عروبة الإخباري – اعتبرت صحيفة واشنطن بوست أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ “مذبحة الانتقام” في أعقاب نجاته من التصويت على عزله في مجلس الشيوخ الأمريكي، مضيفة أنّ “الأسوأ قادم”.
وقال الكاتب الصحفي الأمريكي ماكس بوت في مقال رأي بالصحيفة، إن ترامب نجا بالكاد في العامين الماضيين من الفضائح التي كان من المفترض أن تكون قد قضت على رئاسته، الأولى بعد أن كان تقرير المحقق مولر المحقق الخاص المكلف من قبل وزارة العدل الأمريكية للتحقيق في مزاعم تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية، أقل إثارة من المتوقع أو مبرر. والمرة الثانية بعد رفض مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون إدانته في تهمتين كانتا تفضيان الى عزله. وفي كل مرة كان يجب عليه محاكاة نموذج الرئيس بيل كلينتون عن طريق الاعتذار عن سلوكه، وطلب الصفح ومحاولة توحيد البلاد. لكن ترامب سعى إلى الانتقام بدلاً من المصالحة، وبلغت ذروتها في “مذبحة ليلة الجمعة” للشهود الذين شهدوا ضده.
وبدأت حملة ثأر ترامب في مأدبة إفطار الصلاة الوطنية يوم الخميس، حيث رفض ترامب نصيحة كاتب العمود آرثر بروكس، مرددا العظة التي تقول “أن تحب أعداءك”. وقال ترامب: “آرثر، لا أعرف ما إذا كنت أتفق معك”، ثم شرع في التشكيك في العقيدة الدينية للسناتور ميت رومني ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي. كان ذلك مجرد عملية تحضيرية لأدائه المختل في غرفة البيت الأبيض الشرقية: لقد شجب عملية الإقالة ووصفها بأنّها “شريرة” و”فاسدة” ووصف بيلوسي والنائب آدم شيف بأنهم أناس “خبثاء” و”بشعين”.
وشرع ترامب يوم الجمعة في طرد الملازم ألكساندر فيندمان، موظف مجلس الأمن القومي الذي أدلى بشهادته حول محاولات ترامب لابتزاز أوكرانيا للمساعدة في إعادة انتخابه. وتمّت مرافقة العسكري المخضرم في حرب العراق خارج أرض البيت الأبيض مع شقيقه التوأم الملازم يفجيني فيندمان، الذي كانت خطيئته الوحيدة مرتبطة بـ”حثالة الإنسانية”، كما وصفه ترامب بعد أن شهد ضده. وقام ترامب بطرد السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي جوردون سوندلاند، الذي شهد بأنّ هناك رهانًا يربط المساعدات العسكرية الأمريكية بأوكرانيا بالتحقيق في شركة تستخدم نجل نائب الرئيس السابق جو بايدن هنتر.
كما كان متوقعًا، لم يكن هناك رد عام على هذه القرارات من داخل الإدارة الأمريكية، لأن ترامب محاط الآن بـ”لا فقاريات سياسية”، في إشارة إلى المستشارين غير المؤهلين. ووافق وزير الخارجية مايك بومبيو على طرد سوندلاند مثلما وافق في الحملة الأكثر هجومية التي شنها محامي ترامب رودولف جولياني على استدعاء السفيرة ماري يوفانوفيتش سفيرة أمريكا في أوكرانيا، والتي تقاعدت في أواخر يناير. ولم يبذل مستشار الأمن القومي روبرت سي. أوبراين أي جهد لحماية بطل الحرب من ترامب، فليس هناك ما يشير إلى ذلك. وسخر أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مثل ماركو روبيو من فلوريدا بكل بساطة من ترامب.
ما حدث يوم الجمعة هو غوغائية لم تنته بعد. ويقال إنّ ترامب مهتم بطرد مايكل أتكينسون المفتش العام لمجتمع الاستخبارات، الذي قدم شكوى من عناصر الاستخبارات إلى الكونجرس. وطالب المبلغون عن المخالفات بالحصول على تفاصيل أمنية لأنّه قد لطخت من قبل الرئيس وأتباعه.
ويقال أيضا إنّ ترامب يخطط لمعاقبة رومني وشيف، عندما قال: “لم يدفع الثمن، حتى الآن، على ما فعله لبلدنا!” مثل هذا الكلام السام أدّى إلى تهديد بالقتل ضد شيف.
وبالطبع لا يزال ترامب يستهدف عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي وهم حسب ما أطلق عليهم يوم الخميس “حثالة كبيرة” والذين كانت لديهم الجرأة للتحقيق في علاقاته مع روسيا. ويجري التحقيق معهم الآن من قبل المدعي العام الذي اختاره.
أمّا السيناتور سوزان كولينز (آر مين)، فقد ادعى ترامب أنّها قد تعلمت درسا من الإقالة. واعترفت لاحقًا بأنّ هذا الكلام كان “طموحًا”- الوهم أشبه به- لأنّ الدرس الوحيد الذي تعلمه ترامب هو أنّ الجمهوريين سيسمحون له بالنجاة من أي تهمة.
ويختتم كاتب المقال بالقول: “لا يوجد أي مانع يقيد ترامب أو يوقفه… أخشى على مستقبل ديمقراطيتنا مع مثل هذا المتنمر الحاقد الذي يتمتع بسلطات رئاسية هائلة بأقل قدر من ضبط النفس. إنّه يقدم مثالاً على كل أولئك الذين كشفوا سوء سلوكه في الماضي للتأكد من أنّه يمكن أن يفلت من ارتكاب المزيد من الأخطاء في المستقبل”.