عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
أمس اتصلت الرئيس أبو مازن لأستمع لهذا الصمود الأسطوري الفلسطيني وهو يتأكد ويتكرر ويتنوع في مواجهة الاحتلال، حيث أضيف إلى ذلك “وباء الكورونا”، و حيث أصبح الاحتلال الاسرائيلي مصدّر رئيسي لهذا الوباء إلى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية بأشكال مختلفة..
حين كنت أقلق و أحتاج لمزيد من رفع المعنويات عن أشكال المقاومة التي يقودها الرئيس محمود عباس، كنت أتصل لأسمع بنفسي..
ففي الأمس ظهراً حوالي الساعة الواحدة والنصف، أجريت اتصالاً مع مقسم الرئاسة الفلسطينية، وقد ردت علي سكرتيرة الرئيس، وطلبت أن أكلم سيادته، فأمهلتني دقيقة واحدة حتى سمعت صوت الرئيس يتحدث ويقول: “ما زلنا نقاوم هجمة جديدة ..الاحتلال يصدر الوباء عبر العمال الفلسطينيين العائدين إلى بيوتهم و قراهم والذين لا يسمح لهم بالمبيت، لقد وجدنا الكثير منهم يحمل المرض، وتواصل كل كوادرنا العمل الدؤوب ليل نهار بفحص الداخلين والذين يعودون من العمل عبر المعابر العديدة التي تربط مع الاحتلال”.
كان صوته واثقا ينفي الاشاعات المتطايرة بين الحين والآخر عن صحته، وهي إشاعات لم تتوقف، ولكنه مازال في مكتبه نهاراً وليلاً يمضى فيه معظم الوقت ويطلع على كافة التقارير، و يوجه العمل ويقول: مازلنا نختزن تجاربنا في الصمود، وما زلنا نمارس أحسن درجات التكافل بما يتيسر، ومازالت كل كوادرنا الصحية والامنية في خدمة مواطنينا والاحتلال لا يكف عنا، فإن وجد مريضا فلسطينياً ألقاه على حدود مداخلنا، بل ان المستوطنين في الخليل مارسوا اشكالاً من السادية و الجريمة البشعة حين كانوا يأذنون بنشر المرض ويعملون عليه..
شعبنا الذي خبر ذلك وخبر أزمات ومواقف سيخرج من هذه الازمة ظافراً..
وقال : لا أخفيك نحتاج الى أسبوعين هم امتحان عسير لإرادتنا وقدرتنا على مواجهة احتلالين .. الاحتلال الاسرائيلي المزمن والممتد منذ عقود، واحتلال الكورونا، وكلاهما نقاومهما بأشكال من الصمود الفلسطيني الذي يشهد به العالم..
كنت شخصيا والكلام لسيادة الرئيس ابو مازن قد طلبت من الساعات الأولى لانتشار المرض وقبل ان تعمم الأمم المتحدة من خلال منظمة الصحة العالمية على أنه جائحة بإغلاق الحدود مع الاحتلال ومع كل الجهات من فلسطين وإليها، وبدأنا وضع خطة نافذة في تعطيل المدارس والجامعات وحظر التجوال، وعملنا على توفير الأغذية والمتطلبات الرئيسة، كنا قد حجرنا على مدينة بيت لحم حجراً قوياً منع الدخول إليها أو الخروج منها، وقد استطعنا السيطرة على الوباء وقدمنا نموذجاً كنتم عملتم مثله في “اربد” بعد ذلك وقدمتم ايضاً نموذجاً لافتاً، وقد ذكرني كلام سيادة الرئيس ابو مازن بالنداء الذي وجهته السيدة “سهى عرفات” من الخارج تحيي أهل “اربد” في الحجر وتتمنى لهم السلامة، وتثني على الاجراءات الاردنية وايضاً على الاجراءات الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس في بيت لحم وعموم الارض الفلسطينية التي تديرها السلطة..
لقد كانت توجيهات الرئيس ابو مازن حازمة وحاسمة منذ اليوم الاول لقلق العالم من وباء الكورونا، وقد فاجأ الكثير من دول العالم في السبق باتخاذ الاجراءات المشددة، وخاصة تعطيل المدارس والجامعات ومنع التجمعات التي يمكن ان تصنع المخالطة وتوسع رقعة الوباء..
الرئيس ابو مازن الذي تحدث بثقة عن كوادره في عموم الشعب الفلسطيني، لم يشكو قلة الموارد وصعوبة الحال، فهذا أصبح معروفا، وقد توقف الفلسطينيون عن الشكوى منذ التزموا بالاعتماد على انفسهم في مقاومة أعتى احتلال لم تعرف البشرية مثيلاً له في العنصرية وإرهاب الدولة..
ما ذكره الرئيس لي في المكالمة الهاتفية ، أشاع الأمل والطمأنينة في قدرة شعبنا الفلسطيني على الصمود والتصدي ودفع البلاء، والإصرار على الحياة والعيش، ولم ينسى الرئيس في خضم مسؤولياته وحصار شعبه المستمر في الضفة والقطاع وعموم الارض الفلسطينية المحتلة أن يسأل ويستفسر عن الحال عندنا، وان يبلغ تحياته للعديد من اصدقائه هنا ممن ذكرت له اسماءهم وحرصهم على الاطمئنان على صحته، وعلى صمود شعبنا ومواجهته وقدرته على الاصطفاف في مقدمة شعوب العالم دفعا لهذا البلاء..
شعبنا الذي صمد منذ أكثر من مائة وخمسين سنة في مواجهة الغزوة الصهيونية حتى الآن سيواصل صموده وسينتصر، وسيبزغ عليه فجر الحرية مهما طال ظلام الاحتلال، ويبقى أن على المنظمات الدولية و دول العالم التي يشل الآن اقتصادها وامكانياتها الكبيرة، أن تتذكر ان الشعب الفلسطيني مازال تحت الاحتلال وانه محاصر منذ عقود وانه صامد ويقاوم ولم ييأس، في حين يأست أمم ودول واشتكت بمرارة ما حدث.
فالتحية للشعب الفلسطيني الصامد والمقاوم منذ “طاعون عمواس” وإلى طاعون الاحتلال الاسرائيلي، وآخر نسخة منه متمثلة في عنصرية نتنياهو وحكوماته ووصولاً الى اجتياح الكورونا الذي سيوقفه شعبنا بكفاءة تلفت الانتباه.