نداء غوتيريش ….بحاجة إلى أسنان. …؟ ؟
د فوزي علي السمهوري
تحديات مواجهة فيروس كورونا الذي أدى تفشيه إلى زرع الرعب والقلق لدى دول وسكان الكرة الأرضية دون تفريق بين شعوب وقيادات أو بين فقير وغني أو بين قوي وضعيف مما حدى بأمين عام الأمم المتحدة السيد غوتيريش لإطلاق دعوته أو نداءه لكافة الدول والأطراف المشاركة في الصراعات المسلحة حول العالم إلى وقف إطلاق النار والتفرغ لمواجهة العدو المشترك المتمثل في فيروس كورونا .
توقيت وظروف النداء :
تكمن أهمية النداء في مضمونه الإنساني من بعد نظري ذلك المضمون الذي تداعى امام اول اختبار للمفاضلة بين صحة وحياة الإنسان وبين المال والثروة وخاصة في دول ديمقراطية الإطار والشكل بينما تبين انها اسيرة لديكتاتورية المال التي دفع قياداتها ” في المراحل الأولى ” للتخلي عن حق المواطن في الحياة والتمتع بالصحة لصالح قوى الرأسمال .
فمن حيث التوقيت يأتي :
▪ في خضم فقدان الثقة الشعبية على امتداد العالم بدور منظمة الأمم المتحدة في إمكانية تحقيق اهدافها بترسيخ الأمن والسلم الدوليين وإعلاء قيم الحق والعدالة وحقوق الإنسان وسيادة القانون الدولي والقانون الإنساني دون إزدواجية نتيجة لاسئثار الدول دائمة العضوية الخمس بمجلس الأمن بمفاصل القرار والتمتع بحق النقض ” الفيتو ” وبالتالي الحيلولة دون تنفيذ أي قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ولنا في القضية الفلسطينية والفيتو الامريكي خير مثال و نموذج على ذلك .
▪ سعي إدارة الرئيس ترامب بإنتزاع شرعية على سياستها ونهجها بفرض القبول بنتائج القوة العسكرية وما تفرضه من أمر واقع دون الأخذ بعين الاعتبار سيادة الدول وحق الشعوب بالنضال من أجل الحرية والاستقلال وتقرير المصير وما المشروع المؤامرة لإدارة ترامب المسمى صفقة القرن إلا عنوان بالغ الوضوح .
▪تفشي الحروب والنزاعات المسلحة بالاصالة او الوكالة وبتعمق الخلافات بين الدول والتي قد تقود إليها على نطاق واسع .
أما من حيث الظرف فبالتأكيد يتمثل في تفشي فيروس الكورونا وما نجم عنه وفيات عشرات الالاف وإصابة ما يقارب المليونين من الناس في الدول المتقدمة والنامية نتيجة لغياب الرؤية والارادة بسمو حياة الإنسان وصحته على ما عداها .
صدى الدعوة :
لاقت دعوة غوتيريش أصداء متباينة عكست :
• صدى إيجابيا لدى العديد من الدول والشعوب التي تعاني من ويلات القتال والصراع وما رسالة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى امين عام الامم المتحدة بدعم نداءه إلى العالم إلا نموذج للتفاعل الإيجابي وما الموقف الإستراتيجي لجلالة الملك عبدالله الثاني الداعم للنداء إلا نموذج يحتذى .
• كما لاقت من جانب آخر الإهمال وعدم الأهتمام واللامبالاة وهنا أخص دولة الإحتلال الإسرائيلي التي تمعن في إنتهاك ميثاق الامم المتحدة وترفض تنفيذ قراراتها على مدار سبعة عقود ونيف كما لم تتوقف عن الإستمرار بشن حروبها وإرتكاب جرائمها المصنفة دوليا كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح القوي بإيمانه بعدالة قضيته وبممارسة حقه المكفول دوليا بالنضال حتى دحر الاحتلال ونيل الإستقلال والعيش في دولته المستقلة التي تكفل له الحرية والعدالة والكرامة وحقوق الإنسان .
مصير النداء :
بعد طرح غوتيريش لنداءه بوقف الصراعات المسلحة يبقى تساؤل قديم متجدد فحواه ما اهمية طرح أي مشروع أو نداء أو مبادرة أو دعوة لتنفيذ قرارات دولية طالما أن لا أسنان لها ؟ وطالما ان لا مساءلة وعقابا للدولة العدوانية المارقة والمتمردة والرافضة لاحترام نظام الأمم المتحدة وللقرارات الصادرة عن مؤسساتها وما موقف ” اسرائيل ” من فلسطين وطنا وشعبا إلا مثال لذلك ؟ وطالما أن القوة والقرار محصور بإيد الدول الخمس دائمة العضوية تتخذه وفقا لمدى استجابته لمصالحها ونفوذها ؟
بالرغم مما تقدم يبقى نداء غوتيريش يكتسب أهمية ودلالة خاصة يتطلب معها ضرورة توفر إرادة سياسية جادة لتحويل ما يصيب العالم إنسانيا من جائحة كورونا إلى فرصة لرفع الظلم والاضطهاد وتصفية الإستعمار أنما وجد وما الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين ورفضه إنهاء إحتلاله تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة وما ينجم عنها من حرمان شعبها من بسط سيادته على أرضه المحتلة وممارسة حقه بتقرير المصير إلا العنوان الرئيس.
ما تقدم يستدعي من الأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام المبادرة إلى الدعوة لعقد إجتماع دولي عاجل يهدف إلى وضع جدول زمني قصير المدى يرغم دولة الإحتلال الإنصياع للتقيد والالتزام بميثاق الامم المتحدة الذي يحظر إحتلال اراض الغير بالقوة وإرغامها على تنفيذ القرارات الدولية بدءا بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967 تحت طائلة فرض العقوبات وفقا للبند السابع دون إزدواجية. …..؟
أما زرع الأسنان لمنح المبادرات القوة التفيذية يكمن بإجراء تعديلات على نظام وميثاق الأمم المتحدة الذي صيغ لخدمة مصالح ونفوذ الدول الخمس الكبرى فرديا وجماعيا والعمل على إعادة الاعتبار لقرارات الجمعية العامة ومنحها فقط سلطة وقوة تنفيذ القرارات ….؟ !