ما بين تطلعات غانتس في الرئاسة واصرار نتنياهو على متابعة الحكم يدخل الطرفان الى البيت الابيض بدعوة من الرئيس الامريكي وبمباردة من نائبه مايك بنس، من اجل إنهاء الرتوش الاخيرة من اعلان الخطة التنفيذية للسلام حيث تجري المفاوضات بين حزب الليكود وائتلاف ازرق ابيض ليس فقط على الحكومة الائتلافية القادمة بل وعلى برنامجها السياسي ايضا على اعتبارهما يمثلان جميع الاطراف وبيدهما كل الحلول ويمتلكان القرار فيما يشكل البيت الابيض شرعية القرار على اعتباره يمتلك شرعية النفوذ العالمي مبتعدين بذلك عن قرار الشعب الاسرائيلي صاحب الولاية الذى كان من المفترض ان يقول كلمته في الانتخابات القادمة اولا، قبل شرعنة ترامب لشكل الحكومة القادمة وبالتالي نتائج الانتخابات، فان التدخل في الانتخابات لا يكون من خلال المال فحسب بل يتأتى ايضا عبر نفوذ القوة من بيت القرار في واشنطن.
اذن واشنطن تستدير وتلتف حول نيويورك حيث من المفترض ان يكون بيت القرار الاممي، الذى تقف عليه الشرعية الدولية محولة بذلك بيت القرار الاممي الى واشنطن حيث البيت الابيض، وكانها بذلك تريد ان تفرض القرار بالقوة الاحادية وتجبر الجميع للالتزام بالقرار المتخذ في البيت الابيض، وهى بذلك انما لتسجل سابقة خطيرة على صعيد العمل الدبلوماسي على المستوى السياسي الاممي حيث يشكل مجلس الامن صاحب الولاية القانونية بذلك، لاسيما وان القانون الدولي وقراراته تشكل شرعية الاجماع الدولي والتي نصت قوانينه على حل الدولتين وعلى عروبة القدس ووصايتها الهاشمية.
فان صحت هذا التقديرات فان الانتخابات الاسرائيلية ستفقد اهميتها وتفتقد دسمها السياسي، وتصبح انتخابات بلا قرار كما كان من الفترض وتصبح انتخابات للاجراء واخراج ذلك المشهد الذى تم رسم سيناريو صورته في البيت الابيض، بين القوى الاسرائيلية في واشنطن، وبهذا تكون واشنطن قد التفت ايضا على الانتخابات الاسرائيلية وبيت القرار في تل ابيب بغية فرض تنفيذ برنامجها السياسي تجاه المنطقة وقضيتها المركزية بهذا تكون واشنطن قد انتقلت من دور الموجه او مطلق السياسات في الشرق الاوسط الى دور المقرر في مجريات الاحداث وهذا يعتبر تحولا كبيرا في السياسة الامريكية تجاه المنطقة.
عربيا، مازال الموقف الاردنى المؤيد اوروبيا يمثل ضمير ووجدان الامة، يناوء بالوسائل الدبلوماسية والسياسية فرض برنامج الحل الذي يراد فرضه، ويقوم جلالة الملك عبدالله الثاني بحراك دبلوماسي نشط من اجل اطلاق العملية التفاوضية من على ارضية الشرعية الدولية والاتفاقات البينية الموقعة، لكن هذه الجهود بحاجة الى التفاف عربى وتأييد أممي حتى يستقيم الحال، وتعود الامور الى ميزان نصابها، وكما بحاجة ايضا الى تأييد شعبي يناصر موقف الامة الذى يجسده الملك عبدالله.
فهلا خرجت الشعوب العربية والاسلامية وكل من يناصر صوت العدالة على حساب سوط القوة، من اجل كرامة الامة وقضيتها المركزية التي تشكل القدس عنوانها ومضمونها السياسي، هلا انتفضت الامة من اجل كرامتها بقول واحد وحال لسان جامع، هذا ما نرجوه بل وندعو اليه ليكون الحاضر في المشهد السياسي القادم، ويكون بمثابة الرد على القرارات التى تصدر عن البيت الابيض بهذا الخصوص.