غانتس. …ما بين السذاجة …والشيزوفرينيا. .. ؟
د فوزي علي السمهوري
بداية أود التأكيد على أن جانتس المكلف بتشكيل حكومة أثبت بالدليل القاطع أنه ظل وتابع لمجرم الحرب نتنياهو وإن بدا للبعض غير ذلك إبان الفترات الإنتخابية.
جنون أم إنفصام شخصية ” ولو في البعد السياسي ” احاق بغانتس ؟
ذلك القرار الذي ألحق بل أسقط نفسه في بئر عميق ممتلئ بالتطرف والعنصرية” على فرض أنه كان غير ذلك ” مما أثار تساؤلات عن الدوافع وعن المكاسب ثم العبر لذلك ؟
أولا : الدوافع :
في قراءة للعوامل والدوافع التي تقف وراء قراره المفاجئ بالانقلاب والإنقضاض على ذاته وحلمه أن يكون رئيسا للوزراء وعلى برنامجه وشركاءه لا زالت مجهولة ولكن في قراءة تحليلية هناك بعض العوامل والدوافع منها :
● عدم الشعور بالثقة بقدرته على إدارة شؤون الكيان الصهيوني العدواني في مرحلة كورونا وما بعدها لما لها من تداعيات إقتصادية واجتماعية وثقافية على بنية المجتمعات في العالم وخاصة في الكيان الصهيوني الذي يتكون مجتمعه من خليط بشري لا يربط بينهم أي عنصر من العناصر الأساسية لمكونات الشعوب.
● عدم ثقته بمكونات حزبه أولا وبأضلاع حزب أزرق أبيض الذي ترأسه لدعم تشكيل حكومة بدعم من القائمة المشتركة حتى خط النهاية .
● للتنصل من التفاهمات الأولية مع القائمة المشتركة على قاعدة وخلفية عنصرية .
● خوفا من فتح ملفات فساد قد يكون متورطا بها وفقا لوسائل إعلام صهيونية أشارت إليها بفترة سابقة ليوم الإنتخاب.
● نموذجا للانتهازية متخذا من نتنياهو قدوة على امل تحقيق سراب بوراثة قيادة الليكود .
● إنصياعا لضغوط خارجية من قبل إدارة الرئيس الأمريكي ترامب التي لا ترى به شخصية قيادية قادر مؤهل للمشاركة بقيادة مشروعها إقليميا .
ثانيا : المكاسب :
لكل فعل وقرار هناك طرفين رابح وخاسر .
الطرف الرابح :
هناك فقط شخصين رابحين وهما
الأول : نتنياهو —
— إستمرار تربعه على مقعد رئاسة الوزراء يعني الإفلات من محاكمته بقضايا الفساد المتهم بها وتأجيل مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم إرتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني .
— إحكام قيادته وسيطرته على مفاصل الحياة السياسية لفترة قادمة قد تطول وقد تقوده إلى” رئاسة الدولة ” وعندئذ لن تكون فترة رئاسة رمزية .
الثاني : الرئيس ترامب —
— نجاح حليفه الوحيد في العالم بعد بدء إنفكاك الدول الحليفة تاريخيا وخاصة من دول الإتحاد الأوروبي عل هذا النجاح لنتنياهو يدعم حملته الانتخابية لدورة رئاسية ثانية تتمكن خلالها القوى الداعمة تحقيق أهدافها وبرامجها التي لن ترى النور في حال نجاح الحزب الديمقراطي بإيصال مرشحه لموقع الرئاسة .
— إستخدام الكيان الصهيوني كاداة بل سلاح لتهديد وابتزاز دول عربية قد تبدأ او تفكر بالإنفكاك عن الهيمنة الترامبية وتتجه نحو القطب العالمي الآخر ويرى في نتنياهو بعقليته العدوانية الإرهابية ذلك السلاح.
ثالثا : العبر —
هناك عبر ومعان تقف وراء دعم غانتس لإستمرار قيادة نتنياهو لتكتل يمثل رمزا للإرهاب والعنصرية والتطرف :
▪ ان المصلحة الشخصية في الكيان الصهيوني تعلو على ما غيرها فلا مبادئ ولا أفكار تسمو على المصلحة الآنية الذاتية لنتنياهو ولغانتس وللقوى المناهضة لاحترام ميثاق الأمم المتحدة.
▪مصالح القوى المتغطرسة التي لا تؤمن إلا بلغة القوة أساس للتعامل مع دول العالم وإدارة ترامب على رأسها .
▪القوى التي تخطط لفرض نظام عالمي جديد قائم على فرض أمر واقع ناجم عن استخدام القوة العسكرية وما تعنيه من تقويض لمبادئ الأمم المتحدة بترسيخ الامن والسلم الدوليين التي أسست عليها ولو من بعد نظري .
إذن وبناءا على ما تقدم فإن قرار غانتس بدعم نتنياهو لدرجة إنصهاره مع غلاة العنصرية والارهاب ضمن حكومة عنوانها وإستراتيجيتها الفكرية والعملية مبنية على شن الحروب العدوانية وإرتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية يعكس :
• سذاجته السياسية وترجمة لما يعانيه من إنفصام شخصية “شيزوفرينيا ” ببعديها السياسي والأخلاقي .
• خنوعه لقوى نجحت بتطويع تركيبته الساذجة واستخدامه ورقة في مشروع يقوده نتنياهو خدمة لمصالح شخصية قبل كونها تجسيد لأهداف الحركة الصهيونية التوسعية.
• ترسيخ للقناعات والإنطباعات السائدة لدى دول وقطاعات واسعة عالميا بغياب الثقة بالقيادات الصهيونية وعدم الإخلاص والنكث بالعهود والالتزامات التي تترتب عليهم وما قرار غانتس ” كنموذج جديد ” التنصل من وعوده والتزاماته إتجاه حلفاءه من القوى الصهيونية إلا دليل على ذلك مقتديا بمن سبقه من قادة الحركة الصهيونية التي قادت الكيان منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 والتي لم تحترم يوما إتفاقا ابرمته ثنائيا او دوليا وما التنصل من تنفيذ الالتزامات المترتبة عليهم وفق بنود اتفاق أوسلو الموقع مع منظمة التحرير الفلسطينية وبنود المعاهدة الأردنية الإسرائيلية ورفض تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة بجمعيتها العامة ومجلس الأمن إلا دليل على طبيعتهم الفطرية السادية ونقض العهود. ….؟ !
أما الحرية و العدالة والسلم الإقليمي والدولي والتي تمثل قضية الشعب الفلسطيني الذي يرزخ تحت وطأة الاحتلال عنوانها فهي الطرف الخاسر الأكبر ….
فهل سنسمع صوتا إقليمياً ودولياً ينتصر لنفسه دفاعا عن وجوده وقيمه……. أمام مشروع وغلو وعنجهية نتنياهو وداعميه …..؟