثمن احتلالها الذي ستتركه بغير خيارها وسيصلب شعبنا جسد سلطته وسيقويها ويقف معها، ولا يضير الرئيس ابو مازن الذي خبر اهوال الشعب الفلسطيني التهديد او الحصار فقد مضى الرئيس عرفات على نفس الطريق وانا من الذين يعتقدون ان الرئيس عباس أكثر صلابة للذين لا يعرفون وأن الذين يريدون ان يعرفوا عليهم مراجعة مواقفه في محاضر كامب ديفيد حين جرت المساومة على القدس …
يا طويل العمر يا ابا مازن حان الوقت لتعبر عن نفسك بكل صدق وشفافية شأنك دائما وان تستعمل اللغة التي تبدع في استخدامها، حين تطلق إرادة شعبك ليرد على العدوان وانت الاعلم بمصالحه فقد كنت ومازلت حتى وانت تعزل اسرائيل وإدارة ترامب تسعى من اجل سلام يعيد للفلسطينيين حريتهم وكرامتهم..
أبو مازن يُعري الاحتلال ويسقط التنسيق
8
المقالة السابقة