عروبة الإخباري – كتب سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة الأردنية الهاشمية راسم شمس الدين رضاييف مقالا بمناسبة الذكرى (97) لمولد القائد والزعيم الوطني باني النهضة ومؤسس الدولة الحديثة الرئيس حيدر علييف وتاليا نصه:
حيدر علييف – صانع نهضة أذربيجان
تحي جمهورية أذربيجان الذكرى السابعة والتسعون لمولد القائد والزعيم الوطني باني النهضة ومؤسس الدولة الحديثة –
الرئيس حيدر علييف – من اشهر أقواله “انا فخور بكوني اذربيجانيا “
ولد حيدر علي رضا اوغلو علييف في 10 مايو عام 1923 في مدينة ناختشيفان العريقة التي تعد المدينة الحاضنة لقادة عظماء وأدباء ومفكري ومعماري أذربيجان الذين اثرو التاريخ الاذربيجاني بالعلم والمعرفة والحضارة.
وتخرج الزعيم الوطني حيدر علييف من دار المعلمين الابتدائية وعندما بلغ السادسة عشره من عمره قدم الى باكو والتحق بمعهد الصناعة الاذربيجاني ليصبح معماريا وبعد ذلك التحق بأكاديمية النفط الحكومية الأذربيجانية ، تخرج حيدر علييف من كلية التاريخ الى جانب حصوله على شهادة التخصص في مجال عمله في جهاز امن الدولة الأذربيجانية ، وتعين نائبا لرئيس لجنة امن الدولة لدى رئاسة الوزراء برتبة لواء ، في يوليو 1969 تم انتخابه سكرتيرا اول للجنة المركزية للحزب الشيوعي الاذربيجاني واصبح قائدا لجمهورية أذربيجان بموجب القوانين المتبعة في ظل الحكم السوفياتي واستمر في قيادة الجمهورية حتى عام 1982.
انتخب عضوا للمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي كما شغل منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء للاتحاد السوفياتي وشكل ذلك نقلة نوعيه في تدرجه السياسي وأصبح الزعيم الوطني على مدى 20 عاما نائبا لمجلس السوفييت الأعلى لاتحاد الجمهوريات السوفياتية.
وبعد احداث دامية أدت الى مقتل عشرات الأبرياء في مدينة باكو عام 1990 على ايدى القوات السوفياتية قام حيدر علييف بإدلاء بيان ادان فيه العملية الوحشية التي حصلت في باكو وطالب بمعاقبة المعتدين وحينها غادر الحزب الشيوعي احتجاجا على سياسة القيادة السوفياتية ، وعاد الى أذربيجان وثم تم انتخابه رئيسا للمجلس الأعلى لجمهورية ناختشفان ذات الحكم الذاتي لتابعة لجمهورية أذربيجان ، والتي كانت آنذاك معزولة عن الدول المجاورة ومعرضة لمحاولات الاحتلال من قبل جارتها أرمينيا فقام حيدر علييف بفتح الحدود بين أذربيجان والجارتين تركيا وايران وتمثل حينذاك الشعور الوطني وادى الى الانتعاش الاقتصادي للبلاد وتوفير العديد من فرص العمل لاهل ناختشيفان . في حين ان مدينة باكو العاصمة كان الاحداث فيها تتداعى للأسواء مما دفع بسكان باكو للاستغاثة والاستعانة بالزعيم لتخليصهم من مما يحيطهم من اخطار تنذر بالتفكك والانهيار. وفي عام 1993 اختار الشعب الاذربيجاني الرئيس حيدر علييف رئيسا للمجلس الأعلى البرلمان وبدا بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية. وتم إعادة انتخابه لرئاسة ثانية عام 1998 حتى رحيله عام 2003.
تمكن من استعادة بعض الأراضي المحتلة ولكنه نظرا للظروف الاقتصادية والسياسية لم يتمكن من تحرير بقية الأراضي وقام بتوقيع اتفاقية هدنه ، وبعد العمل الدؤوب والجهد الشاق الذي قام به الرئيس بهدف بناء الجيش الوطني والدولة الحديثة ، وقد نجح في بناء أذربيجان الجديدة -واعلنها قائلا (ان استقلال أذربيجان خالد ولا رجعة فيه ) .
لقد كان حيدر علييف دوما على ثقة بان الاستثمار الحقيقي يكمن في فئة الشباب فهم طاقة البلاد وثروتها الحقيقة وهم بناة المستقبل فأولاهم جل اهتمامه وانشا المعاهد والجامعات عام 1982 وقد أصبحوا علماء وأطباء وأساتذة وقد عمروا بلادهم وها هي أذربيجان اليوم بلاد تمتزج حضارتها بالأصالة والرقي.
في عام 1994 ابرم حيدر علييف عقد القرن مع الشركات الدولية التي تقوم بتنقيب واستخراج ونقل البترول والغاز الطبيعي الاذربيجاني من بحر قزوين الى الدول الأوروبية عبر خط انابيب النفط باكو ، تيبلسي ، جيهان وخط انابيب الغاز الطبيعي باكو – تيبلسي –ارضروم وقد أدى ذلك الى تدفق الاستثمارات الهائلة في الاقتصاد القومي الامر الذي انعش البلاد وعمل على بناء مؤسسات الدولة من خلال الإصلاحات التي تمت على مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية وانعكست إيجابيا على حياة المواطنين ورفع مستواها.
انضمت أذربيجان الى المنظمات الدولية المرموقة واعقب ذلك افتتاح البعثات الدبلوماسية في
الخارج ، ولقد عكف القائد العظيم حيدر علييف على إقامة العلاقات القوية مع دول العالم بما فيها دول العالم الإسلامي على أساس الاحترام المتبادل لسيادة الدول ووحدة أراضيها ، واعتبار ان أذربيجان جزء لا يتجزء من العالم الإسلامي التي تشاركه الإرث الثقافي والروابط الدينية ، كما وجرت تحولات جذرية على صعيد العلاقات الخارجية فقد استطاعت أذربيجان وخلال فترة قصيرة من بناء نظام ديمقراطي قائم على التعددية السياسية ، وتطبيق مبادئ اقتصاد السوق الحر على نظامها الاقتصادي كما واقر الدستور في عام 1995 عن طريق الاستفتاء العام كما وأجريت انتخابات برلمانية ديمقراطية.
لقد اقام الرئيس حيدر علييف علاقات صداقة وثيقة وتعاون متبادل مع المملكة الأردنية الهاشمية بدات منذ اللقاء الذي جمع بينه وبين جلالة الملك المغفور له الملك الحسين رحمهما الله على هامش القمة الإسلامية بالدار البيضاء في ديسمبر 1994، و قد كانت الأردن من أوائل الدول العربية التي اعترفت باستقلال أذربيجان اثر سقوط الاتحاد السوفياتي واستمرت تلك العلاقات وهي الان تشهد تطورا متناميا بين البلدين الشقيقين لا سيما مع وجود علاقة اخوة وصداقة مميزة بين جلالة الملك عبدالله الثاني وفخامة الرئيس الهام علييف نجل الزعيم الوطني .
من الجدير بالذكر فانه يوجد شارع في مدينة عمان العاصمة الأردنية تم تسميته باسم الرئيس المغفور له حيدر علييف وتم إنشاء فيه ميدان حيدر علييف في منطقة بدر الجديدة ، كما تم اطلاق اسم المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال على شارع في جمهورية أذربيجان ، لقد قامت جمعية الصداقة الأردنية الأذربيجانية من نقل كتاب تم تاليفه منذ الثمانينات وقد تم ترجمته الى اللغة العربية ويتناول الكتاب مراحل حياة الزعيم الوطني وانجازاته.
لقد قام حيدر علييف بأهم منجز حضاري تمثل بالتعريف بتاريخ شعب أذربيجان الممتد عبر
الاف السنين كما وقد تمكن من ابعاد شبح الحرب الاهلية عن الشعب الاذربيجاني نتيجة الظروف الاقتصادية والسياسية التي كانت تعيشها البلاد ، كما وقد أعاد توحيد أذربيجان وتحقيق التضامن بين أبناء الشعب الاذربيجاني ، وتتصدر حاليا أذربيجان منطقة جنوب القوقاز من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وتحظى بثقة المجتمع الدولي.
أذربيجان الان ، واستنادا الى رؤية حيدر علييف الثاقبة فانها تتطور بشكل ملموس و بديناميكية متناغمة تحت قيادة فخامة الرئيس العام علييف وتشهد عليها معدلات النمو الاقتصادي الغير مسبوقة، والإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية والسياسية الخارجية النشطة لفخامة الرئيس والتي جعلت من أذربيجان شريكا قويا موثوقا به في العلاقات الدولية ، فهي تلعب دورا محوريا في كافة القضايا والمشاريع الإقليمية ذات الأهمية العالمية مثل خط انابيب الغاز TAP وممر النقل بين الشمال والجنوب وطريق الحرير العظيم ، وتعد جسرا بين الشرق والغرب ، ولا ننسى دور مؤسسة حيدر علييف التي تتراسها السيدة الأولى مهريبان علييفا سفيرة النوايا الحسنة لدى اليونسكو حيث تسهم هذه المؤسسة في تنفيذ المشاريع الإنسانية والثقافية والتعليمية .
لقد دخلت أذربيجان مرحلة جديدة من تاريخها المعاصر واصطبحت دولة فاعلة في المجتمع الدولي ولفتت انظار العالم اليها (في منطقة القوقاز المطلة على بحر قزوين)، وشهدت تطورا اقتصاديا معترفا بها عالميا ، وعلى مدى 29 عاما مضت فقد كرست أذربيجان مفهوم التعدد الثقافي ومبدا التسامح بين الأديان مما اكسبها سمعه مميزة عالميا والاستقرار ،مستفيدة من الثروات الطبيعية التي تملكها ابتداء من الكوادر الاكفاء وصولا الى النفط والغاز والمعادن ….
وعلى صعيد علاقتها مع المملكة الأردنية الهاشمية فهي حاليا تمر في مراحل متقدمة ومتطورة حيث أن الزيارة الأخيرة لجلالة الملك عبدالله الثاني الى أذربيجان في ديسمبر 2019، قد شكلت مرحلة جديدة واهمية كبيرة على مسار تحريك مسيرة التعاون بين البلدين وعلى مختلف الأصعدة ، فقد تم خلالها اجراء مباحثات بخصوص تسيير خط جوي بين باكو وعمان وقد تم انجاز معظم الإجراءات المتعلقة بهذا الشأن وانه من المتوقع البدء في تسيير هذا الخط مطلع شهر يونيو للعام الجاري وسيتم تشغيل رحلتين أسبوعيا بين البلدين وسوف يسهم ذلك على توسيع وتطوير مجالات التعاون وتشجيع السياحة بين البلدين وسوف يعزز ذلك وينهض مجالات تعاون أخرى بين البلدين، كما وقد الاتفاق على إقامة معارض صناعية والسعي لتنشيط التجارة وتحريك موجات الاستثمار بين البلدين.
كما وقد تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال تبادل الاعتراف بشهادات الاهلية البحرية للملاحين العاملين في البحر بين الهيئة البحرية الأردنية ووزارة النقل والاتصالات والتكنولوجيا بالمملكة الأردنية. ومذكرة تفاهم أخرى بين وزارتي الثقافة للتعاون في المجال الثقافي.كما وانه من الجدير بالذكر فإنه سوف يعقد الاجتماع الرابع للجنة الحكومية المشتركة بين البلد في باكو وسوف ينظم اجتماع منتدى الاعمال على هامش الزيارة المتوقعة لفخامة الرئيس الهام علييف الى المملكة الأردنية الهاشمية، وهناك مشروع اعداد برنامج تنفيذي في مجال التعاون بين وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التعليم في جمهورية أذربيجان للاعوام 2020-2021 ، ويبحث الجانبان إمكانية رفع عدد المنح الدراسية لطلاب البلدين.
كان طموح الرئيس الراحل لا حدود له في نطاق توجهه الدائم نحو تطوير بلده وقد كانت له مخططاته المستقبلية واسعه ولكن حالته الصحية حالت دون ذلك ، وقد توفي الرئيس حيدر علييف في عام 2003 عن عمر يناهز 80 عاما وبرحيله فقد الشعب الاذربيجاني الاب والقائد وواجه حقيقة مريرة وفترة حزينة
لقد عمل رحمه الله على تعزيز سيادة واستقلال أذربيجان بايمانه وثقته الدائمة بأن الحصول على الاستقلال اسهل من الحفاظ عليه وقد جاد بكل ما يملكه من خبره وتجربه في غضون تقلده المناصب العليا في الدولة من اجل وطنه وشعبه الذي يطلق عليه اسم (الأب ).
لن ينسى شعب أذربيجان بطلهم وزعيمهم الوطني رحمه الله ، وسيواصلون مسيرة النماء والتقدم مع رئيسهم الحالي حفظه الله لمواصله مسيرة العطاء والبناء والنهضة.
سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة الأردنية الهاشمية راسم شمس الدين رضاييف