عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
طوال الفترة الماضية منذ إعلان قوانين الطوارئ لم يغلق هاتفه ولو لخمس دقائق، وهذه ليست شهادتي وإنما شاهدة من تحدثت معهم قبل أن أكتب وهم كثر، فهمّة الرجل تتطابق مع إرادته إذ أن الأزمة القائمة مكنته من أن يُعبر عن نفسه التواقة للخدمة المستجيبة للنداءات الملكية في مضمون خطابات الملك وإطلالته على شعبه..
كان تحركه كمحافظ سريعا حين نمى إلى سمعه ما جرى في “مخيم النصر” فيما يتعلق بإصابات الكورونا، وكانت قراراته بالسرعة المطلوبة لجهة التحقق، وما زلت أطمع أن أضعه في قضية أخرى تتعلق بتصرفات أصحاب محال تجارية، لكن انشغال الرجل بأمور أهم جعلني أأجل شكايتي التي تستحق أن تقدم.
دكتور سعد شهاب وله من إسمه نصيب يلمع إسمه في المهمات، فقد عرفته قبل أكثر من 20 سنة، حين كانت الداخلية توكل له هندسة الانتخابات النيابية، فيخرج وقد بيض وجه الوطن، وكل من أناط به المسؤولية..
وأذكر أنني زرته في غرفة العمليات آنذاك.. وكانت جدرانها مغطاة بالبرامج والخرائط، وجلست لاستمع إليه.. وكان ما زال لم يتناول غذاءه حتى الساعة الرابعة، واذا بشرطي يدخل إليه وقد حمل له ساندويش ووضعه أمامه وانصرف، نظر إلي ودعاني لمشاركته، فابتسمت وقلت: “صحتين”، ومضى يتكلم.. كان الدكتور عبد السلام المجالي رئيسا للوزراء وكان وزير الداخلية رجل صعب أمام أى محاولات للتزوير، كان سعد شهاب المسؤول عن هذه المهمة قبل أن تعرف الهيئة المستقلة للانتخابات..
في الخارج كان صحفيون أجانب ينتظرون أن يدخلوا، ويسألوا عن مناخ الانتخابات و عن الإعداد لساعة الصفر التي ستعلن بعد يوم للبدء في فتح الصناديق للاقتراع..
لا أريد أن أستمر في تذكر تلك الأيام.. ولكنني وقد رأيت أمس الأول توقيعه على الطلب بإغلاق محلات بسبب الاصابات في مخيم النصر، تذكرت همته التي لم تفتر وعزيمته التي جعلت منه محافظا لعاصمة الملك عبد الله الثاني .. والذي أكد اعتزازه بشعبه أمس الأول واعتزاز شعبه به، حين يترجم مثل ذلك في أداء المسؤولين في الداخلية من أمثال المحافظ سعد الذي ما زال عطاؤه مستمر وبنفس الزخم.
نفسية الدكتور سعد مثال للتواضع، ولديه قدرة هائلة على السمع، و لا يمارس المشيخة في المكتب رغم أنها صفه لازمة له بالوراثة، وإنما يبقيها خارج الوظيفة ليستمع لذوي الحاجات من الناس الذين يقصدون المحافظة، و قد حملوا معهم مشاكلهم وهمومهم واستغاثهم..
كنت دائما معجب بمعالجته للقضايا وفهمها خارج النص ومع النص، والسعي بين المتخاصمين.. فالمحافظة عنده جهاز فلترة للقضايا والمشاكل..
ومع تعاظم الدور وحساسية المواقف وتوتر الشارع وتداخل المشاكل والحرص على الأرواح، وكبح جماح النزوات الخارجة عن قوانين خاصة، فإن الملايين الخمسة في العاصمة تعرف كيف يعمل الدكتور سعد شهاب، ليس من خلال معرفته الشخصية، وإنما من خلال انعكاس عمله على سكان المدينة بكل أحيائها المترامية..
كنت في واحدة من المرات قد ذكرت الدكتور سعد الشهاب أمام وزير الداخليه الحالي – حين كان وزيرا للداخلية من قبل- وحين لفظت أسم الدكتور شهاب قال الوزير: “إياك أن تبدي أي ملاحظة سلبية.. فأنا أعرفه وأثق به” قلت: “لا” وصمت، فاتصل الوزير به وقال: عندي فلان وصمت.. وبالفعل عدت أدرك أن المسؤول لا يحمى إلا اذا كان عمله واضحا، وأن عمله هو أوراق اعتماده ووسيلة الدفاع عن انجازه وسمعته..
لم أكن أريد امتداح الرجل بمقدار ما كنت أريد أن أقول أنه من القليلين الذين يمكن الركون إليهم تماما في القضايا الهامة والحساسة حيث يجب أن يكون الرجال.
الدكتور سعد شهاب رجال حول الملك!!
27
المقالة السابقة