عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
من الشخصيات المميزة المكرمة في احتفال سيدة الأرض في رام الله هذا الاسبوع، كانت اخصائية الطب البديل الدكتورة سهيلة بشوتي ابنة بلدة مجد الكريم الجليلة خلف الخط الأخضر، والتي رغم ما عاشته من مأساة انسانية عميقة بقصة زوجها وابنها البالغ 23 سنة، إلا أنها تماسكت وصعدت فوق معاناتها وواصلت حياتها التي انذرتها للعطاء في مجال تخصصها، وتحولت في حلّها وترحالها عبر مدن فلسطين التاريخية وقراها إلى “صيدلية متنقلة”، فهي تختزن في حقيبة يدها الثقيلة عشرات الوصفات الطارئة التي ربما تحتاجها في أي جلسة أو حوار أو مقابلة، حتى أنها في كثير من الأحيان تسأل جليسها حين تلاحظ عليه علامات فارقة، إن كان يشكو من شيء أو واجه مرضاً مزمناً .. بعض الأسئلة التي تهديها إلى حالة تشخيص لتستزيد منه المعرفة عن حالة، ولا تلبث ان تربطه بإحدى عياداتها الثلاث المنتشرة في منطقتها في “يرقا وسخين ومجد الكروم”، حيث تُعد مئات الوصفات المستخلصة من أعشاب اليفة وبرية محلية أو مستوردة غير المواد الآخرى الطبيعية المستخلصة.
أواني الطبخ والخلط والدمج والتصفية والتجفيف والترطيب والحفظ، كلّها جاهزة دائماً، وهي تتقن العرض والتغليف بحكم تخصصها الآخر المتعلق بالتصميم…
بنت مجد الكروم القادمة عائلتها اصلاً من شعب تحفتظ بشبكة علاقات واسعة، من مرضى عانوا امراضا مزمنة كالصدفية التي برعت في علاجها او من انواع السكري او قرحات المعدة وغيرها، وهي ترى في الطب البديل أنه الطب المناسب والملائم والإنساني، وأن الطب الآخر شيء تتحفظ على الكثير من معطياته، ولا تريد لمرضاها الذين يأسوا من علاجهم منه أن يواصلوا عليه، وعليهم ان يتوجهوا إلى الطب البديل وأن يدعوا استعماله الى أن يؤتي ثماره و يدخلوا به الى الشفاء…
جرى مناداتها وتكريمها في القاعة التي حضر إليها أكثر من ألف وخمسمائة مشارك، وكانت بين مكرمين من مختلف الإبداعات والنشاطات، ولكنها الوحيدة في مجالها الذي يعتبر أكثر التصاقا بحياة الناس، فما أن نزلت عن المسرح وهمت بالخروج حتى تدفق إليها المئات ممن أرادوا عنوانها ومساعدتها أو إلتقاط الصور معها…
و قد صرفت الوقت معهم ولم تسأل أحدهم أجرا أو حسابا، وإنما ارادت أن تخصص المشورة لعلاجهم، وأن تربطهم بما أبدعت من اختراعات وبراءات اختراع قيل أنها زادت عن مائتين، وأن بعضها قد سجل عالمياً، وأن الدورات التي تلقتها في الخارج قد مكنتها من كسب المعرفة، وأيضا تقديم المعرفة للذين استفادوا من خبرتها العملية ومن قدرتها على صناعه تراكيب مختلفة لتوليد الدواء الناجح.
في الأيام الأربعة التي كنّا فيها فريقاً من المتضامنين مع سيدة الأرض، وقد تجولنا في مدن فلسطين في شمال الضفة الغربية وجنوبها، كنت أراها تقدم الكثير وتعاود الإتصال بمن كانوا بحاجة إلى ادويتها ومعالجتها وأما تستمهلهم قليلاً حتى تعود إلى موقع عملهم او توصي أن يعد لهم الدواء فوراً.. وان كانت تستطيع أن تضع شيئاً سريعاً فلا تتردد، كانت توصي أن الليمون هو سيد الأدوية وتحتفظ بحبات منه تستقوي بها على حالات محددة…
بشوتي ترى أن الدواء والداء هو من الطعام أيضا، وكأنها قرأت المتنبي وهو يقول:
عدوك من صديقك مستفاد فلا تستكثرن من الصحاب
فإن الداء اكثر ما تراه يحول من الطعام او الشراب
فإن جالستها في غداء أو عشاء،.قالت لك: خذ من هذا ولا تأخذ هذا.. وخفف من هذا وأكثر من هذا.. ثم اردفت القول: معظم مشاكلنا من الأكل، فنحن لا نعرف ماذا علينا أن نأكل، وماذا علينا ان نترك، فإن عرفنا تمتعنا بصحة جيدة ورشاقة مناسبة.
وفي كثير من المرات قد أراها تترك طبق الأكل مليئا بعد أخذ معالق قليلة منه، وهي تبرر ذلك، في حين كانت تكثر من تعدد الوجيات الصغيرة التي تصل بها الى أربع او خمس مرات، حيث تقول دائما انا جائعة!!!
يبدو أن بشوتي شأن الكثيرين من دعاة الطب البديل، يأخذون على عاتقهم توسيع المؤمنين به والمدافعين عنهم، وهم أكثر حماسة له من أولئك الذين يحترفون الطب العادي او يتخصصون فيه، وهي ترى ان الطب الصيني وخاصة العلاج بالإبر الصينية والوخز هو امتداد لطبها البديل، وأن شعوب الطب البديل تعمر اكثر وتتمتع بصحة افضل حين لا يدخل اجسامها المواد الكيماوية، والطب مجهول مصادر التركيب للكثيرين من غير المختبرات الذي جعلت من الطب ثروات اشبه بثروات النفط ان لم يزد …
تكريم دكتورة الطب البديل سهيلة زيتون بشوتي
19
المقالة السابقة