عروبة الاخباري – سعى المصرف المركزي في لبنان إلى تنظيم “إجراءات” مشددة تفرضها المصارف منذ أشهر على العمليات النقدية وحركة الأموال في خضم انهيار اقتصادي متسارع تشهده البلاد، وفق ما أفاد مصدران مصرفيان.
وفي مذكرة أرسلها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لوزير المالية في التاسع من الشهر الحالي، وأكدها المصدران، قال إنه “يقتضي تنظيم هذه الإجراءات وتوحيدها بين المصارف بغية تطبيقها بشكل عادل ومتساو بين المودعين والعملاء جميعاً”.
وطلب منه “السعي لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة من قبل السلطة ذات الصلاحية لتكليف مصرف لبنان بالصلاحيات الاستثنائية اللازمة لإصدار الأنظمة المتعلقة” بذلك.
وفي وقت لاحق، أكد سلامة أن “تدخل المصرف المركزي بموافقة الدولة سيوفر الغطاء القانوني لهذه التدابير. المذكرة الموجهة إلى رئيس الوزراء ووزير المالية تسعى لتنسيق العلاقة بين العملاء وبنوكهم”.
وأضاف “لا ينوي البنك المركزي استخدام التفويض الذي قد تمنحه السلطة السياسية لإدخال تدابير جديدة”.
وتابع سلامة “ستواصل البنوك العمل وفقا للنموذج الحالي بسبب الأزمة لكن البنك المركزي سيضمن معاملة جميع العملاء على قدم المساواة. وستواصل البنوك المدفوعات النقدية لعملائها حسب ما يتوفر لديها بالعملة المحلية والعملات الأجنبية”.
ولم يصدر أي رد من وزارة المالية حتى الآن.
ومنذ سبتمبر، تفرض المصارف قيوداً على العمليات النقدية وسحب الأموال. وحاليا، بالكاد يتمكن زبائن غالبية المصارف من سحب مبالغ محدودة لا يصل سقفها إلى ألف دولار شهرياً. وكانت قبل مدة قصيرة، فرضت قيوداً أيضاً على سحب الليرة اللبنانية.
وبالإضافة إلى الحد من سحب الأموال داخلياً، تمنع المصارف التحويلات إلى الخارج. ولا يمكن للبناني المقيم في الخارج ويملك حسابات مصرفية في بلده الأم سوى الاستفادة من مبالغ مالية محدودة.
وأوضح المحامي علي عباس، الناشط في الحراك الشعبي، لفرانس برس أن “القيود المصرفية الحالية أمر واقع لا تستند إلى أي نص قانوني”، مشيراً إلى دعاوى عدةّ تقدم بها مودعين ضد المصارف لإلزامها تسليم ودائعها.
وقال مدير الأبحاث في بنك بيبلوس نسيب غبريل إن “المصرف المركزي يسعى إلى تعبئة الفراغ الناتج عن غياب إجراءات تشريعية وتنفيذية، وليس فرض إجراءات جديدة”.
وأوضح مصدر مصرفي لفرانس برس أن “الهدف (…) هو وضع معايير وتوجيهات عامة للعمليات المصرفية على أن تفرض على كافة المصارف”، مشيراً إلى أن من شأن ذلك منح ضوابط على رأس المال رسميا.
وتحولت المصارف خلال الأسابيع الماضية إلى مكان للصراخ والدموع ولإشكالات وصلت إلى حدّ التضارب بين الزبائن والموظفين.
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية هي الأسوأ وسط نقص حاد في السيولة وارتفاع أسعار المواد الأساسية، في وقت حذر البنك الدولي من ارتفاع معدل الفقر (ثلث اللبنانيين) إلى خمسين في المئة.
وفيما لا يزال سعر صرف الدولار محدداً رسمياً بـ1507 ليرات لبنانية، فإن السعر تخطى في السوق الموازية الـ2400.
وبموازاة ذلك، تشهد البلاد منذ أكتوبر احتجاجات اتخذت أشكالاً مختلفة ضد الطبقة السياسية كاملة التي يتهمها المتظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي.