كما كل مرة يثبت أهلنا في الداخل الفلسطيني أنهم ملح هذه الأرض ، والرقم الصعب في صراعنا مع الإحتلال ، والنموذج المشرف في العمل الوطني والوحدوي ، وحماة الهوية والأرض .
من هنا لم تكن نتائج القائمة المشتركة في الانتخابات الاخيرة صادمة بالنسبة لنا لأن الرهان على أبناء شعبنا في الداخل دائما رهان كاسب ، أثبتوا وما زالوا يثبتوا أنهم على قدر المسؤولية والثقة والفخر ليس فقط فيما يتعلق بالانتخابات ونتائجها وإنما بقضايا متعددة سنثير عدد منها في هذا المقال .
لقد سطر أهلنا في الداخل نموذجا مشرفا في العمل الوحدوي وتغليب المصلحة العامة على أي مصالح ضيقة ليشكلوا نموذجا يحتذى به ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما على المستوى الإقليمي والعالمي ابتداء بتأسيسهم لجنة المتابعة العليا التي جمعت كافة الأحزاب والهيئات العاملة في الداخل باختلاف مشاربها الفكرية والتخصصية . وبعدها حين توحدوا في قائمة انتخابية واحدة وبشكل يبعث الفخر والاعتزاز من جهة ويثير الجدل من جهة أخرى فكيف يمكن أن يبنى تحالفا بين حزب يساري شيوعي مع حركة اسلامية داخل مجتمع عربي مثقل بالتحديات والاستهداف الدائم بهدف إضعافه وتعذية الافات بداخله .
كذلك استطاع اهلنا في الداخل الفلسطيني والذين صمودا ورابطوا على أرضهم منذ النكبة أن يتضاعفوا مرات ومرات ويزدادوا عددا ونوعا ليشكلوا اليوم أكثر من 20% بالمئة من سكان الأرض المحتلة عام 1948 ،وليستطيعوا بعد هذه السنوات الطويلة أن يسجلوا أعلى نسبة تصويت منذ عام 1949 مما يثبت للجميع أننا أمام مجتمع متماسك ، مجتمع حضاري ومثقف بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لم يكتف أهلنا في الداخل بذلك بل تحدوا كل التجارب السابقة في العالم ، وتحدوا كل علماء الهوية والثقافة والاجتماع وحققوا ما يشبه المعجزة حين صوت أكثر من 92%من المجتمع إلى القائمة العربية المشتركة رغم كل محاولات الاحتلال تهويد ثقافتهم وأسرلة هويتهم وطمس شخصيتهم ومكانتهم .
وعلى صعيد آخر لم يكتف أهلنا في الداخل الفلسطيني بإثبات جدارتهم على مستوى الصمود والتكاثر والانتماء لمجتمعهم العربي وتحقيق نتائج مشرفة في الانتخابات تجعل منهم كيانا وقوة مؤثرة تعطل تفشي اليمين والعنصرية والارهاب وتعطل مبدأ ومخطط يهودية الدولة . بل استمروا في تحقيق الانجازات على المستوى النوعي ايضا فتجدهم يسيطرون على إدارة القطاع الصحي في دولة الإحتلال ويرفعون نسبة حضورهم بشكل كبير في الجامعات وخاصة في جامعة مثل( التخنيون) التي تحتاج إلى قدرات خاصة للنجاح والتقدم في برامجها وغير ذلك كثير من النماذج التي أصبح أهلنا في الداخل يشكلون فيها رقما صعبا .
أيها الفلسطينيات والفلسطينيون الصامدون في الجليل والمثلث والنقب ، أيها الفلسطينيات والفلسطينيون الشامخون على جبال الكرمل وبين أزقة أسوار عكا أيها الفلسطينيون الحالمون على أنغام أجراس كنسية البشارة في ناصرة الجليل وعلى هدير أمواج بحر يافا أيها الثابتون حماة لرمال صحراء النقب ، أنتم ملح هذه الأرض وشعب الجبارين وأصل الحكاية وعنوان الأمل ورمز الإرادة نفتخر ونعتز بكم .
نفتخر ونعتز بكم يا من حافظتم على عروبة الجليل والمثلث والنقب .
نفتخر ونعتز بكم يا من حافظتم على امتداد ووجود الشعب الفلسطيني على أرضه .
نفتخر ونعتز بكم يا من أصبحتم رقما صعبا ومجتمعا متماسكا وقويا .
صحيح أنهم يحاولون هدم إنجازاتكم ، وتهجير ابنائكم وإغراق مجتمعكم بالآفات والجريمة وقتل أحلامكم وطموحاتكم إلا أنكم أقوى من كل المؤامرات والتحديات .
تمسكوا بوحدتكم وحافظوا على ثوابتكم ولا تتركوا أي مساحة يتسسل منها من يتربص بكم ويحاول إثارة النزاعات بينكم ولا تلتفتوا لأي مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة .
كلما زادت قوتكم زادت قوتنا في مواجهة الظلم والأرهاب والاعتداءات المستمرة على أهلكم في الضفة وغزة .
حافظوا على هويتكم وقيمكم كما عرفناكم في بناء أجيال حرة وواعية وطموحة وقادرة على التميز الفكري والعلمي والمهني .
إن سر نجاحكم وصمودكم هو إرادتكم الصلبة وفكركم المنفتح ووحدتكم الراسخة وإيمانكم بأنكم أصحاب الأرض الأصليين وحدكم دون غيركم .
لقد فهم أهلنا في الداخل الفلسطيني المعادلة جيدة ، وهي أن وحدتهم وتماسكهم هما سر نهوضهم وصمودهم فهموا تماما أن الاحتلال يسعى لاقتلاعهم من الجذور أو اقتلاع هويتهم من جذورهم فكان الرد واضحا وثابتا ومتناميا بأننا باقون ما بقي الزعتر والزيتون ، ولعل السؤال الأهم متى سنتعلم ونقتدي بهذه التجربة خاصة على مستوى إنهاء الانقسام والتسلح بالوحدة الوطنية نحو بناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .