عروبة الإخباري – كشفت صحيفة نيويورك تايمز في عددها، أمس الأربعاء، أن فيروس كورونا قذف الرعب في العائلة المالكة السعودية بعد أن أُدخل أمير الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود إلى وحدة العناية المركزة؛ جراء الإصابة بـ”كورونا”، فضلًا عن إصابة نحو 150 أميرًا آخر به.
وأشارت الصحيفة في مقال نشرته لـ”ديفيد كيركباتريك” و”بن هوبارد”، إلى أن مستشفى الملك فيصل التخصصي أعلن حالة “التأهب القصوى”، وبدأ العمل على تجهيز قرابة 500 سرير استعدادًا لاستقبال حالات متوقعة من العائلة المالكة الآخرين والمقربين منهم.
وبحسب ما جاء في رسالةٍ قالت الصحيفة إنها حصلتْ على نسخة منها، فإن القائمين على المستشفى الراقي بعثوا، ليلة الثلاثاء الماضي، “رسالة إلكترونية إلى الأطباء الكبار يدعونهم فيها إلى الاستعداد لاستقبال شخصيات مهمة جدًّا (VIP)”، وإلى “ترحيل المرضى المزمنين من المستشفى في أسرع وقت ممكن”، ونقل “أي موظف يُمَرَّض فيه حاليًّا إلى مستشفى آخر أقل درجة؛ لإفساح مكان للعائلة المالكة”.
وذكرت الصحيفة أن الملك السعودي سلمان حَجر على نفسه احترازيًّا في قصر على جزيرة قرب مدينة جدة، بينما اختار ابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -الذي يعد الحاكم الفعلي للبلاد- مع العديد من وزرائه موقعًا بعيدًا على ساحل جدة نفسه.
وفي الوقت الذي لفتت فيه الصحيفة إلى عدم رَدِّ المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن على طلب للتعليق، فإن “نيويورك تايمز” نَسَبت إلى “أطباء وأشخاص مقربين من العائلة المالكة تَرْجيحهم أن كثيرًا من الأمراء الذين يسافرون بشكل روتيني إلى أوروبا قد يكون أحدهم عاد من هناك، وحمل معه الفيروس”.
ونقلت الصحيفة عن “العديد من الأطباء في السعودية، أو الذين تربطهم علاقات بمستشفياتها، تأكيدهم أن أكبر تفشٍّ موجود في أحياء فقيرة واسعة حول مكة والمدينة؛ فهي موطن مئات الآلاف من المسلمين ذي الأصول الإفريقية، أو من جنوب شرق آسيا الذين خالف آباؤهم أو أجدادهم تأشيرات الحج منذ عقود، وبقوا في السعودية”.
وتوضح الصحيفة أن “هؤلاء العمال لم يعودوا قادرين على العودة إلى ديارهم الآن، بعد أن تم حظر السفر الجوي، وأن الكثير منهم لديهم إمكانية وصول محدود للرعاية الصحية”.
ونقلت الصحيفة عن ستيفن هيرتوغ الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد، والذي يُدرِّس في السعودية، قولَه “إن أصحاب العمل مطالبون ظاهريًّا بتوفير تغطية صحية خاصة لعمالهم الأجانب، لكنَّ القواعد نادرًا ما تُطبق!”.
وشددت الصحيفة على أن “أي عامل مقيم بشكل دائم، أو عامل مهاجر بدون تأشيرة دخول سارية هو عرضة لخطر الترحيل؛ مما قد يثنيهم عن التقدم لطلب الرعاية”.
وتاليًا نص المقال كاملًا مترجمًا عن “نيويورك تايمز”
(https://www.nytimes.com/2020/04/08/world/middleeast/coronavirus-saudi-royal-infections.html)
بعنوانه الموسوم بـ: Coronavirus Invades Saudi Inner Sanctum
فيروس كورونا يجتاح الدائرة الضيقة للعائلة المالكة السعودية
صحيفة نيويورك تايمز- بقلمي: ديفيد كيركباتريك وبن هوبارد
دخل الأمير السعودي الكبير الذي يحكم الرياض إلى العناية المركزة؛ بسبب الإصابة بفيروس كورونا. كما أصيب أيضاً العديد من أفراد العائلة المالكة بالفيروس. ويقوم المسؤولون والأطباء في المستشفى الراقي الذي يعالج أفرادًا من عائلة آل سعود بتجهيز ما يقرب من 500 سرير استعدادًا لاستقبال حالات متوقعة من أفراد العائلة المالكة الآخرين، والمقربين منهم، وذلك بعد إعلان “حالة تأهب قصوى” داخلية كان قد أرسلها مسؤولو المستشفى إلى العاملين.
وكان قد أرسل المسؤولون القائمون على مستشفى الملك فيصل التخصصي الرسالة الآتية: “على العاملين الاستعداد لاستقبال شخصيات مهمة (VIP) من أنحاء مختلفة من المملكة”، وقد تم إرسال هذه الرسالة إلكترونيًا ليلة الثلاثاء إلى الأطباء الكبار في المستشفى، وقد حصلت صحيفة نيويورك تايمز على نسخة منها.
كما جاء في الرسالة: “إننا لا نعرف عدد الحالات المتوقع دخولها، ولكننا الآن في حالة تأهب قصوى”.
وقد ذكرت الرسالة أن “جميع المرضى المزمنين سيتم ترحيلهم من المستشفى في أسرع وقت ممكن”، وأنه سيتم قبول “الحالات الحرجة جداً فقط”.
وذكرت الرسالة أيضاً أن أي موظف مريض من المستشفى سيتم معالجته حالياً في مستشفى آخر أقل درجة؛ من أجل إفساح المجال للعائلة المالكة.
وعمومًا، فإنه وبعد أكثر من ستة أسابيع على إعلان السعودية اكتشاف حالتها الأولى من فيروس كورونا، فقد قام هذا الأخير ببث الرعب في قلب الأسرة المالكة في السعودية.
وبحسب شخص مقرب من العائلة، فإن هناك ما يقرب من 150 عضوًا من العائلة المالكة قد أصيبوا بالفيروس، بما في ذلك أفراد في فروعها الأقل درجة.
وقد قام الملك سلمان (84 سنة) في سياق احتياطات السلامة بالحجر على نفسه في قصر يقع على جزيرة بالقرب من مدينة جدة الواقعة على البحر الأحمر، بينما انعزل ابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (34 سنة) -الذي يعد الحاكم الفعلي للبلاد- مع العديد من وزرائه إلى موقع بعيد على الساحل نفسه الذي وعد ببناء مدينة مستقبلية فيه باسم “نيوم”.
وأيًّا يكن، فإنه بعد دخول رئيس الوزراء البريطاني هذا الأسبوع إلى المستشفى، ووفاة عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين الشهر الماضي، فإن إصابة عائلة آل سعود الملكية تعتبر أحدث دليل على عدم تفريق الوباء بين أحد؛ فالفيروس يصيب أغنى الأمراء، وأفقر العمال المهاجرين دون تمييز على الأقل، حتى اللحظة التي يبدؤون فيها بطلب الفحص أو العلاج.
ورغم ذلك، فدخول المرض إلى العائلة المالكة قد يُوجِّه ضوءًا جديدًا على الدافع وراء سرعة وحجم استجابة السعودية لإرهاصات الوباء.
فقد بدأ حكامها في تقييد السفر إليها (أي المملكة العربية السعودية) وعَلَّقوا العمرة إلى الأماكن المقدسة الإسلامية في مكة والمدينة، وذلك حتى قبل أن تعلن السعودية عن حالتها الأولى في 2 مارس/آذار.
وقد أوقفت السلطات السعودية الآن جميع الرحلات الجوية والبرية من وإلى أراضيها، وأغلقت الحدود بين المحافظات الداخلية. لقد وضعوا جميع مدنهم الكبرى في حظر حازم على مدار 24 ساعة؛ مما يسمح فقط بتحركات قصيرة إلى أقرب متجر أو بقالة أو صيدلية.
وأشاروا إلى أنه من المحتمل أن يتم إلغاء الحج السنوي المقرر لهذا الصيف، وهو أحد أركان العقيدة الإسلامية الذي يجذب 2.5 مليون مسلم للحج إلى مكة المكرمة، على أنَّ الحج كان يتم كل عام دون انقطاع منذ عام 1798، وهو العام الذي غزا فيه نابليون مصر.
وقد قال كريستيان كوتس أولريتشسن الأستاذ في جامعة رايس الذي يُدرس في السعودية: “إذا وصل الوباء إلى العائلة المالكة؛ فإن ذلك سيغدو لحظة فارقة”.
وقد سجلت السعودية -التي تعتبر أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم- حتى الآن 41 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا، و2795 حالة إصابة مؤكدة. ولكن في أثناء مناشدة السكان بالبقاء في منازلهم، حذر مسؤولو الصحة السعوديون يوم الثلاثاء من أن الوباء قد بدأ عندهم للتو.
وقال وزير الصحة توفيق الربيعة، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية، إن عدد الإصابات خلال الأسابيع القليلة المقبلة “سيتراوح على الأقل بين 10 آلاف و200 ألف إصابة على أبعد تقدير”.
وفي المحصلة، فإنه يستحيل تحديد مدى انتشار الفيروس بالفعل داخل السعودية. وكما هو الحال في العديد من الدول، لم تتمكن المملكة العربية السعودية إلا من إجراء عدد محدود فقط من الاختبارات، ويعمل مختبرها الطبي الرئيسي على مدار الساعة في محاولة لمواكبة الطلب.
وقد قالت جوانا جاينز عالمة الأوبئة في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، والتي تعمل مع الحكومة السعودية كجزء من برنامج تدريبي طويل الأمد، في مقابلة لها من الرياض: “لقد كان هذا تحديًا للجميع، والسعودية ليست استثناءً من الحال”.
علمًا بأن المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن لم يرد على طلب للتعليق بهذا الخصوص.
وقد أكد طبيبان لهما صلات بالمستشفى الراقي، وشخصان قريبان من العائلة المالكة إصابة أمير الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود، وخضوعه للعلاج. إن الضابط عسكري السابق والذي يعتقد أنه في أواخر السبعينيات من عمره ، وبصفته أمير الرياض، عاصمة المملكة، شغل الأمير فيصل وظيفة كان قد شغلها سابقاً نجل مفضل للملك السابق عبد الله، ومن قبلهما وقتذاك الملك الحالي سلمان نفسه.
وبحسب أطباء وأشخاص مقربين من العائلة المالكة التي تضم آلاف الأمراء، فإن الكثير من الأمراء يسافرون بشكل روتيني إلى أوروبا. ويعتقد الأطباء أن بعضهم قد عاد من هناك، وأحضر معه الفيروس.
إن أول حالة أعلنت عنها المملكة كانت لسعودي عاد إلى بلاده بعد زيارته إيرانَ التي تعد المركز الإقليمي للفيروس. وبعد الكشف عن عدد قليل من الحالات المماثلة، أغلقت السلطات السعودية مناطق في المنطقة الشرقية للمملكة التي يسكنها العديد من أبناء الأقلية الشيعية التي يُرجَّح أن بعضهم قد قام بزيارة الأماكن المقدسة الشيعية والمعاهد الدينية في إيران.
وقد أفاد ثلاثة أطباء على صلة بالمستشفيات في المملكة أن أكبر تفشٍّ للفيروس كانت بين غير السعوديين. ويشكل العمال المهاجرون من جنوب شرق آسيا أو الدول العربية الأكثر فقراً حوالي ثلث سكان المملكة البالغ تعدادها حوالي 33 مليون نسمة. حيث يعيش معظمهم بازدحام في معسكرات كبيرة خارج المدن الكبرى، وينام العديد منهم في غرفة واحدة، ويركبون إلى العمل الحافلات المزدحمة، وهي الظروف المثالية لانتقال الفيروس.
كما أن هؤلاء العمال لم يعودوا قادرين على العودة إلى ديارهم الآن بعد أن تم حظر السفر الجوي، والكثير منهم لديهم إمكانية وصول محدود للرعاية الصحية. وقد علق بهذا الصدد ستيفن هيرتوغ الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد، والذي يُدرِّس في السعودية، بأن “أصحاب العمل مطالبون ظاهريًا بتوفير تغطية صحية خاصة لعمالهم الأجانب، لكن القواعد نادراً ما تُطبق”.
وقد قال العديد من الأطباء في المملكة العربية السعودية، أو الذين تربطهم علاقات بمستشفياتها، إن أكبر تفشٍّ في السعودية حتى الآن تقع في أحياء فقيرة واسعة حول مكة والمدينة. فهي موطن لمئات الآلاف من المسلمين ذي الأصول الإفريقية، أو من جنوب شرق آسيا الذين خالف آباؤهم أو أجدادهم تأشيرات الحج منذ عقود، وبقوا في المملكة.
ويشكل معظم أحفاد هؤلاء المهاجرين المولودين في المملكة العربية السعودية طبقة ذات درجة متدنية، وهي دائمة بدون وضع قانوني، وإمكانيتها للحصول على الرعاية الصحية أو الخدمات الحكومية الأخرى محدودة. ويعتقد أن هناك أكبر عدد من نسل اللاجئين من بورما، المعروفة اليوم باسم ميانمار، والذين وصلوا للمملكة قبل أكثر من 70 عامًا.
وفضلًا عن ذلك، فإن أي عامل مقيم بشكل دائم، أو عامل مهاجر بدون تأشيرة دخول سارية هو عرضة لخطر الترحيل؛ مما قد يَحْملهم على الإحجام عن طلب الرعاية.
وفي اعتراف واضح بالمشكلة، أصدر الملك سلمان مرسومًا في الأسبوع الماضي مفاده أن الحكومة ستوفر الآن العلاج لأي أجنبي مصاب بفيروس كورونا، بصرف النظر عن وضع التأشيرة، أو حالة الإقامة.
وقد علق الدكتور جاينز من مراكز السيطرة على الأمراض على المرسوم الملكي: “لقد كانت خطوة ذكية للغاية في الأساس أن تقول هذا، إذا كنت مريضًا الآن، أو تعتقد أنك ربما قد كنت مريضًا في السابق، فيرجى التقدم والإعلام عن ذلك. إن هذه الخطوة ستزيل الدافع الذي قد يدعو الناس إلى إخفاء الإصابة، فلا يتم تشخيصهم، وأنت لا تدرك الخطر الكامن من تحت قدميك!”.