بالرغم من أن بيان مجلس الجامعة العربية في دورته غير العادية لمناقشة آثار وتداعيات قرار البرازيل بفتح مكتب تجاري في القدس المحتلة له الصفة الدبلوماسية في خطوة قد تعد تمهيدية لاصدار قرار الإعتراف ونقل السفارة الى القدس باعتبارها “عاصمة للكيان الصهيوني العدواني” لم يخرج عن طبيعة البيانات الروتينية إلا أنه جاء الاكثر مخيبا لتطلعات وآمال الشعب العربي عامة والشعب الفلسطيني خاصة.
فالمواطن العربي تطلع ان يؤسس الاجتماع لمخرجات تمثل باكورة لمرحلة انتقالية تنتقل بالعمل العربي المشترك من مربع مجرد اللقاء لرفع العتب إلى مربع الفعل الذي يفرض قوته واحترامه على الساحة العالمية بعد ارتفاع وتيرة الاستقواء على عالمنا العربي من قبل الأطراف الضعيفة والقوية على حد سواء.
وهناك تساؤلات عديدة أهمها :
● لماذا إستمرار غياب استراتيجية التخطيط والفعل الجمعي عن توجهات القيادات العربية ولمصلحة من ؟
● لما تجاهل أن العمل القطري لم يعد مجديا وان الحاضر والمستقبل للعمل والتكتلات الكبرى والشواهد على ذلك عديدة ؟
● لما لا يتم البدء بالعمل المشترك وما تتطلبه من اتخاذ خطوات عملية متوافق عليها بالقضايا التي تشكل قاسما مشتركا لا خلاف ولا تباينات جوهرية حولها والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية عنوان ريادي لذلك ؟
● إلى متى الإستمرار في تهميش إن لم يكن إلغاء لغة المصالح في العلاقات الاقليمية والدولية بالرغم مما يمتلكه الوطن العربي من عوامل قوة لم يتم إستثمار أي منها للصالح القطري والقومي ؟
أسئلة تتردد وتدور في اذهان الملايين من الشعب العربي لعقود مضت موجهة بنفس الوقت إلى القيادات العربية مفادها :
▪ ألم يحن الوقت للتعامل مع دول العالم بلغة المصالح ؟
▪ وهل لهذه الدرجة بلغ الحال لاستباحة الأمن والاستقرار العربي الجمعي ؟
▪أو ليس قرار البرازيل بفتح المكتب التجاري في القدس عاصمة الدولة الفلسطينية والعاصمة الروحية للمسلمين والمسيحيين خطوة عدوانية تمثل تحديا سافرا للعرب شعبا وقيادة لما تحتله من مكانة دينية وتاريخية يصب في هذا الاتجاه ؟
لذا فإن البيان الختامي لا يمكن إعتباره رادعا للبرازيل ولا لغيرها بسبب خلوه من خطة عملية متدرجة تشكل إن انتصارا عمليا للحق الفلسطيني ورادعا للبرازيل وهذا ما يمكن ان يشكل عاملا حافزا لدول أخرى مغرقة في التبعية لإدارة الرئيس ترامب للسير على هذا النهج العدواني ليس فيما يتعلق بفلسطين وعاصمتها القدس فحسب بل بجميع القضايا والتحديات التي تمس ألامن والاستقرار والتنمية والمصالح القطرية والقومية للدول العربية الهامة وذات الثقل السياسي والاقتصادي والاستراتيجي.
الخطوة الأولى لرد الإعتبار للوطن العربي الكبير باقطاره تكمن باهمية الإيمان بأن لا بديل عن العمل الوحدوي المشترك منطلقين من :
—- إعتبار بيان الجامعة العربية إنذارا للبرازيل ” ولباقي الدول التي سبقتها ” سواء الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني الإرهابي أو نقل السفارة أو فتح مكاتب بعناوين مختلفة تحمل صفة دبلوماسية للتراجع عن قراراتها خلال مدة زمنية محددة.
—- في حال عدم الإستجابة لدعوة الغاء القرارات المبادرة إلى اتخاذ قرار بمقاطعة تلك الدولة اقتصاديا وتجاريا وما تعنيه من إلغاء العقود المبرمة معها بداية من البرازيل.
—- في حال عدم إيلاء العقوبات الاقتصادية أهمية على أمل أن لا يطول امد المقاطعة الإنتقال إلى الخطوة الثانية متمثلة بقطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية وكافة أشكال العلاقات مع تلك الدولة أو الدول.
كما أن هناك ايضا مسؤولية تقع على كاهل القوى السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني على إمتداد الوطن العربي الكبير للاضطلاع بدورها دفاعا عن القدس والقضايا العربية وذلك بان تبادر إلى الدعوة لتنظيم مقاطعة جماهيرية شاملة على الاصعدة السياسية والاقتصادية وغيرها بحق اي دولة تنحاز إلى الكيان الصهيوني العنصري العدواني وتتنكر لنضال الشعب الفلسطيني ولحقوقه الأساسية المكفولة دوليا وعلى رأسها حقه بالحرية و التحرر من نير الإحتلال والاستعمار الصهيوني الهمجي وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بإذن الله. …..؟ !
هذا هو السبيل لحماية الأمن والمصالح العربية على الساحة العالمية من موقع الفاعل…. وإلا فإن الاستقواء والنفوذ الإقليمي والدولي سيمتد ويتوسع دون رادع……..؟!
فهلا خطونا الخطوة الأولى…..؟
بيان الجامعة العربية. …مخيب للآمال ؟ د فوزي علي السمهوري
9